English

هل تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى زيادة اهتمامها بتطورات الذكاء الاصطناعي ؟

English

هل تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى زيادة اهتمامها بتطورات الذكاء الاصطناعي ؟
علياء يعقوب، فيلسوفة في مجال الذكاء الاصطناعي

توغلَ الذكاء الاصطناعي  في كل الصناعات والقطاعات تقريبًا، وغيَّر تفاعلاتنا اليومية مع التقنية سواءً كنا على دراية بذلك  أم  لا، وحاليًّا تسيطر الشركات في الولايات المتحدة والصين على تطوير الذكاء الاصطناعي ، وهذه الشركات تمتلك تقنيات لا تقتصر إمكاناتها على تغيير الاقتصاد العالمي فقط، بل تغيير المجتمع أيضًا، والدراسة التي أجرتها شركة PWC تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي  لديه القدرة على المساهمة في الاقتصاد العالمي في 2030 بقيمة تصل إلى 15.7 تريليون دولار أمريكي، ومن المتوقع ألا تزيد استفادة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن 2% فقط، وهو ما يساوي 320 مليار دولار. 

علياء يعقوب فيلسوفة في مجال الذكاء الاصطناعي  تعمل في شركة سينابس Synapse في مصر المتخصصة في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي ، وتعتقد أن المنطقة تحتاج إلى زيادة الاهتمام بالتطورات في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي ، وقد أسست علياء منصة TechQualia على الإنترنت لتقدم بيانات مجانية يسهل الوصول إليها في مجال الذكاء الاصطناعي  للقراء غير الأكاديميين. 

هل يمكنك التحدث بمزيد من التفاصيل عن TechQualia ورسالتها؟

منصة تقدم مقالات تقنية وتحليلية عن الذكاء الاصطناعي  موجهة للجمهور والخبراء، ومن بين الموضوعات التي تغطيها المنصة على سبيل المثال: كيف يمكننا الاستفادة من حلول الذكاء الاصطناعي  في تسهيل العمليات التجارية، وما آخر التطورات في عالم التقنية. 

أطلقنا المنصة (العام الماضي) وهي متاحة باللغتين العربية والإنجليزية؛ بهدف توطين المحتوى الذي نقدمه، وتوفير مساحة مجانية لتعلم الذكاء الاصطناعي  يسهل الوصول إليها ومناسبة لجميع القراء، في وقت نحن في أمس الحاجة إلى إضفاء طابع الديموقراطية على الذكاء الاصطناعي  في جميع مناحي الحياة. 

تغطي مقالاتنا موضوعات تتراوح ما بين أفضل الأدوات أو الرسوم البيانية الحسابية عن كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي  والتقييم الائتماني في الأعمال التجارية، وتأريخ الذكاء الاصطناعي  وتفكيكه، وأنا مهتمة جدًّا بالوصول إلى الأشخاص غير الأكاديميين، وتقديم معرفة هم في أمس الحاجة للوصول إليها للاستفادة من علوم الذكاء الاصطناعي  في مصر والمنطقة بأكملها. 

ما المقصود بالذكاء الاصطناعي  الفلسفي؟

ينقسم الذكاء الاصطناعي  إلى نوعين وهما: الذكاء الاصطناعي  الكلاسيكي الذي يتسم بطابع موضوعي وتحليلي، والذكاء الاصطناعي  الفلسفي، وهو ببساطة يشبه ما قاله الفيلسوف والعالم المعرفي دانيل دانيت: "العلاقة بين الذكاء الاصطناعي  والفلسفة ليست بعيدة، فالذكاء الاصطناعي  هو الفلسفة". 

الذكاء الاصطناعي  الفلسفي يطرح الأسئلة نفسها التي يطرحها الفلاسفة: كيف تصبح المعرفة الإنسانية ممكنة؟ وهل من الممكن استنساخها وإعادة استحداثها بأسلوب اصطناعي في الآلات؟ هل العقل البشري في جوهره حاسوب أم أن هناك أمور أخرى ينبغي وضعها في الحسبان؟ هل يمكن للآلة أن تمر بحالة عقلية وكيفيات محسوسة؟ 

هذا الفرع من الذكاء الاصطناعي  يدرس طبيعة المعرفة الإنسانية وأصولها، ويحاول فهم كيفية عمل العقل البشري، وماهية الذكاء أو المعرفة أو الوعي بداخله. 

يساعدنا الذكاء الاصطناعي  الفلسفي على فهم كيفية إعادة إنتاج هذه العناصر في الآلات، فعلى سبيل المثال؛ تحاول الشبكات العصبية العميقة محاكاة هيكل الدماغ الذي يحوي جميع المعرفة البشرية بأسلوب يساعدنا على فهم أساسيات الذكاء الاصطناعي ، وتعلم الآلة، وعلوم البيانات، وخصوصية البيانات، أو أحدث التوجهات في علم الأعصاب والتعليقات الاجتماعية التي لا تحصى. 

هل وصل الذكاء الاصطناعي  إلى الجمهور في الشرق الأوسط؟

للأسف لا، فالغالبية لا يستوعبون ماهية الذكاء الاصطناعي ، وأرى فجوة معرفية كبيرة جدًّا في حاجة إلى التغطية إن كنا نسعى إلى تحقيق مزيد من التقدم، وفي الحقيقة، الناس لا يعلمون كيف يعمل الذكاء الاصطناعي  أو تأثيراته على النطاق الاجتماعي الأوسع. 

لا يمكننا إنكار معرفة الجميع بالتحولات التي يشهدها (الذكاء الاصطناعي ) في أنحاء العالم، لكن كيف سيكشف تحديدًا عن نفسه على مستوى العالم والمنطقة، فلا أحد يعلم يقينًا هذه المسألة. 

هذا إلى جانب عديد من الهياكل المعقدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تجعل ظهور هذه الثورة الرقمية تختلف اختلافًا كبيرًا من بلد إلى آخر. 

هل تشهد مصر نجاحًا في مجال الذكاء الاصطناعي ؟ 

بالطبع، فقد اتخذت المنطقة بأكملها خطوات جريئة في إنشاء بيئة حاضنة للذكاء الاصطناعي ، ومن الواضح أن دولة الإمارات تحتل مركز الصدارة في هذه الثورة، ومصر ليست دولة غريبة عن هذا السباق نحو الذكاء الاصطناعي ، ففي سبتمبر من العام الماضي، تقدمت مصر 55 مركزًا في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي  في 2020، وحصلت على المركز 56 من بين 172 دولة. 

أعتقد أن كل ذلك يعكس الجهود الكبرى التي تبذلها الحكومة لتبني الذكاء الاصطناعي  على نطاق أوسع، أما الخطوة نحو التطبيقات الاصطناعي ة للذكاء الاصطناعي ، فشهدت كثيرًا من العراقيل، إلا أن أصحاب الأعمال التجارية يسعون إلى ميكنة العمليات والاستفادة من حلول الذكاء الاصطناعي  التي تيسر العمليات في جميع فئات الصناعات.  

في الأعوام القليلة الماضية، وتحديدًا في 2019، حققت مصر ثورة كبيرة في تطوير البنية التحتية لتقنيات المعلومات والاتصالات، إضافةً إلى تدفق استثمارات بمليارات الدولارات إلى هذا المجال، مما ساهم في تعزيز صناعة الذكاء الاصطناعي  في مصر، ولا ننسى قانون حماية البيانات الشخصية الذي دخل حيز التنفيذ وساعد على تنظيم البيانات المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي  ومراقبتها. 

ما الصناعات التي يمكنها تحقيق أقصى استفادة من تطبيق الذكاء الاصطناعي ؟ 

كل الصناعات بإمكانها الاستفادة من انتشار الذكاء الاصطناعي  مثل شركات الأدوية، والأزياء، والرعاية الصحية، والتعليم، والخدمات المالية، والمراكز التجارية، والخدمات الترفيهية. 

تستطيع خدمات الرعاية الصحية، على سبيل المثال، استخدام الذكاء الاصطناعي  في تطبيقات خوارزميات أفضل تساعد العاملين في الرعاية الصحية على تقديم أفضل رعاية للمرضى، أو اختراع أجهزة روبوت وأشياء من هذا القبيل. 

جميع أصحاب الأعمال التجارية لديهم هذا الدافع المذهل للاستفادة من هذه التقنية المحورية، لكنهم لا يعلمون كيف تعمل، لذلك، من الصعب جدًّا الموازنة بين توقعاتهم وما يمكن تحقيقه أو تنفيذه فعليًّا. 

كيف نستطيع إعداد الجيل القادم من خبراء الذكاء الاصطناعي ؟

الخطوة الأولى دائمًا هي التعليم كما فعلت دولة الإمارات، ثم بعد ذلك يأتي دور ورش العمل والمبادرات التي تغطي كل شيء من البداية حتى النهاية، وأنا أعني هنا كثيرًا من الجهود التعليمية وليس التعليم الرسمي فقط، فيجب توفير مزيد من المنصات ومزيد من التفاعل، ويجب أن نهتم ببناء مجتمع من الأشخاص الذين يستوعبون معنى كل ذلك وكيف يمكن استغلاله على أفضل وجه، وأشخاص آخرين ممن يشعرون بالقلق من كم الحكايات التحذيرية مثل الذكاء الخوارزمي الذي لم ينتهِ كما كان مخططًا له. 

أرى أن معرفة الذكاء الاصطناعي  لا يمكن الوصول إليها بسهولة، فإن كنت تعمل ببحث متطور يتناول مسألة ذات آثار واسعة مثل الذكاء الاصطناعي ، فسوف تحتاج إلى الاشتراك في إحدى المجلات العلمية أو المنشورات التي ستجد فيها كثيرًا من المصطلحات المتخصصة يصعب عليك فهم لغتها، لذلك من المهم أن أتحدث عن الذكاء الاصطناعي  بأسلوب بسيط ومتحرر، فلن يساعدنا الذكاء الاصطناعي  إن لم نتعلمه، لذلك أشعر بهذه المسؤولية تجاه إنشاء مجتمع يعمل لتطوير هذا النوع من تعليم الذكاء الاصطناعي . 

هل يجب أن نشعر بالقلق تجاه مستقبل الذكاء الاصطناعي ؟

كل ما تسمعه عن الذكاء الاصطناعي  يثير بداخلك إما شعورًا بالقلق وإما شعورًا بالسلام، وتجد أناس لديهم توقعات كبيرة عادةً ما تكون إيجابية، وآخرين لديهم ذعر مطلق ويشعرون بالخوف من مواجهة هذه الثورة التقنية، والطريقة الوحيدة لموازنة تلك المسألة هي أن نملأ هذه الفجوة بمزيد من المعرفة والفهم حتى يتمكن الناس من استيعاب ما يحدث الآن.

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.