English

المنافسة تتصاعد في مجال خدمات بث المحتوى بمنطقة الشرق الأوسط

English

المنافسة تتصاعد في مجال خدمات بث المحتوى بمنطقة الشرق الأوسط
الصورة من Shutterstock

لو أقلع الأشخاص في منطقة الشرق الأوسط عن جميع أشكال الترفيه، فمن الـمُستبعد أن يقلعوا عن مشاهدة التلفزيون. أشار موقع "ستاتيستا" للإحصاءات في عام 2018 إلى أن متوسط الوقت الذي يقضيه الفرد في مشاهدة التلفزيون بمنطقة الشرق الأوسط يبلغ 6 ساعات و20 دقيقة يومياً، وهو أكثر من ضعف المتوسط العالمي الذي يبلغ ساعتين و48 دقيقة. ولكن من المتوقع أن ينخفض ​​ذلك الوقت إلى 6 ساعات فقط هذا العام مع تحوُّل المستخدمين في المنطقة من مشاهدة برامجهم على أجهزة التلفزيون التقليدية إلى مشاهدتها من خلال منصات بثّ الفيديو عبر الإنترنت.

ذكر تقرير عن استخدام وسائل الإعلام في الشرق الأوسط أن الفترة ما بين عامي 2013 و2019 شهدت انخفاض نسبة الأشخاص الذين يشاهدون التلفزيون دون اتصال بالإنترنت من 98% إلى 86% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وكان، ولا يزال، الدافع وراء هذا التراجع هو انخفاض تكلفة الاتصال بالإنترنت وارتفاع سرعته وانتشار خدمات الفيديو حسب الطلب وبثّ المحتوى، المعروفة أيضاً باسم خدمة بث المحتوى عبر الإنترنت "over-the-top" أو OTT. ولذلك زادت تنافسية هذا المجال، إلا أن معدل ىاختراق هذه الخدمات في المنطقة ضئيل مقارنةً بأنحاء أخرى من العالم.

أُطلقت منصة ستارزبلاي في عام 2014 لتلبية الطلب المتزايد على المحتوى العالي الجودة، وهي مملوكة جزئياً لشركة ليونزغيت ويقع مقرها الرئيسي في دولة الإمارات، وتتيح للمشتركين فيها مشاهدة الفيديوهات حسب الطلب. وتمتلك هذه الشركة الآن أكبر حصة سوقية من حيث عدد المشتركين بنسبة 29%، مُتفوقةً بذلك على شركة نتفليكس الأمريكية التي تملك ثاني أكبر حصة سوقية في المنطقة بنسبة 24%، وذلك وفقاً لتقرير IHS Markit عن الاشتراكات التليفزيونية وبثّ الفيديو عبر الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2019.

وكانت شركة نتفليكس قد دخلت سوق الشرق الأوسط في عام 2016، لتمنح بذلك هذا القطاع دفعةً قويةً، وجلبت معها شعوراً بالمصداقية والوعي بخدمات بث المحتوى القائمة على الاشتراكات.

وشرعت شركات الاتصالات والاشتراك التلفزيوني، مثل شبكة أوربت شوتايم (OSN)، في تقديم خدمات بثّ المحتوى عبر الإنترنت كوسيلة للحفاظ على حصتها السوقية، في حين أن الإطلاق الموازي لخدمات "آبل تي في" و "ديزني+" في مجال بثّ المحتوى التلفزيوني في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بالولايات المتحدة الأمريكية ينذر بزيادة حدة المنافسة فور وصولهما إلى منطقة الشرق الأوسط.

يقول داني بيتس، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للقطاع التجاري في شركة ستارزبلاي: "إن هذا المجال ليس من المجالات التي يمكن أن يستحوز فيها طرف واحد على كل شيء، ولكن شتى مُقدِّمي الخدمات يُكمِّل بعضهم بعضاً. كما أن أسعار الاشتراك في خدمات بثّ المحتوى عبر الإنترنت تسمح للعملاء بالحصول على أكثر من خدمة واحدة. إنه وقت رائع لمشاهدة المحتوى".

وتنمو سوق خدمات بثّ المحتوى عبر الإنترنت بنفس نمط النمو الذي كانت قد شهدته سوق الاشتراكات التلفزيونية في المنطقة. ويشير تقرير IHS Markit إلى أنه بحلول عام 2023 سيصل عدد المشتركين في خدمات بثّ المحتوى عبر الإنترنت إلى ما يقرب من خمسة ملايين مشترك، وستصل الإيرادات إلى 416 مليون دولار.

ويأتي معظم الطلب على خدمات بثّ المحتوى من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية اللتين تمثلان معاً 49% من إجمالي الاشتراكات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومن المرجح أن يزيد الطلب على اشتراكات بثّ المحتوى عبر الإنترنت ليتجاوز الاشتراكات التلفزيونية مثل OSN وbeIN بحلول عام 2025. ونظراً للظروف الراهنة مع انتشار فيروس الكورونا وإغلاق دور السينما في العديد من دول المنطقة وبقاء العديد من الأشخاص في منازلهم سواء للحجر الصحي أو العمل من المنزل وفقاً لتوجيهات الحكومات، فسوف تنمو هذه النسبة بمعدل أكبر بكثير من التوقعات المسبوقة.

كل ذلك يتطلب أن تحصل خدمات بثّ المحتوى على محتوى متميز من أكبر الاستوديوهات في العالم لكي تُتاح لها فرصة المنافسة واجتذاب العملاء، إلا أن المحتوى لا يزال منتجاً باهظ الثمن.

وإضافةً إلى ذلك، تزداد يوماً بعد يوم أهمية تقديم محتوى مناسب لجمهور منطقة الشرق الأوسط، ومن ثمّ يزداد الاستثمار في إنتاج محتوى أصلي. ففي مطلع هذا العام، أُعيد إطلاق منصة شاهد، التي يُبثّ من خلالها المحتوى المعروض على مجموعة قنوات إم بي سي، وأُعلن عن شراكتها مع شركتي ديزني وفوكس لجلب أكثر من 3,000 ساعة من المحتوى إلى أكبر مكتبة بثّ للمحتوى العربي. وقال مارك أنطوان داليوين، الرئيس التنفيذي لمجموعة إم بي سي: "نهدف، على مدى العامين المقبلين، إلى زيادة حجم استثماراتنا في الأعمال الدرامية بمقدار أربعة أضعاف، وسيكون معظمها محتوى أصلياً وحصرياً".

وقامت نتفليكس أيضاً بزيادة المحتوى الأصلي الذي تقدمه للجمهور العربي، وأعلنت أيضاً شركة ستارزبلاي مؤخراً عن شراكة لإنتاج أولى مسلسلاتها الأصلية مع شركة "إيمج نيشن أبوظبي" الرائدة في صناعة المحتوى الإعلامي والترفيهي والحائزة على جائزة الأكاديمية البريطانية لفنون الأفلام والتلفزيون.

كما أن منصة "جوّي تي في" التي أطلقتها شركة إنتيغرال في عام 2018 لبث المحتوى عبر الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسعى إلى ترك بصمة على طريقة تقديم المحتوى في المنطقة. يقول طوني صعب، نائب رئيس المنتجات والمحتوى في شركة إنتيغرال: "خريطة طريقنا مكثفة للغاية، ونحاول إعداد منتج يضاهي ما تقدمه الشركات الرئيسية العاملة في مجال بثّ المحتوى عبر الإنترنت في العالم أجمع، ولكن سيتم تخصيصه ليناسب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا". وتواصل هذه الخدمة استكشاف إمكانية إبرام اتفاقات مع العديد من الشركات العاملة في هذا المجال، بالإضافة إلى إنتاج محتوى أصلي والاستحواذ على محتوى عربي.

وكلما زاد عدد مستخدمي المحتوى عبر الإنترنت، ستزداد المنافسة بلا شك. وكانت إحدى المنصات التي لم تتمكن من مواكبة هذه المنافسة الشديدة هي خدمة آي فليكس التي يقع مقرها في ماليزيا، حيث انسحبت من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد عامين من إطلاقها في عام 2017، لعدم قدرتها على تكرار ما حققته من نجاح في سوقها الأساسية في جنوب شرق آسيا.  

ويعتقد داني بيتس أن السوق لا تزال ترسخ أقدامها، وأن الشركات سيتعين عليها أن تواصل تطوير وتقوية منتجاتها لتلبية الطلب المتزايد، قائلاً إن: " على الرغم من جميع الأرقام [الكبيرة]، فإن خدمات بث المحتوى حتى الآن قامت بخدش سطح إمكانيات سوق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فحسب". وأضاف داني بيتس أن "خدمة آي فليكس لم يكن لها قط وجود فعلي في المنطقة، فقد حققوا نجاحاً في آسيا، ولكنهم أتوا إلى منطقة الشرق الأوسط بنموذج العمل ذاته على الرغم من اختلاف المنطقة والشعب والثقافة وأساليب العمل". فخروج آي فليكس لا يرجع في نظره إلى عدم وجود طلب سوقي، وإنما إلى عدم ملاءمة التنفيذ، وهو أمر يجب على كل شركة تعمل في مجال بثّ المحتوى عبر الإنترنت أن تضعه نصب عينيها.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.