English

فريق لبناني يبتكر حلولاً تساعد في تحسين ظروف اللاجئين

English

فريق لبناني يبتكر حلولاً تساعد في تحسين ظروف اللاجئين
تعدّ الشركات الناشئة المحرّك الأبرز للابتكار في مجالات متنوعة. (الصورة من "بيكساباي")

تتزايد أهمّية الابتكار في قطاع العمل الإنساني إذ يسهم بتطوير وسائل تقديم المساعدة لكافة الفئات المتضرّرة من حول العالم. وقد شكّل الابتكار أحد المحاور الأربعة الأساسية التي تناولها "مؤتمر القمة العالمي للعمل الإنساني" World Humanitarian Summit في العام 2016.

ومع تزايد الأزمات والصراعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتفاقم الحاجة إلى الحلول التكنولوجية التي من شأنها أن تعزّز أساليب الاستجابة لحالات الطوارئ وتقديم المساعدة الفورية لكلٍّ من النازحين، واللاجئين، وطالبي اللجوء.

التحدّيات في مساعدة اللاجئين

وصل عدد النازحين في سوريا والعراق إلى 14.2 مليون في العام 2016، وعدد اللاجئين ضمن منطقة الشرق الأوسط إلى 5 ملايين. وقد تعاونت "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" UNHCR مع منظمات عالمية أخرى لإمداد هؤلاء اللاجئين بالخيام والطعام وملابس تحميهم من البرد القارس خلال أشهر الشتاء. كما خصّصت منظمة "الأمم المتحدة" UN، في العام الماضي، مبلغ 355 مليون دولار لتزويد عدد 4.6 مليون من اللاجئين والنازحين السوريين والعراقيين بالدعم الشامل واللازم خلال فصل الشتاء الممتدّ بين عامي 2016 و2017. وقد شمل هذا المبلغ تقديم مساعدات نقدية، ومواد إعانة لفصل الشتاء، وإضافة مواد عازلة للرطوبة والبرد عن الخيام، وأعمال هندسية في المخيمات شملت تحديداً تحسين أوضاع قنوات التصريف فيها.

ولكن مع غياب أي إشارات تحسّن في الاضطرابات السياسية في سوريا والعراق من جهة، وظهور ما يُعرف بتعب المانحين من جهة أخرى، قد لا تتمكن "الأمم المتحدة" من تقديم الدعم اللازم لعشرات آلاف اللاجئين والنازحين خلال شتاء 2017 – 2018 القادم. لذلك، توجّهت المنظمة وشركاؤها إلى الاستثمار في مشاريع ابتكارية تمكّنها من مساعدة عدد أكبر من اللاجئين وبتكاليف أقلّ.

نجاح ماراثون الأفكار

شارك مؤخراً مكتب "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" في بيروت برعاية ماراثون أفكار (هاكاثون) جمع طلاباً وهواة تكنولوجيا ومبتكرين ودعاهم إلى تصميم حلول تقنية للمشكلات التي يعانيها اللاجئون والمجتمعات التي تستقبلهم والمنظمات العالمية التي تحاول مساعدتهم.

"كويك سنس" تساعد "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".
(الصورة من صفحة "كويك سنس" على"فايسبوك")

في ماراثون الأفكار هذا، عمل فريقٌ من أربعة أشخاص أطلق على نفسه اسم "كويك سنس" KwikSense على ابتكار منصّة استشعار بنموذج "التوصيل والتشغيل" plug-and-play تقيس الظروف المعيشية داخل أيّ منزل في العالم  بدقة وسرعة.

ضمّ الفريق المؤسِّس كلّاً من جورج نجّار، وحسن سالم، ومروان غملوش، وريّان زعتري، إضافةً إلى مهندس الأجهزة والمعدّات سلوان علوان. صمّم الفريق وسيلةً تسمح بالاطّلاع الفوري على درجة الحرارة داخل مخيّمات اللاجئين، وهو ابتكار يمكّن المفوضية من إعداد استراتيجيات التحضير لفصل الشتاء بناءً على معطيات واقعية.

وتهدف "كويك سنس" عموماً إلى تمكين منظمات التنمية والعمل الإنساني حول العالم من توظيف تكنولوجيا "إنترنت الأشياء" IoT واستخداماتها المتزايدة والمتطوّرة، في تحسين وسائل مساعدة المجتمعات الأشدّ عوزاً.

يرى نجار أنّ "قطاع إنترنت الأشياء يشهد نموّاً سريعاً وينضمّ إليه يوميّاً عددٌ كبيرٌ من المبتكرين. ونعتقد أنّ هذه التكنولوجيا توفّر فرصاً كبيرة لكلّ من يحاول تبسيطها للمستهلكين لكي يفهموها ويستفيدوا منها، ونحن إذ نؤمن بذلك نطلق على أنفسنا لقب ’ليغو إنترنت الأشياء‘ The Legos of IoT".

تسويق المنتج

قامت "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين" باختبار جهاز "كويك سنس" من أجل تقييم دقته وموثوقيته ودرجة أمانه في قياس الظروف المعيشية.

كخطوة أولى، وقّعت المفوّضية عقداً بقيمة 50 ألف دولار أميركي مع فريق العمل وطلبت منه نشر عشرة أجهزة تجريبية. وعلى الأثر، وزّع فريق عمل "كويك سنس" ستة أجهزة في ملاجئ سيئة الظروف ضمن منطقة المتن في جبل لبنان التي يصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى 1300 متر، فيما الأجهزة الأربعة المتبقية فوُزّعت ضمن مخيّمات غير رسمية في وادي البقاع. وفي حين اختارت المفوضية المواقع الخاضعة للاختبار بنفسها وتولّت تنسيق الزيارات وتعريف الأسر على البرنامج، استمرّت بالتواصل مع "كويك سنس" لقراءة البيانات التي التقطتها الأجهزة ومناقشة كيفية الاستفادة منها.

تضطلع بيانات "كويك سنس" بدور حيوي في إعداد "الأمم المتحدة" لاستراتيجيات المساعدة.

نجحت العملية التجريبية بإظهار أهمية جهاز "كويك سنس" بحسب نجّار الذي أضاف أنّ المفوضية وفريق العمل يتداولان حاليّاً مشروع نشر مئات الأجهزة الإضافية في الأسابيع المقبلة.  

يقول نجّار لـ"ومضة" إنّه قبل ظهور "كويك سنس" لم يكن بالإمكان الحصول على بيانات فورية حول درجات الحرارة والظروف المعيشية في مواقع معينة داخل مخيّمات اللاجئين. ويشرح أنّ "هذا الجهاز يزوّد منظمة الأمم المتحدة وشركاءها من المنظمات غير الحكومية ببيانات بالغة الأهمية تساعدها على توزيع خدماتها بشكل أفضل وأكثر فعالية، ولا سيّما في لبنان حيث يتطلّب فصل الشتاء إمداد النازحين بشكل مستمرّ بالمواد واللوازم التي تحميهم من البرد القارس".

والبيانات التي تجمعها أجهزة "كويك سنس" هذا العام، تسمح بتزويد مفوضية اللاجئين ببيانات كافية لتقييم حاجات اللاجئين لفصل الشتاء المقبل ووضع الخطط المالية اللازمة لهذه البرامج. تنفق المفوضية حالياً ملاييناً من الدولارات في إطار مساعدات نقدية تقدّمها إلى آلاف الأسر، وتعتمد بشكل خاص على الخرائط التي تبيّن مستوى الارتفاع عن سطح البحر في استراتيجية تقييم الحاجات. وابتكار "كويك سنس" سيساعدها على جمع المزيد من المعلومات الدقيقة التي تسمح لها بإنقاذ حياة الكثيرين وحمايتهم، إنّما بتكاليف أقلّ.

نموذج ابتكاري في مجال العمل الإنساني

لا تكفي المنظمات الإنسانية وحدها لمعالجة الصراعات الضارية حول العالم. بل لا بدّ من مساهمة الجهات المعنية التي تمتلك موارد مالية وتقنية متنوّعة لتطوير مجال العمل الإنساني وتمكينه من الاستدامة، وذلك بالتزازي مع توفير فرص النموّ لابتكاراتٍ مثل "كويك سنس".

ينوي فريق "كويك سنس" تأسيس شركةٍ خاصّةٍ به.

في هذا الإطار، يتطلّع نجّار وفريقه إلى تأسيس شركةٍ خاصّةٍ بهم بعد تحديد نموذج العمل: "ما زلنا نختبر عددا ًمن نماذج العمل، وستتّضح الصورة أمامنا بعد تحديد نوع العقد الذي سنتمكّن من مناقشته مع المفوضية بعد انتهاء البرنامج الاختباري".

يحرص فريق "كويك سنس" على اعتماد نموذج ترخيص البيانات في تسعير خدماته، ويعمل حاليّاً على تجميع بيانات وإنشاء لوحة قياس تخوّل العملاء المحتملين من تحليل المعلومات واستخراجها واستخدامها، مما قد يجعل من المنتج وحدةً متكاملة تسمح بتصميم حلول إنترنت الأشياء ونشرها وإدارتها.

يعزم نجّار بعد ذلك على نشر ما لا يقل عن 500 جهاز "كويك سنس" في أنحاء مختلفة من لبنان. أما بالنسبة للهدف الأكبر، فهو بحسب نجّار "تصميم منصة أجهزة استشعار قابلة للتكيّف ويمكنها قياس عددٍ كبيرٍ ومتنوّع من الظروف حول العالم وبشكلٍ فوري."

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.