English

الشركات الصغيرة ستقود التعافي الاقتصادي ما بعد كرونا

English

الشركات الصغيرة ستقود التعافي الاقتصادي ما بعد كرونا
Pakiza Abdulrahman

باكيزا عبدالرحمن مدير تطوير الأعمال بقطاع الشركات الناشئة بمجلس التنمية الاقتصادية البحرين

شرعت حكومات دول مجلس التعاون الخليجية في إعادة فتح اقتصادياتها، حيث بدأت المطاعم مرة أخرى في استقبال الحجوزات مع مراعاة التباعد الاجتماعي، كما غدت المكاتب أكثر حيوية من قبل، وتم خفض قيود الانتقال عبر حدود البلدان، وقد بدأ جسر الملك فهد الذي يعتبر من بين أكثر المنافذ الحدودية ازدحاماً في منطقة الشرق الأوسط، ويربط المملكة العربية السعودية بالبحرين في إتاحة المجال لعبور الزوار وفقاً لإجراءات احترازية. وتخطت دول مجلس التعاون الخليجي مرحلة الوقوف عند حصر الأثر الاقتصادي للازمة الصحية، وتركز الآن الجهود نحو المستقبل، وعلى وجه التحديد قيادة النمو الاقتصادي المستدام.

ولم يقتصر العمل على وضع اجراءات لمواجهة تبعات الأزمة الصحية التي يمر بها العالم، بل وحتى الرجوع للرتم السابق للتنمية الاقتصادية إذ كانت دول مجلس التعاون الخليجي منشغلة في تنفيذ إصلاحات كبيرة، وسعت للتنويع الاقتصادي بجهود حثيثة فتسابقت دول المنطقة لإعادة تنظيم اقتصادياتها وتقليل الاعتماد على النفط، وأخذت تلبي احتياجات التطور السريع نحو دخول العصر الرقمي.

بدأت هذه المنهجية باعتماد سياسات تهدف لتشجع الابتكار مثل سياسة "السحابة أولاً" المطبقة في البحرين، وذلك إلى جانب توطين التكنولوجيا الجديدة من أجل تلبية احتياجات دول مجلس التعاون الخليجي، ثم تحوّل التركيز بشكل متزايد نحو الأعمال التجارية الصغيرة، حيث جاء نمو واستقطاب الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في طليعة الاستراتيجيات على مستوى المنطقة لتأسيس بيئة داعمة للتكنولوجيا وريادة الأعمال.

وبالنظر إلى تجربة المملكة العربية السعودية فقد باتت الشركات الصغيرة والمتوسطة في الوقت الراهن تشكل نسبة كبيرة من حجم الأعمال التجارية تصل إلى 99٪ وتوفر 64٪ من إجمالي العمالة في المملكة. ووفقا لرؤية المملكة العربية السعودية 2030 أخذت المملكة تخطط لرفع مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة من 20٪ حاليًا من الناتج المحلي الإجمالي إلى 35٪ من خلال تسهيل وصولها إلى التمويل وتشجيع المؤسسات المالية على تخصيص ما يصل إلى خُمس إجمالي القروض لها.

 وفي الإمارات العربية المتحدة قدرت وزارة الاقتصاد العام الماضي أن قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة يمثل أكثر من 98% من إجمالي عدد الشركات العاملة في الإمارات ويساهم بنحو 52% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وهي نسبة تريد الامارات أن ترفعها إلى 60٪ بحلول عام 2021.

أما بالنسبة لمملكة البحرين فقد أثبتت الشركات الصغيرة والمتوسطة أنها ركيزة أساسية في استراتيجية التنويع الاقتصادي، فضلاً عن لعبها لدور رئيسي في خلق فرص العمل والظهور كمساهم متزايد الأهمية في الناتج المحلي الإجمالي الوطني، وقد أدى هذا إلى قرار مجلس الوزراء الأخير لزيادة الإنفاق العام في هذا القطاع.

 فلا عجب إذاُ أن تأتي الشركات الصغيرة والمتوسطة في صدارة حزم الدعم غير المسبوقة على مستوى المنطقة وذلك للتخفيف من آثار الأزمة الصحية، فعلى سبيل المثال أعلنت حكومة البحرين مؤخرًا عن خطط لدعم فواتير الكهرباء للشركات الصغيرة والمتوسطة لتصل قيمتها إلى 24 مليون دينار بحريني (63.7 مليون دولار أمريكي) للمساعدة في تعزيز النمو الاقتصادي الوطني. وقد تبع ذلك إعلان من مجلس المناقصات البحريني مؤخرا عن منح 47 عطاءً عامًا بقيمة إجمالية قدرها 21.8 مليون دولار أمريكي للشركات الصغيرة والمتوسطة في البحرين في النصف الاول من العام.

وقد أتت تلك التطورات مترافقة مع الارتفاع في عمليات تسجيل المؤسسات التجارية على مستوى المنطقة، والتي تضاعفت ثلاث مرات في الأشهر الأخيرة مع قيام مجالس المناقصات في المنطقة بمنح عشرات الملايين من الدولارات من العقود لهذه الشركات، فقد ارتفع عدد السجلات التجارية في البحرين بنسبة 109 بالمائة في يونيو وحده.

وهو ما يعني أن الحكومات أخذت تضاعف دعمها لما كان يمثل بالفعل قطاعًا ذا أولوية لمعظم اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي الرئيسية، وبتنا نشهد الآن النتائج المتمثلة في "ازدهار" الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة مدفوعًا بموجة جديدة من رواد الأعمال ورجال الأعمال الذين شجعهم دعم حكومي واضح في هذه الأوقات الصعبة.

وبالتالي يجب على الحكومات ألا تتخلى عن دعمها وذلك بعدما قاموا بخطوات صحيحة نحو تعزيز موقع الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة كمحرك رئيسي للتنويع الاقتصادي المستدام، وبالفعل ستكون الشركات الصغيرة هي المحرك لعملية التعافي الاقتصادي بعد تجاوز هذه الأزمة الصحية في الخليج أيضًا.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.