English

GOMYCODE: شركة تونسية ناشئة تُنمي مهارات الشباب الإفريقي

English

GOMYCODE: شركة تونسية ناشئة تُنمي مهارات الشباب الإفريقي

لطالما كانت البطالة مصدر قلق للحكومات في شتى أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تعاني من أعلى معدل بطالة بين الشباب في العالم. فالمناهج الدراسية في كثير من البلدان قد عَفَّى عليها الزمن وتعجز عن إعداد الطلاب لسوق العمل الذي يزداد يوماً بعد يوم اعتماده على القدرات الرقمية والتقنية. ووفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، ستغير الرقمنة والتكامل التكنولوجي 42% من مهارات التوظيف الأساسية بحلول عام 2022، وهو تحوُّل يتطلع إلى التصدي له بعضُ الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا التعليمية. 

وبسبب الاعتماد على الإنترنت بشكل أساسي في التواصل والتدريب والتعلُّم في أثناء فترة الإغلاق في العام الماضي، شهدت التكنولوجيات التعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نمواً إيجابياً في حيث استخدامها والاستثمار فيها، مثلها في ذلك مثل سوق التجارة الإلكترونية لهذه التكنولوجيات. وفتحت فترة الإغلاق الباب أمام المستثمرين لدعم الشركات الناشئة الرائدة في مجال التكنولوجيا التعليمية في المنطقة، مثل أكاديمية نون السعودية ومنصة أستاذ اللبنانية التي استحوذت عليها مجموعة إنسبايرد العالمية الرائدة في تشغيل المدارس الخاصة. كما حثَّت هذه الفترة المستثمرين على استكشاف فرص التعلم الرقمي خارج نطاق مراحل التعليم الأساسي والثانوي.

ودفع كل ذلك شركة GOMYCODE التونسية المعنية بتنمية مهارات التكنولوجيا التعليمية إلى التوسع في شتى أنحاء منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، لتلبية الحاجة الملحَّة إلى معالجة تفشي البطالة بين الشباب. 

وقد درَّبت هذه الشركة الناشئة التي أُطلقت في عام 2017 أكثر من 10 آلاف مستخدم في ثمانية بلدان، منها المغرب ومصر والبحرين ونيجيريا ومؤخراً السنغال، حيث تقدم دورات تدريبية هجينة مكثفة من خلال 30 مساراً تعليمياً مع محاضرات في التطوير المتكامل للويب والذكاء الاصطناعي وعلم البيانات وغيرها من المجالات التي تقوم على التكنولوجيا. وفي العام الماضي، حصلت الشركة على 850 ألف دولار في جولة ما قبل التمويل الأولي بمشاركة ومضة، وجمعت أكثر من 4 ملايين دولار من الإيرادات التقديرية. 

يقول يحيى بوهلال، مؤسس شركة GOMYCODE ورئيسها التنفيذي: "تعاني البلدان والاقتصادات التي نعمل فيها من ارتفاع معدلات البطالة، ونسبة كبيرة من سكان هذه البلدان من الشباب. و50% من خريجي الجامعات في إفريقيا لن يحصلوا على وظائف، وهي نسبة تنذر بالخطر. ومن ناحية أخرى، توجد فجوة هائلة في المهارات. ويحتاج الناس إلى الحصول على فرص جيدة، ويساعد على ذلك التعليم وتنمية المهارات على حد سواء". 

ويوضح بوهلال أنه من المتوقع، وفقاً للأمم المتحدة، أن يزداد عدد الشباب (الأقل من 18 عاماً) في إفريقيا بنحو 170 مليونًا، كما أن الاستخدام الساحق للتكنولوجيات ببطء في شتى الصناعات في إفريقيا يتيح ما يقدر بنحو 130 مليار دولار من فرص الاستثمار في تنمية المهارات الرقمية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وحدها حتى عام 2030، وهي منطقة تعاني من معدل بطالة بين الشباب بنسبة 13.8% إجمالاً.

ويرى بوهلال أن النموذج التعليمي الهجين لشركة GOMYCODE لا يساعد على زيادة "معدل إتمام" الدورات التدريبية الإلكترونية فحسب، وإنما يعزز أيضاً الحاجة إلى محاضرين أكاديميين، وهو ما قد يقلل معدلات البطالة المرتفعة بين الشباب الإفريقي. فالمعلمون المستقلون يشكلون 80% من معلمي الشركة الناشئة، كما أن تناوب الطلاب الذين يجري تقسيم حضورهم الشخصي ليتناسب مع المكان يجعل نموذج عمل هذه الشركة الناشئة مستداماً وقابلاً للتوسع عبر البلدان.

يقول بوهلال: "لا يملك الجميع إمكانية الاتصال بالإنترنت أو بيئة عمل أو تعلُّم جيدة، ولذلك فإننا لا نوفر مكاناً فحسب، وإنما نوفر أيضاً سبيلاً لتلقي العلم. وقد يكون ذلك مكان عمل مشتركاً، أو مكاناً مفتوحاً، أو فصلاً دراسياً جامعياً، وعندما نتوسع في بلد ما، تكون لكل بلد شبكة من الأشخاص المؤهلين للتدريس. وفي المراكز التعليمية التقليدية، يمكنك تدريب نحو 50 شخصاً فقط في مكان واحد، أما بنموذجنا وباستخدام 30 مقعداً، يمكننا تدريب ما يصل إلى 1600 طالب سنوياً".

وإضافةً إلى نموذج الأعمال الموجهة من المؤسسة التجارية إلى المستهلك، فإن هذه الشركة الناشئة تقدم خدمات التدريب وإعداد المناهج الدراسية إلى المؤسسات بنظام العضوية، وتساعد في عمليات التوظيف من خلال "مساعدة أصحاب العمل على التواصل مع المبرمجين".

ولكن التكنولوجيا التعليمية المستجدة في شتى أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تواجه عدداً من التحديات، منها خضوع قطاع التعليم لقواعد تنظيمية صارمة، والمنافسة القوية من جانب المؤسسات الحكومية في المنطقة، والحاجة إلى محتوى محلي بلغات عدة.

يقول بوهلال: "توجد عدة تحديات في مجال التكنولوجيا التعليمية، مثل اللوائح، ونقص البيانات، والاختلافات الثقافية، وحاجز اللغة. على سبيل المثال، الإنجليزية لغة أساسية في الشرق الأوسط، ولكن في إفريقيا توجد لغات عديدة ويستخدم كثير من البلدان اللغة الفرنسية. وذلك من الأمور التي أدركناها عندما بدأنا، ولذلك شرعنا في إنشاء محتوى محلي".

كما أن المعدل المتسارع الذي غالباً ما يتوقعه المستثمرون الإقليميون من الشركات الناشئة المحلية يؤثر أيضاً على الدعم الذي تتلقاه سوق التكنولوجيا التعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لأنها عادةً ما تستخدم نموذج تقدُّمٍ أبطأ.

يقول بوهلال موضحاً: "كما يستغرق الأمر وقتاً أطول لتوسيع نطاق التكنولوجيا التعليمية بوجه عام، لأنه يتعين عليك الانتظار لفترة أطول لقياس معدلات النجاح. وحلقة التكرار أطول بكثير في مجال التعليم، وهو أمر شائع، لكن المستثمرين يهتمون بنماذج النمو السريعة، وهذه الأشياء الصغيرة بإمكانها أن تؤثر قليلاً على مسار النمو بأكمله في حالة الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا التعليمية".

وعلى الرغم من هذه التحديات، يدل النمو الإقليمي لشركة GOMYCODE على أن السوق الاقتصادية التونسية ميسورة التكلفة نسبياً، وبها وفرة في المواهب الشابة، فضلاً عن افتقار أفريقيا بوجه عام إلى المنافسة بين الشركات الناشئة المتخصصة في التكنولوجيا التعليمية – وهو ما يوفر إمكانيات لا حدود لها في سوق التكنولوجيا التعليمية عموماً.

يقول بوهلال: "البيئة التونسية مثيرة حقاً لاهتمام رواد الأعمال، إذ تضم عدداً كبيراً من المبرمجين، وتأتي في المرتبة الثانية من حيث عدد المبرمجين في البلدان الإفريقية – فلكل مليون نسمة لدينا نحو 5 آلاف مبرمج، أو ما مجموعه 30 ألف شخص في مجال التكنولوجيا، ويعد ذلك عدداً كبيراً من المواهب. وتشجع قصة نجاحنا في شركة GOMYCODE كثيراً من التونسيين ليصبحوا رواد أعمال، وهو أمر بالغ الأهمية. وسيكون لدينا مزيد من المستثمرين في مجال التكنولوجيا التعليمية، وإن كانت جائحة كوفيد-19 قد أظهرت شيئاً فهو مدى أهمية اكتساب المهارات".

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.