English

كيف أدى فشل سوبر ماركت ومهمة في أوبر إلى تأسيس أبواب

English

كيف أدى فشل سوبر ماركت ومهمة في أوبر إلى تأسيس أبواب
حمدي طباع، الشريك المؤسس في أبواب

يُفضل معظم الخريجين تمهيد سبيلهم نحو الحصول على الوظائف عن طريق البدء بالعمل في مناصب صغيرة لاكتساب الخبرة اللازمة، وشق طريقهم نحو التعيين في مناصب أعلى فيما بعد. أما حمدي طباع، مؤسس شركة "أبواب" الأردنية العاملة في مجال تقنيات التعليم، لم يتخذ هذا المسار التقليدي وبدأ طريقه بافتتاح سلسلة متاجر سوبرماركت بمجرد تخرجه من كلية لندن للاقتصاد في عام 2009. 

يقول "طباع": "انبهرت كثيرًا بمتاجر تيسكو Tesco، وأردت أن أجلب تجارة التجزئة المنظمة إلى المنطقة". 

باستثناء كارفور، فإن سلاسل متاجر السوبر ماركت ليست منتشرةً في أغلب المدن في منطقة الشرق الأوسط، إذ يعتمد أغلب الناس على متاجر البقالة الصغيرة لتلبية احتياجاتهم اليومية. 

متسلحًا بعزيمته ومشاعر الأمل، ظن "طباع" أنه يمتلك القدرة على تغيير الطريقة التي يستخدمها الأردنيون في التسوق، ونجح في التغلب على نقص خبرته بتنفيذ بعض الأبحاث والأعمال التحضيرية. قابل بعض الموردين وتعلم منهم كيفية سير عملهم، وتحدث مع عمال الكاشير في متاجر البقالة و"أقحم نفسه داخل المشهد". 

يقول: "أبي دعمني في بداية مشروعي، لكنني كنت مضطرًا إلى تحمل بعض الديون لتمويل المشروع الذي تبينت شدة صعوبته فيما بعد. حاولت الحصول على تمويل في سن الثانية والعشرين من الأسهم الخاصة، ولم أكن أعرف أن كل مستثمر لديه اختصاصات مختلفة، لم أفهم هذه المسألة". 

واجه "طباع" كثيرًا من التحديات والإخفاقات في طريقه، وعلى الرغم من ذلك استطاع افتتاح متجري سوبر ماركت والحفاظ على استمرار التشغيل لأكثر من 6 سنوات. 

ويقول: "حاولت بيع منتجات البقالة على الإنترنت في 2011 و2012، ولم أكن أعرف متطلبات المنتجات التقنية أو كيفية تشغيلها. بدأت نشاط توزيع الأغذية والمشروبات على الفنادق ونجح النشاط في إدرار دخل. وبعد أعوام قليلة، دخلنا في مفاوضات بهدف التخارج لكنها باءت بالفشل. ظننت أنني فشلت ولن أنجح أبدًا، وفي ذلك الوقت كان من الصعب على إدراك أنني أتعلم درسًا". 

هذه الدروس استفاد منها في وظيفته التالية بصفته مديرًا للعمليات الإقليمية في "أوبر"، لكنه لم يفصح لمديريه الجدد عن أنه مستمر في إدارة متاجر السوبرماركت. 

في أول يوم عمل في وظيفتي الجديدة، كنت أعمل وحدي في مكتب صغير، وكنت معتادًا قبل ذلك على رؤية 10 أو 20 موردًا كل يوم، إضافةً إلى جميع الموظفين العاملين معي. تركت مكتب "أوبر" ثم ذهبت إلى متجر "السوبرماركت" الذي أملكه، وكان من الصعب إبلاغ فريقي بأنني أعمل في هذه الوظيفة الجديدة لأنني شعرت أني أخذلهم، فهم يعلمون أنني مررت بتجربة تخارج لم تنجح ودعموني". 

ظل يعمل في الوظيفتين لمدة عام قبل أن يترك متجر "السوبر ماركت"، وعلى الرغم من الدخل الثابت الذي حصل عليه في وظيفته في "أوبر"، فإن غزو الشركة لأسواق جديدة لم يكن سهلًا على الإطلاق. فقد كانت "أوبر" في نظر الناس كيانًا منبوذًا تسبب في هدم النظام التقليدي لسيارات الأجرة واستبداله بحل أثار غضب كثيرين على مستوى العالم. 

ويقول: "في أول أسبوعين، كنت أتولى تأهيل الأفراد وأذهب إلى شركات التأجير وألح عليهم من أجل العمل معنا. في ذلك الوقت، كان علينا التعامل مع احتجاجات سائقي سيارات الأجرة وتهديدات بالقتل وهو ما مثل تحديًا كبيرًا، لكن بسبب التحديات التي واجهتها في تجربتي السابقة اكتسبت قدرًا كبيرًا من الصلابة. وعندما أبلغتنا الحكومة بأن أمامنا 48 ساعة لإيقاف عملياتنا، لم أشعر بالتوتر". 

نجح "طباع" في توسيع أعمال شركة أوبر في جميع أنحاء الأردن، ثم لبنان وقطر وباقي المنطقة. 

ويضيف: "أردت أن أثبت لنفسي أولًا ثم دائرتي المقربة والعالم أنني لست فاشلًا". 

في أثناء عمل "طباع" في "أوبر" شاهد بعينه مدى الأثر الذي يمكن تحقيقه عن طريق التقنية. 

ويقول: "رأيت الأثر والتوسع والنمو، ومع التعامل مع أدوات أوبر ولوحة البيانات والاطلاع على البيانات اللحظية، ترى أمامك 500 سائق في انتظار التوظيف لهذا الأسبوع وأنت الشخص المسؤول عن توفير هذه الوظائف". 

قبل انضمام "طباع" إلى "أوبر"، كان يتطلع إلى افتتاح مركز تعليمي صغير يساعد الأطفال على تعلم الفيزياء والاقتصاد، لكن هذه الفكرة سرعان ما تطورت وتحولت إلى منصة تدعمها التقنية مهدت لإطلاق أبواب، إذ أنه أدمج الأفكار والخبرات التي تعلمها في فترة عمله في "أوبر". 

يقول: "بدأت في إجراء كثير من الأبحاث وتحدثت إلى الناس ونظمت مجموعات تركيز Focus groups، وفي ذلك الوقت كنت مشغولًا جدًا ببناء أوبر، وكانت الأوقات التي أمضيها في رحلات الطيران تجبرني على عدم استخدام الإنترنت، فلم يكن أمامي سوى كتابة أطنان من الملاحظات أرسم فيها تخيلاتي عن هذا العمل التجاري". 

في 2019، قابل "حسين الصرابي" الذي كان في ذلك الوقت يؤسس شركة تقنيات تعليمية ناشئة على وشك الفشل، وعمل "الصرابي" قبل ذلك رئيسًا لإدارة المنتجات والتقنية في شركة "موضوع" الأردنية. 

"كنت أنتظر التعرف إلى مدير تقنية تنفيذي CTO مناسب، وأدركت أننا نكمل بعضنا. تعلمت كثيرًا من إخفاقاته وتمكننا من الوصول إلى مستثمِرَين ملائكيين، ثم اتخذنا من التقنية التي بناها أساسًا لنا وبنينا عليها". هذا ما قاله "طباع" الذي كانت أولويته الرئيسية ضمان الحصول على تمويل قبل ترك "أوبر" لتجنب الضغوط التي سيطرت عليه عندما كان يدير متاجر السوبر ماركت. 

حصل على تمويل قيمته 2.4 مليار دولار أمريكي في جولة ما قبل البذور، وهي من أكبر الاستثمارات في مجال التقنيات التعليمية في ذلك الوقت مع "آدام تك فنتشرز" Adam Tech Ventures و"إندور كابيتال" Endure Capital و"إكويتراست" Equitrust، وتولى عديد من زملائه السابقين في "أوبر" مسؤولية إعداد جدول الرسملة Cap Table، أما المستثمرون في شركته منحوه نصيحة في غاية الأهمية وهي التركيز على شيء واحد وتنفيذه بأسلوب جيد. 

ويقول: "كنت ساذجًا وأرى إمكانية تعليم أي شيء على المنصة، لكنني أدركت أن أكبر المشكلات هي تلك التي يواجهها الطلاب في المرحلة الثانوية. أولياء الأمور ينفقون مبالغ كبيرة على التدريس خارج المدرسة لذلك أردت أن أقدم منتجًا يركز على تقديم خدمة التدريس بأسعار معقولة". 

أطلقت "أبواب" منصتها التعليمية عبر الإنترنت مع توفير دروس فيديو وإمكانية تتبع الأداء، وأتاحت للطلاب في المرحلة الثانوية التعلم بالوتيرة التي تناسبهم، إضافةً إلى إجراء اختبارات لأنفسهم وتلقي الدروس. ركزت المنصة في بداية إطلاقها على مادتي الرياضيات والعلوم. 

يقول "طباع": "تعلمت درسًا وهو أنك لا تستطيع افتراض ما يحتاجه السوق. أطلقنا المنصة قبل 6 أشهر من انتشار جائحة "كورونا"، وعندما انتشرت الجائحة، تعاوننا مع وزارة التعليم في الأردن في إطلاق مبادرة "تعلم عن بُعد"، وابتكرنا المحتوى اللازم بالتوازي مع منتجنا الخاص. أجبرتنا الحكومة على توفير جميع المواد الدراسية، ولاحظنا انجذاب المستخدمين لمواد اللغات، ومع نمو المنصة بدأ الطلاب يطلبون مزيد من المواد الدراسية. 

تعتمد "أبواب" على نموذج الاشتراك، إذ يفتح لك الاشتراك الذي تبلغ قيمته 15 دولار رحلة تعلم كاملة لعام دراسي معين يتوافق مع المنهج الوطني. 

منذ إطلاقها، استطاعت الشركة الناشئة زيادة قاعدة المستخدمين إلى عشرة أضعاف - بحسب ما ذكرته الشركة -، وحصلت على إجمالي تمويل قيمته 27.5 مليون دولار، وتوسعت في خمس دول وهي الأردن ومصر والعراق والسعودية وباكستان. وفي 2021، استحوذت على "إدماتريكس" Edmatrix، وهي منصة تعليم اجتماعي أسسها مسؤول سابق في "أوبر". الشبكة التي كونها "طباع" في أثناء عمله في "أوبر" لم توفر لأبواب القاعدة اللازمة للاستثمار والتوظيف فحسب، بل منحتها القدرة على توسيع عملياتها أيضًا. 

يقول "طباع" الذي عين "عبد العزيز الحكيم" لإطلاق أبواب في مصر: "توسعنا في مصر في أقل من عام، ولم يكن الأمر متعمدًا أو مخططًا له، حيث بدأ الأمر عندما أنهت "أوبر إيتس" أعمالها في المنطقة، وكان المسؤول عن العمليات صديقًا لي، وقلت له أن لدي وظيفة عظيمة من أجله".  

على المدى القصير، تهدف "أبواب" إلى تأسيس وجود قوي في الأسواق الخمس. وتدريجيًا يطمح الفريق إلى بناء منصة تستخدم قوة التقنية في تقديم تجارب تكيفية ومنظمة تتناسب مع قدرة الطالب على التعلم. 

يقول "طباع": "على مستوى العالم، لا يزال قطاع تقنيات التعليم في مراحله المبكرة، فعندما بدأ إطلاق التلفاز على سبيل المثال، كان يبث أعمال مسرحية، ونشعر أن تقنيات التعليم لا تزال في هذه المرحلة، فهي تقدم الصيغة الرقمية للعالم خارج الإنترنت على أجهزة اللابتوب. الإبداع الحقيقي لم يبدأ بعد، ونحن لا نزال في مرحلة البناء، وإذا ما نظرنا إلى قطاع تقنيات التعليم، سنجد أن المنطقة مجزأة للغاية وكثير من المشكلات في حاجة إلى حلول. الموضوع ليس كخدمات الانتقال وكل ما عليك هو نقل الشخص من المنطقة أ إلى المنطقة ب، وهو ما يجعل الأمر أكثر صعوبة". 

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.