English

الأسباب الكامنة وراء طفرة الشركات الناشئة في مصر

English

الأسباب الكامنة وراء طفرة الشركات الناشئة في مصر
Image courtesy of RiseUp

بالكاد يمر أسبوع واحد في مصر دون أن تعلن شركة ما عن جولة استثمارية بسبب تعزيز الدولة خلال السنوات القليلة الماضية لنشاطها الريادي، لتصبح أسرع أسواق الشركات الناشئة نموًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقًا لتقرير صادر عن شركة ماجنيت.

وبفضل انخفاض معدل التضخم وأن الاقتصاد في طريقه إلى الانتعاش، يكتسب المزيد من الناس الثقة في إنشاء مشاريع أعمالهم الخاصة.  

"لقد شهدنا الكثير من التغيير في بيئة ريادة الأعمال في مصر خلال العامين الماضيين. ونستشعر ذلك من عدد الطلبات المقدم الينا الذي يتضاعف بالإضافة الى نوعية رواد الأعمال الذين يتقدمون للانضمام إلى البرنامج،"  حسب ما تقوله ماري تيريز فام، الشريكة الإدارية في مسرّع Flat6Labs Egypt .

بعدد سكان يبلغ أكثر من 100 مليون نسمة، فإن السوق المصري لديه القدرة على أن يكون واحداً من أكثر الأسواق ربحية جاذباً انتباه المستثمرين وليس فقط الشركات الناشئة من المنطقة الأوسع.

يقول محمد حمزة ، المدير المساعد في AUC Venture Lab: "لقد شهدنا على مدار السنوات الثلاث الماضية المزيد من فرص الحصول على التمويل والمزيد من الاهتمام من المستثمرين العالميين للاستثمار في سوق ريادة الأعمال، إضافة إلى المبادرات الحكومية الداعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة. ولقد شهدنا وعيًا متزايدًا حول ريادة الأعمال من خلال عمل مختلف للشركاء الذين يظهرون على شاشات التلفاز في برامج متخصصة توجه الانتباه نحو الموضوع بالإضافة إلى إدراج تعليم ريادة الأعمال كمتطلب في عدد من الجامعات الحكومية."

يتزايد عدد شركات مشاريع رأس المال والمسرعات والحاضنات، مما يدل على اهتمام متزايد في ريادة الأعمال في مصر. في الواقع، ووفقًا لتقرير صادر عن المرصد العالمي لريادة الأعمال، الذي أصدرته الجامعة الأمريكية في كلية إدارة الأعمال في القاهرة في عام 2018 ، فإن 82 % من المصريين يرون أن رجال الأعمال الناجحين يتمتعون بمكانة اجتماعية عالية في حين يعتبر نحو 76 % من المصريين، معظمهم من الشباب، أن ريادة الأعمال هي خيار مهني جيد، مقارنة بمعدل عالمي يبلغ 61.6 %. علاوة على ذلك، أعرب 55.5 % من غير رواد الأعمال الذين شملهم الاستطلاع عن اهتمامهم بإنشاء مشاريعهم الخاصة، وهي نسبة تزيد عن المعدل العالمي.

وتستطرد فام قائلة: "هناك تحول في العقلية فالشباب الآن أكثر رغبة في تأسيس مشاريعهم الخاصة، كما أن هناك الكثير من المؤسسات التي تقدم المساعدة والدعم للشركات الناشئة. وكلما ازداد عدد الشباب الذين يعرفون عن هذه المؤسسات وحقيقة انه يوجد دعم كبير، زاد تشجعهم على بدء مشاريعهم الخاصة."

لكن ربما تكون واحدة من أكبر الدوافع وراء ارتفاع ريادة الأعمال هي الافتقار إلى "وظائف مثيرة للاهتمام للشباب"، وفقًا لفام. في حين أن معدل البطالة الإجمالي يبلغ حوالي 8 % وفقًا لـ CAMPAS، وكالة الإحصاء المصرية، فإن معدل بطالة الشباب في عام 2018 كان أكثر من 32 % وفقًا للبنك الدولي.

هذا و يكشف تقرير GEM أن ريادة الأعمال القائمة على الفرص آخذة في التناقص على حساب ريادة الأعمال القائمة على الضرورة التي تحركها قلة بدائل العمل الأخرى، حيث ارتفعت من 31.1 % في عام 2016 إلى 42.7 % في عام 2017 ، مقارنة بمعدل عالمي يبلغ 22.2 %.

حل المشكلات العالمية في القاهرة

القاهرة، العاصمة التاريخية، هي مدينة يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة ببنية تحتية متداعية وشعور بالأمل لا يتزعزع. وقد أثبتت المدينة أنها أرضاً خصبة لحل المشكلات التي تعاني منها العديد من المدن في الأسواق الناشئة حول العالم.

يتمثل أحد القطاعات التي تميزت بها القاهرة هو حل مشكلة النقل للمدن المزدحمة التي تعاني من ضعف أنظمة النقل العام. لقد كانت شركة ناشئة هي التي قدمت الحل وأحد الأمثلة على ذلك هو Swvl ، وهو تطبيق لحجز الحافلات الذي أنهى مؤخرًا جولة استثمارية بقيمة 42 مليون دولار، مما يمثل أكبر صفقة استثمار لمشاريع رؤوس المال في الدولة والأعلى في الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الربع الثاني من هذا العام.

"يمكن للشركات الناشئة أن تقدم العديد من الحلول المبتكرة للقضايا الكبيرة. ولا يمكننا القول أنها تقوم بحل كل الأمور في آن واحد، لكنها على الأقل تقدم الدراية وطريقة جديدة للتعامل مثل ما حدث في سوق النقل بدءًا من أوبر ومن ثم ظهورCareem ثم Swvl وهي حلول مصرية جداً وأكثر ارتباطًا بوضعنا وشوارعنا،" كما يقول أحمد عادل، مستشار مشاريع الأعمال في "فكرتك شركتك".

مكّن فهم Swvl للسوق المصري من أن تصبح الشركة الرائدة في السوق وأبرز الفرص في قطاع الحافلات مع إطلاق لكل من Uber و Careem لخدماتهم الخاصة.

يقول عادل: "يمكننا حتى أن نرى أن قطاع النقل العام بدأ في استخدام تطبيقات المحمول مثل "مواصلات مصر" التي أعتقد أنها ستكون تجربة جيدة سيتم تعميمها قريبًا."

التحديات

ولكن على الرغم من الابتكار والحماس، لا يزال هناك الكثير من التحديات التي تعيق نمو الشركات الناشئة في مصر حيث ينتهي المطاف للعديد منها بالفشل، فقد تم تسجيل أعلى معدل في عدم استمرار مشاريع الأعمال من بين 49 دولة تمت دراستها في تقرير GEM بمعدل 10.2 % في عام 2017 وهو ارتفاع كبير مقارنة بالعام 2010 حيث بلغت النسبة  2.7 %.

ويعزو التقرير ارتفاع معدل عدم الاستمرارية إلى بيئة العمل الصعبة التي تنعكس بشكل رئيسي في قلة الربحية لمشاريع الأعمال وصعوبات الوصول إلى رأس المال.

من جانبه يقول محمد خضر الشريك الإداري في "إنديور كابيتال" ومؤسس شركة "فتكات" ، وهي شبكة على الإنترنت تستهدف النساء العربيات: "يحتاج المستثمرون إلى فهم أن طبيعة الاستثمار في الشركات الناشئة مختلفة فقد اعتاد المستثمرون على توزيع الأرباح وبالتالي يجدون صعوبة في تمويل الشركات الناشئة لمدة 7 أو 10 سنوات وانتظار خروجها من السوق حتى يتمكنوا من الحصول على عوائد أموالهم."

ووفقًا لخضر، فإن العديد من المستثمرين "لا يفهمون أنه يمكنهم الحصول على حصة قد تصل إلى 30 % كحد أقصى لأنه مازال ينتظر المؤسسين جولات استثمارية مقبلة وحصص ليشاركوها" بينما يميل آخرون إلى الإفراط في الانخراط في الأعمال اليومية للشركة الناشئة، مما قد يؤدي إلى فشل الشركة في نهاية المطاف.

كما تشكل البيئة التنظيمية عائقاً أيضا خاصة فيما يتعلق بالاستثمار في الشركات الناشئة.

يقول خضر: "يجب أن تكون هناك قوانين جديدة يتم صياغتها خصيصًا للشركات الناشئة مثل اتفاقية المساهمين وكذلك اللوائح التي تخفف الضرائب والقيود المالية وتسهل إجراءات تسجيل الشركات الناشئة."

ويعتبر نقص الخبرة أحد الأسباب الرئيسية وراء فشل الشركات الناشئة. عمومًا، تنخفض نسبة الخوف من الفشل لدى رجال الأعمال المصريين مقارنةً بالمتوسط العالمي وفقا لإحصائيات GEM، ولكن وعلى الرغم من المواقف الإيجابية، يعتقد معظم رواد الأعمال أنها مهمة شاقة ومجهدة مع ساعات عمل طويلة ومخاطر عالية وعدم التيقن. هذا وتفشل حوالي 9 من أصل 10 شركات ناشئة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ولكن قلة منها تدرك معدل الفشل هذا لأن معظم وسائل الإعلام تركز على قصص النجاح وجولات الاستثمار والمكتسبات.

"إن أحد أكبر أسباب فشل الشركات الناشئة هو الخبرة،" وفقاً لعادل الذي أسس شركة ناشئة عندما كان لا يزال طالبًا جامعيًا وكان عليه إغلاقها بعد ذلك بعام واحد. "يمكنك أن تتعلم كيف تكون ريادياً ولكن لا تفتح مشروعك الخاص بك، لأنه يمكنك أن تكون ريادياً وانت تعمل في مؤسسة ما بل ويمكنك ان تعمل في شركة ناشئة لتتعلم المزيد. أنا لا أشجع الطلاب على تأسيس مشاريعهم الخاصة بهم دون خبرة. يجب ان تحصل على بعض الخبرة ضمن فريقك إذا كانت لديك فكرة جيدة وتعتقد أنها ستغير السوق."

ومع ذلك، هناك دروس مستفادة من الفشل حيث يتعلم العديد من الرياديين في مصر الذين فشلوا من أخطائهم ويسعوا لتأسيس مشاريع أعمال جديدة. أحد الأمثلة على ذلك هو فريق متصفح Wasla ، وهو مشروعهم الثالث بعد فشل شركاتهم الناشئة سابقاً. وفي حين يواصل خريجو الجامعات إنشاء مشاريعهم الخاصة على أمل أن لا يكونوا مرؤوسين ويخلقوا فرص عملهم بأنفسهم، إلا أن من يرى النجاح هم الذين يعملون على مشاريعهم الثانية أو الثالثة وهم الذين يساهمون بأكبر شكل ممكن في سوق الشركات الناشئة في مصر.

يقول عادل: "يعتقد الشباب في مقتبل العمر أنهم سيكونوا صانعي قراراتهم، ولن يشير عليهم أحد بما يتوجب عليهم فعله وهو اعتقاد خاطيء في الصميم لأن الريادي مرؤوس من السوق نفسه والعملاء والمستثمرين على حد سواء." 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.