English

هل تستطيع شركات مدفوعات المطاعم الصمود أمام كساد السوق وارتفاع تكاليف الطعام؟

English

هل تستطيع شركات مدفوعات المطاعم الصمود أمام كساد السوق وارتفاع تكاليف الطعام؟
الصورة عبر Big Mamma Group

أحدثت سلسلة مطاعم إيطالية مشهورة في أوروبا ثورة في كيفية تقديم الزبائن طلباتهم وطريقة الدفع مقابل الوجبات داخل المطعم، هذه السلسلة مملوكة لشركة فرنسية تتولى تشغيلها. استطاعت مجموعة مطاعم Big Mamma Group الاستفادة من رمز الاستجابة السريع QR Code ليتمكن عملاؤها من الاطلاع على قائمة الطعام الخاصة بالمطعم، ودفع الفاتورة أو تقسيمها مباشرةً على المائدة باستخدام هواتف الزبائن الذكية دون الحاجة إلى استخدام ماكينات الكروت مما أدى إلى خفض أوقات الانتظار، وتسريع معدل دوران الطاولات، وحصول طاقم المطعم على إكراميات أعلى. 

وقد أثبتت هذه الخدمة نجاحها لدرجة أن مجموعة المطاعم حولتها إلى شركة ناشئة باسم Sunday، وباعت المنصة للمطاعم في مختلف أنحاء أوروبا، وحصلت على تمويل بقيمة 124 مليون دولار أمريكي بعد 5 أشهر فقط من إطلاقها. سرعان ما توسعت شركة Sunday في سبعة أسواق في أوروبا وكندا، ونجحت في جذب آلاف العملاء، وقد كان من المتوقع أن تحقق مزيدًا من التوسع على مستوى العالم، لكن المناخ الحالي السائد عالميًّا أوقف تنفيذ هذه الخطط وخرجت الشركة من أربعة أسواق، وأوضحت أن تردد المستثمرين هو سبب تخفيض العمالة. 

وبعد فترة قصيرة من إطلاق Sunday في أبريل عام 2021، بدأت عدة شركات ناشئة في الإمارات تقديم حلول دفع داخل المطاعم. يعمل في هذا المجال حاليًّا ست جهات فاعلة، وهي:  ChatfoodوQlub وTimbl وSpades وEat App وOpaala. وتجدر الإشارة إلى أن Qlub هي الشركة الأفضل من حيث التمويل بعد حصولها على تمويل قيمته 17 مليون دولار في جولة البذرة Seed في شهر يناير من هذا العام. 

يقول جون مادي، المدير التنفيذي في شركة Qlub: "استطاعت شركة Sunday إثبات جدوى الفكرة، وحل مشكلة المطاعم المتمثلة في خفض أوقات الانتظار داخل المطاعم، ومنح العملاء حرية المغادرة وقتما يريدون، وجعلت دفع الفواتير مسألة سلسلة قدر المستطاع. وقد أسهمت جائحة كورونا في تسريع ذلك كثيرًا، فمنذ ثلاثة أعوام لم يكن لدينا رموز استجابة سريعة، لكن مع إتاحة حلول لاتلامسية أصبحت قاعدة مقبولة حتى في المطاعم الفاخرة.  

غيرت الجائحة عادات المستهلكين وتوقعاتهم، خصوصًا في قطاع الأغذية والمشروبات؛ فإن سهولة طلب الطعام على الإنترنت وبساطته وسرعة توصيله أوضح للمستهلكين مزايا الرقمنة ومدى فعاليتها؛ هذه المزايا يتوقعها كثير من المستهلكين الآن خارج الإنترنت. 

يقول إد تاكر -الشريك المؤسس في شركة Timbl-: "تستطيع الحصول على طعامك أمام باب منزلك، فلماذا أنتظر النادل للحصول على فاتورتي، فهذه المسألة قد تستغرق 20 دقيقة"، أُسست شركة Timbl بوصفها منصة Web3، وتستخدم البيانات والرموز الرقمية لتقديم تحليلات السوق والمقاييس لعملائها. 

ومع عودة المستهلكين إلى المطاعم، يواجه مشغلو المطاعم ضغوطًا لتقديم ما هو أقرب إلى التجربة. أما شركة Chatfood التي تتخذ الإمارات مقرًّا لها -وأسسها في 2018 بنجامين موفلارد وفينيشوس رودريجز بوصفها منصة تقدم البرمجيات كخدمة SaaS- تُمكن المستهلكين من تقديم طلباتهم مباشرةً على موقع المطعم أو قنوات التواصل الاجتماعي، وأضافت خاصية إضافية إلى عملائها تتمثل في تقديم الطلبات والدفع داخل المطعم. 

يقول بنجامين موفلارد: "تحتاج المطاعم إلى رفع مستوى التجربة التي تقدمها لعملائها، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عن طريق القنوات الشاملة Omnichannel لأن العميل نفسه يطلب توصيل الطعام أحيانًا وفي أحيان أخرى يأتي إلى المطعم؛ فهم معتادون الراحة والسرعة، وهذا ما يريدونه عندما يأتون إلى المطعم". 

أغلقت Chatfood مؤخرًا جولة تمويل جسرية Bridge Round بقيمة 3 مليون دولار بقيادة Antler للتوسع إلى المملكة العربية السعودية وتوسيع نظام تقديم الطلبات باستخدام رمز الاستجابة السريع الذي استطاعت الشركة بفضله زيادة متوسط إنفاق العميل بنسبة 35%، ووصلت الإكراميات إلى 3 أضعاف، إضافةً إلى زيادة كفاءة العمالة بنسبة 25%. أجرت الشركة مؤخرًا مقابلات مع ما يزيد على 1000 عميل ممن قدموا طلباتهم أو دفعوا الفواتير عن طريق نظام تقديم الطلبات باستخدام رمز الاستجابة السريع، وأفاد 75% منهم بأنهم يفضلون هذا النظام في الدفع، 87% منهم تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 34 عامًا. 

يقول موفلارد: "الجيل الجديد يريد أن يكون متحكمًا؛ فهم يريدون الراحة والسرعة وإضفاء الطابع الشخصي، وعندما تنجح الشركة في دمج كل هذه العناصر جيدًا داخل إجراءات تشغيل المطعم تتحقق نتائج عظيمة، إن أربعًا وثلاثين بالمئة من الفواتير ينتج عنها تقييمات من العملاء، ومن ثم تتمكن المطاعم من الاستفادة من هذه الرؤى العظيمة ومعرفة الجوانب التي تحتاج إلى تحسين". 

الراحة أم البيانات؟

وفقًا لوجهة نظر تاكر؛ يؤدي تفعيل حلول الدفع داخل المطاعم إلى معدل دوران طاولات أعلى، وبإمكان المطعم توفير 6 دقائق لكل طاولة؛ وأكثر من 75% من جميع المعاملات تشمل إكراميات للعاملين، لكن القيمة الحقيقية لهذه الحلول لا تكمن في عنصر الراحة فقط، بل في البيانات التي يستطيع المطعم تجميعها. 

ويقول: "لماذا نريد مدفوعات سريعة، هل نريد تحقيق معدل دوران أعلى أم زيادة الإكراميات؟ يستطيع أي شخص تحقيق ذلك، فليست مسألةً صعبة؛ تتمثل الفرصة في قدرتك على استخلاص هذه البيانات، وأن تكون في متناول يدك لتستطيع اتخاذ القرارات". 

يقول تاكر: "قضينا وقتًا طويلًا في مجال الأغذية والمشروبات في المنطقة، والأمر الذي لاحظناه باستمرار هو أن التجار لا يعرفون من هم عملاؤهم، وهذا يعني عدم قدرتهم على اتخاذ قرارات سليمة، وكان ذلك بمنزلة إلهام لنا في شركة Timbl. 

"نراها فرصة للتجار لتقديم تجربة عملاء أفضل وإحداث تغيرات في أعمالهم التجارية؛ فالمسألة ليست مسألة خفض تكاليف، بل اتخاذ قرارات من شأنها منح التاجر ميزة تنافسية". 

المطاعم لديها بالفعل قدر هائل من بيانات المعاملات عن طريق نظم نقاط البيع (POS)، لكنها تفتقر إلى الطابع الفردي الذي تقدمه هذه التطبيقات. 

"يساعدك ربط المعاملات بالأفراد على تحديد من هم جمهورك، وطبيعة استهلاكهم ونمط زياراتهم، والتقسيم الذكي لمجموعة البيانات سيمكنك من تحديد عملائك الأكثر ولاءً وقيمة"؛ هذا ما يراه تاكر الذي يؤمن بأن ذلك يساعد المطاعم على تحديد العملاء المتشابهين ذوي القيمة العالية. 

تجميع طلبات العملاء وتفضيلاتهم وعدد مرات تناول الطعام يمكن أن يساعد على تقديم نهج يتميز بدرجة أعلى من الطابع الشخصي وفقًا لما يراه موفلارد. 

وفي المستقبل، لن تكون قوائم الطعام ثابتة، لكن يمكن ملاءمتها بحسب تفضيلات كل عميل أو متطلباته الغذائية. 

يقول: "سيستطيع العميل في المستقبل الحصول على تجربة تتميز بطابع شخصي، وسيكون لكل شخص قائمة طعام مختلفة بحسب ما يحب". 

سباق مزدحم

إحدى أكبر التحديات التي تواجه هذه الشركات الناشئة هي الطبيعة المُفتتة لبوابات الدفع ونقاط البيع في المنطقة؛ فعندما تحاول هذه الشركات دمج حلولها في مجموعة واسعة من النظم تجد أنها مكلفة، وتتطلب فريقًا تقنيًّا قويًّا قادرًا على بناء المنتج. 

يقول مهدي شرايبي -الشريك المؤسس في Spades-: "إن سوق نقاط البيع مُفتت جدًّا، ولدينا أكثر من 100 نظام لنقاط البيع، ونحن نركز على الدمج مع أعلى 20 نظامًا يستهوي 70% من سوق المطاعم". 

هذه الشركات الناشئة السِّت تقدم خدمات مدفوعات داخل المطاعم في الإمارات فقط، وهذا يعني أن المجال مزدحم بالفعل، والحاجة إلى التنوع وتقديم خدمات أخرى بخلاف المدفوعات أصبحت واضحة مع محاولة كل جهة فاعلة تمييزَ نفسها. ويرى تاكر أن "المدفوعات السريعة خاصية وليست شركة" والآن، بدأت الشركات التي تعمل في مجال نقاط البيع ملاحظة أهمية سرعة مغادرة الطاولة. 

أما الحل الذي تقدمه شركة Timbl يقبل المدفوعات باستخدام العملات المشفرة، ويخطط استخدام الرموز غير القابلة للاستبدال NFT بوصفها قاعدة تعتمد عليها برامج الولاء على منصتها. 

وبينما تقدم Chatfood لعملائها حلولًا على الإنترنت وخارجه، فإن Spades تقدم خيارات دفع مختلفة تشمل الشراء الآن والدفع لاحقًا، وتعمل شركة Opaala على بناء قوائم طعام ذات طابع شخصي بحسب الطلب إضافةً إلى المدفوعات داخل المطاعم، وتقدم Eat App -التي أُسست في 2015 بوصفها منصة لحجز المطاعم- حلولَ مدفوعات داخل المطاعم. 

إن الحاجة إلى التميز والتطور ستصبح أكثر ترسخًا في كل شركة، فالمنافسة على السعر خصوصًا بتقديم مصروفات معاملات أقل إلى المطاعم سيؤدي إلى سباق متسارع نحو القاع لا يمكن تمويله إلا عن طريق رأس المال المخاطر الذي تزداد صعوبة الحصول عليه في مختلف أنحاء العالم. 

وكما هو الحال في شركة Sunday، فإن هذه الشركات الناشئة تحتاج إلى سيولة لتتمكن من التوسع والاستمرار في العمل. وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، تباطأت استثمارات رأس المال المخاطر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ووصلت إلى أدنى مستوياتها حتى الآن خلال هذا العام في يوليو؛ فلم تتعدَّ الاستثمارات التي حصلت عليها الشركات الناشئة في المنطقة 105 مليون دولار. 

يقول موفلارد: "الآن بعد أن عاد تناول الطعام داخل المطاعم كما كان، فإن الحاجة إلى رقمنة أعمال التشغيل من وجهة نظر صاحب المطعم قد تبدو أقل قوة، مما يؤدي إلى دورة مبيعات أطول، وعندما ننظر إلى دفع الفواتير، نجد أن بعض أصحاب المطاعم لا يرغبون في دفع مبالغ أكبر من مصروفات ماكينات الكروت على كل معاملة، ولأن المدفوعات الرقمية أغلى من مدفوعات ماكينة الكروت، فقد أدى ذلك إلى إقبال بعض الشركات مثل Sunday على دعم المدفوعات الرقمية وقبول خسارة النقود في كل معاملة".  

"في سوق ينطوي على تحديات أكبر، فإن النمو البطيء واقتصاديات الوحدة السلبية تجعل التقييمات والحصول على رأس المال أصعب، مما يؤدي إلى اهتمام الشركات بمراجعة خطط النمو".  

وفي هذه الأثناء، فإن ارتفاع تكاليف الطعام والتضخم سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض رغبة المستهلك في تناول الطعام خارج المنزل، وهذا من شأنه تعريض جميع الجهات الفاعلة للخطر، لكنها فرصة للشركات العاملة في مجال تقنيات الطعام وفقًا لوجهة نظر موفلارد.  

ويضيف: "مع ارتفاع تكاليف الطعام وتزايد ندرة العمالة، فإن الأمور ستتغير مرة أخرى والحاجة إلى تحقيق الكفاءة باستخدام الأدوات الرقمية سوف يصبح أكثر إلحاحًا مرة أخرى، والمسألة الجوهرية هنا هي القدرة على إضافة قيمة أعلى من تسريع إجراءات دفع الفواتير. إن الشركات التي يمكنها تقديم حلول شاملة للمطاعم تغطي جميعَ نقاط التواصل بدءًا من طلبات التوصيل مرورًا بطلبات تناول الطعام والمدفوعات داخل المطعم والتقييمات، والرؤى والتسويق هي شركات قادرة على إطلاق العنان لكفاءات عظيمة وخفض التكاليف بنسبة قد تصل إلى 25%، لذلك فإن هذه الخدمات تستحق المبالغ المدفوعة فيها، وفي الوقت نفسه تساعد منشآت الضيافة على تقديم تجارب مذهلة للنزلاء في كل وجبة، وتمكنهم من زيادة مبيعاتهم".   

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.