English

نظرة على عالم التوصيل للعميل النهائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا [الجزء الأول]

English

نظرة على عالم التوصيل للعميل النهائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا [الجزء الأول]
Image courtesy of Shutterstock

إن المرحلة الأخيرة في رحلة شحن المنتج، التي تُعرف بأنها مرحلة التوصيل للعميل النهائي، هي المرحلة الأقل كفاءة والأكثر تكلفةً في سلسلة توريد المنتج، إذ تستأثر بما يتراوح من 50% إلى 60% من إجمالي تكلفة التوصيل. وعادةً ما تنطوي عملية التوصيل على عدة محطات ينخفض فيها عدد الطرود، وهذه هي التكلفة التي دفعت إلى دخول مجال الطائرات المُسيرة والروبوتات بحثاً عن حلول فعَّالة لمرحلة التوصيل للعميل النهائي. 

وفي الشهر الماضي، وقعت شركة كريم وشركة نون ومجموعة ماجد الفطيم اتفاقات مع شركات Kiwibot وNeolix وYandex على التوالي لتطوير حلول القيادة الذاتية، لاستخدام الروبوتات في خدمات توصيل الطعام والبقالة. وفي الوقت نفسه في المملكة العربية السعودية، قدمت شركة كويكس الناشئة إلى سوقها المحلية لأول مرة إمكانية التوصيل باستخدام الطائرات المسيَّرة. وحصلت على تمويل بقيمة 3 ملايين ريال سعودي (800 ألف دولار) عبر منصة سكوبير للتمويل الجماعي. 

ورغم أن مدناً مثل دبي والرياض أصبحت منصات اختبار لأحدث حلول التوصيل الآلي للعميل النهائي، فإن الغالبية العظمى من لوجستيات التوصيل للعميل النهائي لا تزال تعتمد على البشر، ولذلك تركَّزت معظم الابتكارات في الوقت الحالي على زيادة الكفاءة عن طريق الاستعانة بالتكنولوجيا. 

وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، شهد قطاع التوصيل للعميل النهائي ارتفاعاً كبيراً في عدد الشركات الناشئة الجديدة، التي يعتمد معظمها على نموذج تقليل الأصول، مع التركيز على تمكين الشركات الصغيرة من خلال إمدادها بخدمات الشحن عبر التعهيد الجماعي (Crowdsourcing). كما يجتذب القطاع كلاً من المستثمرين الإقليميين والدوليين. ففي نوفمبر/ تشرين الثاني، حصلت شركة iMile الإماراتية على أحد أكبر التمويلات في عام 2021، حيث حصلت على 40 مليون دولار من شركة بايت دانس الصينية، بينما حصلت منافستها المحلية، شركة Lyve، على 35 مليون دولار في آذار/مارس من هذا العام. وحتى الآن في هذا العام، حصلت الشركات الناشئة في قطاع الخدمات اللوجستية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أكثر من 153 مليون دولار. 

ولا ترجع زيادة عدد الشركات في هذا القطاع إلى الجائحة وما أعقبها من ازدهار في التجارة الإلكترونية فحسب. فالواقع أن أكبر ارتفاع في عدد الشركات الناشئة التي دخلت هذا القطاع كان في عام 2019 قبل ظهور كوفيد-19، إذ أُنشئت في ذلك العام 28 شركة جديدة، معظمها في مجال الشحن. وقد وجدت ومضة 102 شركة ناشئة تعمل في مجال التوصيل للعميل النهائي، منها 67 شركة تعمل بنموذج الشحن السريع. 

وقال ربيع علاف، المدير العالمي في شركة أرامكس: "مع زيادة عدد الشركات الجديدة، بدأت كل الشركات في هذا القطاع في رفع مستوى خدمتها. فأُدخلت تقنيات مثل استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين المسارات، والتوجيه المروري المباشر، والاتصالات المؤتمتة، وغيرها من الأدوات، وذلك لضمان تقديم أفضل تجربة للعملاء. ولم تصبح السوق مشبعة بالفعل، لكنها بالتأكيد سوق مزدحمة بالشركات الجديدة الناشئة من مختلف أنحاء العالم".

ولم تغير الجائحة سوى زيادة عدد الشركات الناشئة التي تقدم خدمات التعبئة والتجهيز والتخزين والتوصيل، وهو اتجاه تدفعه زيادة معدلات التسوق عبر الإنترنت. 

النمو الذي تقوده التجارة الإلكترونية

كانت التجارة الإلكترونية تتزايد بالفعل، على الصعيد الإقليمي، قبل الجائحة. فكان هذا القطاع آخذاً في الانتشار في صفوف المستهلكين، بالتزامن مع تزايد معدلات انتشار الإنترنت، وكانت في صدارته شركة سوق المملوكة لأمازون وشركة نون المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة. وفي عام 2017، بلغت قيمة سوق التجارة الإلكترونية في المنطقة 8.3 مليار دولار بمعدل نمو سنوي بنسبة 25%، وفقاً لشركة باين آند كومباني. وحالياً، يُعدّ قطاع التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أسرع القطاعات نمواً في العالم، ومن المقرر أن تبلغ قيمته 48.6 مليار دولار بحلول عام 2022، وفقاً لشركة فيزا.

يقول سامر غرايبة، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة مايلرز المصرية الناشئة للشحن والخدمات اللوجيستية: "شهد سوق التجارة الإلكترونية، بوجه عام، نمواً بنسبة 20% خلال الفترة الماضية التي تتراوح من 10 سنوات إلى 15 سنة. وحينما ظهر كوفيد-19، شهد القطاع معدل نمو بنسبة 80%، وانخفض الآن إلى 50%. وذلك يعني أن البيع عبر الإنترنت موجود ومستمر بالتأكيد". 

ومع نمو وتطور التجارة الإلكترونية، تستمر أيضاً حلول الخدمات اللوجيستية والتعبئة والتجهيز في النمو والتطور، وقد أدت التغييرات الجذرية التي تؤثر على مجال البيع بالتجزئة إلى زيادة الضغط على تجار التجزئة ووكلاء الشحن لتقديم خدمات التجهيز والتوصيل للعميل النهائي بسرعة أكبر وبتكلفة أقل.  

وأضاف سامر غرايبة: "كانت الشركات فيما مضى تُجبر تجار التجزئة على البيع عبر الإنترنت، ولكن لم يعد الأمر كذلك الآن. فحالياً، يطرح بعض تجار التجزئة سلعاً معينة للبيع من خلال قنوات على الإنترنت لتشجيع الناس على التسوق عبر الإنترنت. ولكننا نشهد طلباً ملحاً لإيجاد حلول فعَّالة للتعبئة والتخزين. فالناس بحاجة إلى التوسع".

لكن التوسع صعب في منطقة لا تزال السيطرة فيها لنظام الدفع نقداً عند الاستلام. ورغم انخفاض عدد الذين يفضلون الدفع نقداً عند الاستلام أثناء فترات الإغلاق، يصعب تغيير عادات المستهلكين تماماً، حيث عاد الكثيرون إلى الدفع نقداً. 

ووجود خيار الدفع نقداً عند الاستلام يجعل من الصعب على شركات التجارة الإلكترونية إدارة الخدمات اللوجستية العكسية الفعَّالة وزيادة معدلات نجاح التوصيل. ولتعويض تأثير الدفع النقدي على الخدمات اللوجستية العكسية، تفرض شركات التجارة الإلكترونية، مثل أمازون، رسوم توصيل إضافية على الطلبات المدفوعة نقداً.

يقول حسن جبرتي، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لمنصة ديجيباكس السعودية للشحن: "في حالة دفع ثمن الشحنة مسبقاً، يوجد احتمال بنسبة تتراوح من 93% إلى 95% [أن الشحنة] لن تُرجَع أو تُرفض، وأضاف أن "80% من المعاملات الجارية في المملكة العربية السعودية تُدفع نقداً. وخلال فترة الإغلاق، كان 95% أو 96% من الشحنات يُدفع ثمنها مسبقاً. ونادراً ما كنا نستلم طلباً بنظام الدفع نقداً عند الاستلام. وبعد فترة وجيزة، استحوذ الدفع نقداً عند الاستلام على 81% أو 82% من المعاملات والباقي يُدفع مقدماً".

أما في مصر، التي تحدث فيها 70% من تجارة التجزئة في سوق موازية غير منظمة، فيقول سامر غرايبة إن الانتشار الكبير للدفع النقدي يسفر عن ثغرة في الثقة بين التاجر وشركة الشحن مما يؤدي إلى ممارسات مهنية سيئة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تسرق شركة الشحن النقود أو الشحنة من التاجر إذا دُفع الثمن مقدماً، أو يمكن أن تدفع شركة الشحن للتاجر المبلغ الفعلي للشحنة قبل توصيلها ثم تكتشف لاحقاً أن سعر الشحنة أقل مما دفعته.

وتتفاقم المشكلة بسبب انتشار بيانات غير دقيقة لتحديد الموقع الجغرافي، وخاصة في المناطق البعيدة أو النائية. وعندما يجد موظفو شركة الشحن صعوبة في تحديد عنوان معين، فعادة ما يتصلون بالعميل ليرسل إليهم الموقع عبر واتساب أو ليصف لهم الطريق. وتستغرق هذه العملية الكثير من وقت مسؤول الشحن، مما يؤدي إلى تأخير أوقات التسليم، وبالتالي وجود تجربة سيئة للعملاء بشكل عام.

وأما في المستقبل، فيتوقع جبرتي زيادة استخدام طريقة الدفع عبر الهاتف المحمول وطرق الدفع البديلة مثل "اشتر الآن وادفع لاحقاً"، مما يبشر بزيادة انتشار التكنولوجيا المالية وانخفاض معدلات الدفع نقداً عند الاستلام. فقال: "لقد أحدث ذلك فرقاً كبيراً في السوق. [أعرف] على المستوى الشخصي كثيراً من شركات التجارة الإلكترونية التي استبعدت طريقة الدفع نقداً عند الاستلام، بمجرد أن أصبح لديها خيار آخر، وهو الشراء الآن والدفع لاحقاً. ولذلك ساعدت هذه الشركات على تقليل الدفع نقداً عند الاستلام من خلال إجبار المشتري على التحول من نظام الدفع عند الاستلام إلى نظام الدفع المسبق".

وبالنسبة لشركات التوصيل للعميل النهائي، سيؤدي أيضاً إنهاء الدفع نقداً عند الاستلام إلى زيادة الكفاءة مع تقليل المخاطر الأمنية لمسؤولي الشحن، الذين ينتهي بهم الأمر في بعض المناطق حاملين مبالغ كبيرة من النقود، مما يجعلهم معرضين للهجمات بغرض السرقة. 

ولكن لأن منطقة الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم التي تنخفض فيها معدلات انتشار الخدمات المصرفية وبطاقات الائتمان، سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى ينتهي نظام الدفع نقداً في هذه المنطقة.

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.