English

حلول صندوق: تمكين التجارة الإلكترونية في العراق

English

حلول صندوق: تمكين التجارة الإلكترونية في العراق
مصدر الصورة: شركة صندوق

لا تزال صور الحرب وويلاتها والصراعات المستمرة ومظاهر الفساد في نظر الكثيرين تقض مضجع العراق،  ولا يختلف اثنان على مشقة الحياة والمعاناة اليومية التي يشهدها المواطن هناك، ولكن بعيدًا عن الصعوبات السياسية والاجتماعية، تشهد الساحة العراقية نشوء فرصٍ للنمو الاقتصادي تشق طريقها دون كلل نحو الازدهار. ومن المظاهر التي نراها بصورة متكررة حاليًا عودة العديد من الشباب العراقي الذي تلقى تعليمه في الخارج إلى سوق مهيأ لاستقبال عالم الرقمنة.  وهناك الكثير من رواد الأعمال، من أمثال مصطفى العبيدي الذي نشأ وتلقى تعليمه في المملكة المتحدة، الذين يرون في العراق وشعبه الذي يمتاز بارتفاع نسبة الشباب وذوي الخبرة في مجال التكنولوجيا فرصةً ذهبية وميزة لأوائل المتحركين نحو اقتناص الفرص.

هناك مسار معين تتبعه معظم الأسواق عندما يبدأ يصبح استخدام الإنترنت آخذٌ في الارتفاع.  في البداية، ينضم المستخدمون إلى تطبيقات المراسلة وشبكات التواصل الاجتماعي، ويتواصلون مع الأصدقاء والعائلة، ويتدرجون في ذلك إلى أن يبدأوا بالتواصل مع شركات ومنشآت الأعمال- مما يمهد الطريق للتجارة الإلكترونية.  وشأنه شأن معظم النظم البيئية الناشئة حول العالم، تتم معظم هذه التجارة الإلكترونية في العراق على منصات التواصل مثل “فيسبوك” و”واتساب”، وهو أحد أشكال ما يعرف بالبيع الاجتماعي.  ومع ذلك، تتم تعاملات البيع والشراء على الأغلب بعيدًا عن الاتصال بالإنترنت، حيث يلتقي البائع بالمشتري شخصيًا ويتم شراء البضائع نقدًا. في نهاية المطاف، تخضع هذه العملية بالكامل للرقمنة مع البدء في تشغيل الخدمات اللوجستية والتكنولوجيا المالية.  

وبالنظر إلى افتقار العراق إلى مزود فاعل للخدمات اللوجستية، أطلق العبيدي شركة “صندوق”، مركزًا جهوده في بداية إطلاق المنشأة على أنشطة تسليم الميل الأخير، حيث يتم تسليم المنتج من منشأة الأعمال إلى المستهلك عن طريق مجموعة من سائقي التوصيل الذين يعملون بنظام التعهيد الجماعي.

ويقول العبيدي: “التجارة الإلكترونية في العراق شبيهة ببازار رقمي، حيث إنها ترتكز على أنشطة البيع الاجتماعي. يرغب الناس بإقامة علاقات شخصية مع البائع، ولدى التجار القدرة على تحقيق ذلك." ويضيف في ذات السياق: “الخطوة الأولى التي كان علينا القيام بها هي معالجة الثقافة التي لم تكن رقمية.  ركزنا على تقديم حلولٍ رقمية لإدارة طريقتنا في تشغيل الأعمال والطرق التي يستطيع من خلالها العملاء إدارة طلباتهم.”

يعتمد البيع الاجتماعي بشكل كبير على الثقة- لا يوجد تتبع ولا إيصالات ويتم تنفيذ جميع المراحل يدويًا.

ويوضح أحمد مالك، المدير التنفيذي للتكنولوجيا في صندوق، قائلاً: “الحجم هو الحاجز الأول الذي يحد من انتشار هذه العملية،” ويوضح بأن التجار يعانون بسبب الافتقار إلى البنية التحتية التي تتيح لهم التحرك إلى ما بعد البيع الاجتماعي.

يقول العبيدي: "لم تفكر أي من هذه الشركات في التوسع، بل كان هناك الآلاف من هؤلاء التجار يبيعون المنتجات [بهذه الطريقة]. ولا يمكننا فصل السياق العراقي عن أي قضية اقتصادية، فالناس هنا يصارعون للبقاء، ولا يمكن فصل ذلك عمن يقول بأنه سعيد بالوضع القائم.”

وضعت شركة صندوق مجموعة متكاملة من الحلول اللوجستية بين يدي هؤلاء التجار، والتي يؤمن العبيدي بأنها توفر هيكلًا للسوق. وتطورت مجموعة الحلول هذه لتتجاوز أنشطة تسليم الميل الأخير، لتضم خدمات التخزين، وتلبية طلبات التجارة الإلكترونية وتسليمها وإدارة النقد عند التسليم.

ويؤكد العبيدي بأن "معدلات الطلب تشهد ارتفاعًا وأصبح العراق محطًا لأنظار العلامات التجارية العالمية.” "البيع الاجتماعي لا يزال نشاطًا ضخمًا، إلا أنه تطور أكثر من ذي قبل. يستقطب العراق لاعبين فاعلين في مجال التجارة الإلكترونية، ولكنهم يضطرون إلى التكيف مع الطريقة المتبعة محليًا في بيع البضائع. لدينا شركات جاءت من الإمارات العربية المتحدة ولم تعتاد على هذا المستوى من التفاعل مع المستهلك.  يتطلب منك العمل هنا [في العراق] بناء العلاقات.”

لا يزال المشترون في العراق يرغبون في المساومة على الأسعار، وهو ما يتعارض مع الأشكال الحديثة للتجارة الإلكترونية، والتي تبدو غير شخصية وفقًا للعبيدي، إلا أن هذه الثقافة آخذة في الانحسار نظرًا لأن المستهلكين قد بدأوا بالفعل بالتكيف.

تعمل صندوق مع العديد من العلامات التجارية الإقليمية والدولية وتساعدها على اختراق السوق العراقي، يوجد أكثر من 100 تاجر يمارس أعماله بمساعدة حلول صندوق، 30 في المائة منهم تجار دوليون من أمثال Philips وSketchers.

وعن ذلك يقول العبيدي: "بنينا نظامًا بيئيًا كاملاً لهذا الغرض، وكان علينا أن نبني شيئًا ملائمًا للسياق المحلي، ولهذا لم نتمكن من شراء البضائع والمنتجات الجاهزة. من العوامل التي شكلت جزءًا كبيرًا من هذه [الرحلة] حجم العراق كسوق والفروق الثقافية بين فئات المجتمع."

التحديات التي يشهدها العراق فريدة من نوعها، ففي الشمال يقف إقليم كردستان بصفته دولة شبه مستقلة علاقتها مع بغداد العاصمة مشوبة بعدم الاستقرار. ولهذا السبب تضطر الشركات الناشئة إلى التعامل مع سلطتين قضائيتين مختلفتين، بل يتعين عليها أيضًا التعامل مع لغتين وثقافتين مختلفتين.

كما أن هناك تحديات من منظور اجتماعي وجغرافي تعيق حركة البضائع. يقول العبيدي: "يتم فحص كل شيء وتفتيشه بين كردستان وبغداد.”

بالنسبة لشركة صندوق والتجار عمومًا، تؤدي هذه الضوابط إلى خسارة في المبيعات والمرتجعات.

يضيف العبيدي: “نتعامل مع العميل المحتمل ويتم البيع بالفعل، عندها يتولى السائق مهمة تسليم [المنتج] ويستلم الثمن نقدًا. ما لديك الآن هو عميل محتمل فقط وأي تأخير في تيسير المعاملة قد يؤدي إلى خسارة عملية بيع.”

لا تزال الغالبية العظمى من التعاملات تتم نقدًا، مما يزيد من احتمالية إلغاء البيعة. يبلغ معدل العائد الوطني حاليًا 40 في المائة.

ويعلق مالك: "لديك العميل والسائق والشخص الذي يجمع النقود ويدفعها للتاجر. ينبغي مراقبة جميع هذه العمليات وتتبعها لتعزيز الثقة. أجبرنا [انتشار التعاملات النقدية] على تطبيق ذراعٍ تدعم التكنولوجيا المالية، وقدمنا محفظة إلكترونية يسهل الوصول إليها من قبل جميع المشاركين في عملية إدارة النقد.”

وقد أثبتت المحافظ الإلكترونية أنها حل عملي لمشكلة النقد في بلد يعتبر فيه استخدام بطاقات الائتمان أمرًا غير شائع.

ويبين العبيدي: "قد تكون بارعًا في التعامل مع المبيعات واكتساب العملاء، ولكن في النهاية إن لم تستطع تأمين مدفوعاتك بطريقة آمنة، فسيشكل لك ذلك مشكلة كبيرة".

وبالحديث عن آفاق المستقبل، تجمع شركة صندوق حاليًا 2 مليون دولار لجولتها من السلسلة “أ”.

ويضيف العبيدي: “شرعنا بالفعل بتمهيد للمرحلة القادمة. حققت الشركة إيرادات منذ يومها الأول، وتمكنا من استعادة أموال الشركة لاستثمارها وتنميتها.  حققنا نموًا ملفتًا وكان أداؤنا مثيرًا للإعجاب بالنظر إلى ما حققناه في العراق. الإمكانيات الآن هائلة، ونحن في أفضل وضع لنتمكن من إقناع الكثير من المستثمرين واستقطابهم. وتتمثل المرحلة التالية في التوسع.”

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.