English

السبيل للدخول إلى مصاف الشركات الناشئة الناجحة

السبيل للدخول إلى مصاف الشركات الناشئة الناجحة
الصورة عبر Shutterstock

يبدو المشهد العام للشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط مزدهراً وواعداً، حيث بدأ العديد من الأشخاص بترك وظائفهم الثابتة التي تدر دخلاً مرتفعاً للمغامرة بإرساء شركات ناشئة خاصة بهم بهدف إما انتاج بضائع أو تقديم خدمات تتسم بالابتكار.  إلا أن غالبية الشركات الناشئة لا يٌكتب لها النجاح في مسيرتها. وتقدم لنا مي الحبشي من خلال السطور التالية الطريقة المٌثلى للتغلب على الصعاب التي تواجه تلك الشركات الناشئة.

لقد زادت عمليات تمويل الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2018 بنسبة 31% مقارنة بعام 2017، لتسجل صفقات المشروعات الناشئة في المنطقة رقماً قياسياً بلغ 366 مشروعاً. ووفقا لشركة ماغنيت MAGNiTT المتخصصة في البيانات والمتابعة للبيئة الحاضنة للشركات الناشئة، فإن قيمة إجمالي استثمارات هذه المشروعات قد بلغ 893 مليون دولار.

ولكن مع نمو البيئة الحاضنة للمشروعات الناشئة في المنطقة، تطل علينا حقيقة مؤسفة متمثلة في أن تسع من أصل عشر شركات ناشئة تتعرض للفشل. على الرغم من هذه الحقيقة القاتمة، إلا أنه يجب على رواد الأعمال أن يكونوا على دراية بها قبل البدء في مشروعاتهم.

والسؤال هو: كيف يمكن لرواد الأعمال بناء شركات ناشئة يٌكتب لها النجاح؟

اختيار فريق العمل المناسب

يُعد توفر فريق العمل المناسب أحد أهم عوامل نجاح الشركات الناشئة، الأمر الذي لا يعيره عادة رواد الأعمال الاهتمام الكافي.

ويُشير مدير حاضنة وتسريع نمو الأعمال "أيه. يو. سي. فينتشر لاب" AUC Venture Lab بالجامعة الأمريكية بالقاهرة د/أيمن اسماعيل: "إنه عند البدء في إرساء شركة، يتخذ رواد الأعمال الكثير من القرارات، التي من شأنها صياغة شكل شركاتهم وتحديد مسيرتها، مثل الاهتمام باختيار فريق العمل ورسم ملامح الثقافة المراد اتباعها. وعلى الرغم من أهمية هذه العوامل، إلا أنهم عادة لا يدركون مدى تأثير تلك القرارات على مشروعاتهم."

وينصح د/أيمن اسماعيل رواد الأعمال بأن لا يختاروا فريق عمل يمتلك أفراده المهارات والخبرات فحسب، بل يجب أن يكون فريقاً منسجماً ويتحلى بروح العمل الجماعي.

وهنا يؤكد د/أيمن: " هذا هو العامل الأكثر أهمية بالنسبة لشركة ناشئة."

وتتفق مع هذا الرأي دينا الشنوفي الرئيس التنفيذي للاستثمار في "فلات6لابز" Flat6Labs، وهي شركة إقليمية لتسريع نمو الأعمال متواجدة في القاهرة، حيث أشارت قائلة: "إننا لا نستثمر في الشركات، ولكننا نستثمر في الأفراد. في بعض الأحيان، قد تكون فكرة الشركة الناشئة متواضعة، لكننا نستثمر في فريق العمل، لأننا نؤمن بأن لديهم القدرة على تحويل مسار المشروع ليحقق النجاح المأمول."

مشروع يركز على تلبية احتياجات العميل

ليس سرا أن أي مشروع جديد يعمل على تقديم منتجات أو خدمات يحتاجها العملاء. لكن، في بعض الأحيان نجد أن رواد الأعمال يكونوا متمسكين بفكرتهم، ويفشلون في جعلها تتكيف مع متطلبات السوق.

ويقول د/اسماعيل: "يحتاج رواد الأعمال أن يكونوا على دراية بتوجه ومتطلبات العملاء ليتمكنوا من تقديم ما يحتاجه العميل بالفعل. على رواد الأعمال استطلاع رأي العملاء ليس بسؤالهم إذا ما كانت تلقى إعجابهم فحسب. ولكن استطلاع الرأي يكون بمدى إعجابهم بالمنتج وبالسعر المعلن عنه والشكل المقدم به وبالطريقة المعروض بها."

وتؤكد دينا الشنوفي على هذا التوجه في العمل وتشجع الشركات الناشئة على القيام بعمل نماذج أولية ومنتجات قابلة للاستمرار باستغلال الحد الأدنى من متطلبات الإنتاج.

وتضيف دينا موضحةً: "إن القيام بهذه الخطوة سيساعد رواد الأعمال على جس نبض السوق ومعرفة المزيد عن العملاء واحتياجاتهم."

جذب الاستثمارات

إن توفير الاستثمارات اللازمة أمرا بالغ الأهمية في نجاح معظم الشركات الناشئة. ولكن ليست كل الشركات الناشئة بحاجة إلى الإستثمار التأسيسي أو رأس مال مخاطر في المراحل الأولى من العمل.

يعود د/اسماعيل ليشير إلى أن: "التمويل الشخصي هو المصدر الأول لتمويل المشروعات ليس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فحسب بل في كافة أنحاء العالم. وأصبح من المهم الاعتماد على استثمارات سواء برأس مال مخاطر من جانب كبار المستثمرين، أو من البنوك، أو غيرها من المصادر المشابهه للتمويل في حالة رغبة الشركات الناشئة في تحقيق نمو كبير في حجم أعمالها. وإن رغبت إحدى الشركات في النمو بمعدل مناسب لمواردها، فإن التمويل الشخصي هو النموذج الأكثر شيوعاً في هذه الحالة."

ولكن، إذا أرادت إحدى الشركات الناشئة الحصول على تمويل لمشروعها ينبغي عليها أن توضح للطرف الممول مدى احتياج السوق لمنتجاتها أو خدماتها.

وتلقي دينا الشنوفي الضوء على هذا الأمر فتقول: " يتعين على أصحاب الشركات الناشئة في حالة الرغبة في الحصول على تمويل توضيح مدى جاذبية منتجاتهم، وأن مشروعاتهم تسير بمعدل نمو حقيقي. ويخلط الكثير من رواد الأعمال بين الأرقام العامة والإيرادات المحققة، لكن الأهم هو توضيح مدى الإقبال وزيادة الطلب على المنتج في السوق."

ويلعب عامل الإبداع كذلك دوراً هاماً في الحصول على التمويل اللازم للاستثمار في الشركات الناشئة. وكلما كانت فكرة المشروع أكثر ابتكاراً، قلت مساحة التنافس أمامه عند طرحه في الأسواق.

ومن جانبه يقول د/اسماعيل: "هذا هو السبب الذي يجعل عامل الابتكار أمراً مثيراً للإهتمام، لأنه ببساطة ينقلك إلى مساحات جديدة في السوق وهي نقطة هامة بالنسبة للمستثمرين."

وهنا ترى دينا الشنوفي بأنه يتعين القيام بعرض الجوانب المميزة والمثيرة للإهتمام للمنتج، وهذه ميزة أخرى يبحث عنها المستثمرون.

وتطرح دينا الشنوفي عددا من التساؤلات الهامة: "هل لدى المشروع فرصة كبيرة للنمو، وهل يمتلك ميزة تنافسية في السوق؟ وهل من الصعب تكرار نفس التكنولوجيا المستخدمة في صناعة المنتج أو الخدمة المقدمة،أم أن لتلك التكنولوجيا حقوق حصرية يمتلكها كبار المصنعين؟ التعرف على هذه الإجابات هي التي تجعل أي شركة ناشئة شركة ذات مستقبل واعد."

على الرغم من الازدهار المتأخر الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيما يتعلق بعالم الشركات الناشئة، إلا أن البيئة الحاضنة لهذه المشروعات حققت نمواً متسارعاً على مدى السنوات الخمس الأخيرة. وأصبح رواد الأعمال الآن أكثر نضجاً وخبرةً، وأضحى المستثمرون أكثر ذكاءً ودرايةً بالأمر، وتظهر كل يوم مصادر جديدة لتمويل الشركات الناشئة، سواء كانت إستثمارات تأسيسية، أو رأس مال مخاطر.

وظهرت كذلك العديد من خدمات الدعم لرواد الأعمال أكثر من أي وقت مضى بداية من مساحات العمل المشترك وصولا إلى حاضنات الأعمال وبرامج مسّرعة للنمو. ولكن لا يزال أمام المنطقة طريقاً طويلاً قبل أن تصبح وادي سليكون آخر.

واختتم د/ اسماعيل حديثه قائلا:"إن سوق الشركات الناشئة في منطقتنا سوقاً مُجزأ. نحن بحاجة إلى النظر إلى المنطقة بصورة جماعية لمساعدة رواد الأعمال على الارتقاء بحجم أعمالهم. ومع ذلك، يتوفر لدينا منظومة قوية حاضنة للشركات الناشئة، وهي تنمو بثبات."

 

تمثل مبادرة "حوار الشرق الأوسط" منصة لتبادل الأفكار والتطلعات والابتكارات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، بهدف تحفيز وتشجيع الحوار الصريح والشفاف والبنّاء حول قضايا التنمية في المنطقة في وقتنا الحاضر.

وقد تم إطلاق مبادرة "حوار الشرق الأوسط" كجهد مشترك بين مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية ومؤسسة بيل ومليندا غيتس.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.