English

لاجئ سوري يبتكر تطبيقاً للشحن والخدمات البريدية

لاجئ سوري يبتكر تطبيقاً للشحن والخدمات البريدية
الصورة عبر حوار الشرق الأوسط

في بداية انطلاقها كانت شركة شيفر تستهدف الجالية السورية في دول الجوار لتقديم خدماتها، مثل: تركيا والعراق ومصر والمملكة العربية السعودية، ولكنها استطاعت أن تحقق انتشاراً واسعاً حيث بلغ عدد المستفيدين من خدمتها وتطبيقها المتاح على أنظمة تشغيل "أندرويد" و "آي.أو.إس." الى ما يقرب من 1000 عميل.

يقول أزهر المدني الشريك المؤسس لشركة "شيفر" والبالغ من العمر 30 عاماً: "لنفترض أنك سوف تسافر من بيروت إلى بغداد، فكل ما عليك فعله هو إنشاء حساب "مرسال" على تطبيقنا، وإدخال تاريخ سفرك وليكن في الشهر القادم وإبداء استعدادك لحمل وزن إضافي قدره 2 كيلو جرام، وإن كان هناك عميل يبحث في التطبيق عن "مرسال" لإرسال مستندات في نفس التاريخ ولنفس الوجهة فسوف يتواصل معك ويكون قد عثر على الشخص المناسب".

تعمل شركة "شيفر" حالياً كمؤسسة غير هادفة للربح حيث يتفق المرسال والعميل على السعر وطريقة الدفع فيما بينهما. وبمجرد اكتمال الإصدار الجديد من التطبيق في أكتوبر 2019، ستتوفر به إمكانيات دفع متنوعة ونظام تأكيد وملفات تعريف المستخدمين وخاصية التقييم بنظام الند للند. وسوف يشرف التطبيق على جميع عمليات التسليم ويتيح خدماته بلغات متعددة.

فقد إستخدم الى الآن 350 مرسال و650 عميل التطبيق وقاموا بنقل وثائقهم.  

قصة إنشاء الشركة

غادر أزهر المدني مسقط رأسه في حماة عام 2012 إثر نشوب الحرب الأهلية السورية، ليستقر بعدها في مدينة أربيل العراقية، وقد شارك في تأسيس "شيفر" بعد أن رُزق بابنته جوليا في أربيل عام 2016.

وتوجب على المدني الذي يعمل مهندساً للمشاريع إرسال عدة وثائق إلى بغداد ودمشق وحماة من أجل توثيق أوراق ميلاد ابنته بشكل رسمي، وقد استغرق الأمر عدة أسابيع لعدم وجود قنصلية سورية في إقليم كردستان العراق، وبلغت تكلفته حوالي 220 دولار، أي ثلث راتبه الشهري.

ويضيف أزهر المدني: "ثم جلست أتساءل، لماذا لا أجد مسافراً تكون وجهته الأساسية بغداد مثلاً، كي أرسل معه المستندات مقابل رسوم رمزية؟ ثم أنشأنا مجموعة واتساب تضم لاجئين ومهاجرين آخرين من حماة - ممن يعيشون في أربيل - قد يمكنهم المساعدة في تنسيق عمليات الشحن والتوصيل بهذه الطريقة بين العراق وسوريا. وكان أحد الأشخاص يكتب على المجموعة: سوف يسافر ابن عمي إلى مدينة حماة الأسبوع المقبل، وعلى من يرغب في إرسال شيء معه، عليه أن يخبرني وسوف أعطيه رقم الهاتف للتواصل معه مباشرةً."

كانت تلك هي الفكرة التي دفعته في النهاية إلى وضع خطة عمل لمشروعه المعروف الآن باسم "شيفر"، والإشتراك في معسكر تدريبي لأصحاب الشركات الناشئة الذي أُقيم في بيروت، ثم الفوز بجائزة قيمتها 8000 دولار أمريكي من مؤتمر "سبارك إجنايت" SPARK Ignite الذي عُقد في نوفمبر 2018 بمدينة أمستردام الهولندية، وكذلك الفوز بجائزة "ابتكر من أجل اللاجئين" بقيمة 20 ألف دولار التي يقدمها منتدى MIT لريادة الأعمال الذي أُقيم في عمان بالأردن في شهر يناير /كانون الثاني الماضي.

ومن جانبه، قال يانيك دو بونت -مؤسس ومدير سبارك - في كلمته عند تسليم جائزة المؤتمر: "إن ريادة الأعمال هي الخيار الوحيد للاجئين إن أرادوا الحصول على حياة كريمة، ولأن الصراع من أجل البقاء هو من أهم العناصر التي يحتاجها رائد الأعمال. وإذا نجح اللاجئ وفي ظل ظروف حياتية صعبة أن يكتسب الطاقة والقدرة على التحمل، فهذا يمهد له سبل النجاح في طريق ريادة الأعمال."

انطلقت "شيفر" أولاً من مقرها في أربيل بالعراق، ثم انتقلت إلى مقرها الحالي في اسطنبول بتركيا وذلك بسبب التكلفة العالية التي يتطلبها تسجيل الشركات التجارية في العراق إضافةً إلى الصعوبات البيروقراطية التي لا تُحصي منها على سبيل المثال صعوبة فتح حساب مصرفي إذا كنت لاجئً سورياً.

ويوضح أزهر المدني، الذي أنهى عامه الأول من العمل بدوام كامل في "شيفر" مع شريكه رشيد المسلماني: "واجهتنا الكثير من العوائق التي حالت دون تأسيس الشركة، وحتى يومنا هذا لا توجد طريقة دفع متاحة في العراق يمكننا استخدامها، لذلك كان الخيار الأفضل هو الانتقال إلى تركيا كي نتمكن من توسيع نطاق أعمالنا."

وبمجرد توفير وإتاحة طرق للدفع، سوف تحدد "شيفر" أسعار خدماتها وفقاً لعدة معايير مثل: المسافة وسرعة التسليم ومدى صعوبة تسليم الطرد للمستخدم النهائي.

وتتمثل مسؤولية المرسال في تسليم المستندات للمستخدم النهائي شخصياً. وبعد إتمام عملية التسليم ينقر الطرفان على خيار "إتمام" في التطبيق، ليبدأ عملية الدفع للمرسال. واعتباراً من شهر أكتوبر القادم سوف تُحصل "شيفر" على عمولة تتراوح قيمتها ما بين 15 إلى 20% من المبلغ المدفوع.

إن إرسال المستندات من خلال "شيفر" تُكلّف أقل من نصف ثمن نفس الخدمة التي توفرها خدمات الشحن التقليدية، وهو ما سيجعل تلك الشركات تعيد التفكير في نماذج عملها على المدى الطويل في منطقة الشرق الأوسط. وبالرغم من هذا التوفير المالي الكبير، فإن الهدف الرئيسي لأزهر المدني هو تسهيل الأمور لهؤلاء "المنسيين". فوفقاً لإحصائيات اللجنة الفرعية للاجئين التابعة للبرلمان التركي هناك ما لا يقل عن 311,000 طفل من أصل سوري قد وُلدوا عديمي الجنسية في تركيا وحدها. سوف تسهم شركات ناشئة مثل "شيفر" في القضاء على هذه المشكلة.

 

تمثل مبادرة "حوار الشرق الأوسط" منصة لتبادل الأفكار والتطلعات والابتكارات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، بهدف تحفيز وتشجيع الحوار الصريح والشفاف والبنّاء حول قضايا التنمية في المنطقة في وقتنا الحاضر.

وقد تم إطلاق مبادرة "حوار الشرق الأوسط" كجهد مشترك بين مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية ومؤسسة بيل ومليندا غيتس.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.