English

كيف يساهم رواد الأعمال في بناء مدنٍ ذكية؟

English

كيف يساهم رواد الأعمال في بناء مدنٍ ذكية؟

بعد أن اعتادَت آذاننا على عباراتٍ كالهاتف الذكيّ والتلفزيون الذكيّ والسيّارات الذكيّة والمنزل الذكيّ، كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن مفهوم المدن الذكية التي تطمح إلى بنائها العديد من الدول في مختلف أنحاء العالم. فبات مصطلح "ذكي" يجتاح مدناً بأكملها، في عصرٍ أصبحَت فيه تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات حجر أساسٍ في حياتنا اليومية.

والمدينة الذكية هي تلك الرقمية التي تعتمد خدماتها وبناها التحتية على تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات بهدف زيادة الاستدامة وتحسين حياة المواطنين والنموّ الاقتصادي، وذلك باشتمالها على ثماني نقاط أساسية هي: الحوكمة الذكية، والطاقة الذكية، والبناء الذكي، والتنقّل الذكي، والبنى التحتية الذكية، والتكنولوجيا الذكية، والرعاية الصحية، الذكية والمواطن الذكي.

وبحسب صحيفة "فوربز" Forbes، تمثّل المدن الذكية فرصةً تساوي 1.5 تريليون دولار في السوق، ويُتوقّع بحلول عام 2025 بناء 26 مدينة ذكية عالمية يقع نصفها في أوروبا وأمريكيا الشمالية.

إلا أنّ الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتحديداً الإمارات العربية المتّحدة، قد أطلقَت الكثير من المبادرات مثل "دبي مدينة ذكية" Smart Dubai، و"مدينة مصدر" Masdar City في أبوظبي، من أجل ركوب القافلة العالمية وتوفير أحدث الخدمات للمواطنين والسكان.

الاهتمام المتزايد في المنطقة بالمدن الذكية زاد من الاهتمام بتنظيم الفعاليات والنقاشات حول إمكانيات بناء هذا النوع من المدن، والدور الذي يضطلع به القطاعان العام والخاص، وتحديداً روّاد الأعمال الذين يشكّلون أبرز حافزٍ للابتكار والابداع بواسطة التكنولوجيا المعاصرة.

كانَت لنا فرصة لقاء مدير قطاع خدمات المدن الذكية في "مجلس المدن الذكية" Smart Cities Council في الولايات المتّحدة، د.ماني فداري، ليقدّم لنا باقةً من النصائح لروّاد الأعمال الذين يريدون أن يكونوا شركاء ناشطين للمدن الذكية؛ وذلك في فعاليةً "المدن الذكية والفرص لروّاد الأعمال والمبتكِرين" التي نظّمتها "ذي إندوس أنتروبرونير" TIE غير الربحية في مركز "إن 5" In5 في دبي.

مدير قطاع خدمات المدن الذكية في "مجلس المدن الذكية"، ماني فداري، يناقش فرص الابتكار التي توفرها المدن الذكية خلال فعالية "المدن الذكية والفرص لروّاد الأعمال والمبتكِرين". (الصورة لـ باميلا كسرواني)

يعتمد بناء مدينةٍ ذكية، في أيّ مكانٍ من العالم، بحسب د. فداري،على عدّة عوامل أبرزها "امتلاك رؤيةٍ لما نريد أن نملكه، أو نكون عليه، أو أن نقوم به بعد 25 عاماً في المدينة الذكية،" مشيراً إلى دبي كمثال. كذلك شدّد على أهمّية الوعي وإدراك أهداف المدينة الذكية وسبل تنفيذها وتحديدها، مذكّراً بأنّ تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات يجب أن تكون في خدمة المواطن عبر بناء منصّاتٍ متعدّدة الوظائف تجمع بين مختلف الخدمات. وبما أنّ بناء مدينةٍ ذكيةٍ يقدّم فرصاً كثيرة لروّاد الأعمال ليتألّقوا ويبرعوا، فقد أسدى بعض النصائح.

اعتمِد التفكير الابداعي وركّز على نقاط محددة.

ينبغي التفكير بطريقة تختلف عمّا تعوّدنا عليه، أثناء البحث عن قطاعات أو خدمات أو حلول متخصّصة pinpoints، في المدينة أو البلد المستهدف. وكمثالٍ عن إيجاد حلٍّ لمشكلة زحمة السير أو غياب أماكن مخصّصة لركن السيارة، قال د. فداري: "إذا قلتُ إنّني سأعيد ترتيب الكراسي في هذه الغرفة لن يأبه لذلك أحد، فتصرّفي قد يريح البعض لكنّه ليس نقطةً متخصّصةً ستغيّر حياة الكثيرين."النقاط المحدّدة تختلف بين مكانٍ وآخر.

على سبيل المثال، لا يمكن تقديم حلٍّ لزحمة السير في دبي باعتماد خدمة الدراجات الهوائية كما في سياتل، لأنّ الطقس لا يساعد خلال معظم أشهر السنة. إذاً، "لا بدّ للنقاط التي تريد التطرّق إليها أن تتناسب مع بلدك."

اعمل على إيجاد الحلّ.

 متى يحدّد رائد الأعمال القطاع أو المشاكل التي يريد معالجتها، لا بدّ أن يجد الحلّ المناسب. وبعدما أشار فداري إلى "أوبر" Uber كمثالٍ لشركةٍ نجحَت في تقديم خدمةٍ تحدّ من مشكلة انتظار سيارات الأجرة وزحمة السير، أكّد على أهمّية ايجاد حلٍّ "يريده الناس. فليس المهمّ إجبارهم على اعتماده، بل أن يرغبوا في اعتماده." كما شرح قائلاً: "هل حقّاً نحتاج إلى ‘آي فون‘؟ ولكنّ ‘آبل‘ ابتكرت منتَجاً يريده الجميع وباعَت منه ملايين النسخ. من المهمّ أن تحدّد نقطةً محدّدة، أو أن تنشئ واحدة بنفسك."

"مدينة مصدر" هي المثال الأبرز عن الجهود التي تبذلها الإمارات لبناء مدينة ذكية. (الصورة من "ومضة")

لا تبحث عن الحلّ المثالي.

لا يمكنك تقديم الحلّ المثاليّ لأنك لا تعرف ما سيكون عليه في السنوات المقبلة، بحسب د.فداري، الذي استشهداً بـ"جوجل" التي لم تعد تشبه نسختها الأوّلية بعدما واصلَت تحسّنها وتغييرها عبر السنوات. لذلك "ابدأ بحلٍّ صغير تريد أن تقدّمه إلى زبائنك، شرط أن يكون أكثر نفاذاً ويريده الناس."

طوّر تطبيقات ابداعية ومبتكرة.

يبقى الإبداع ركناً أساسياً في بناء أيّ مدينةٍ ذكية، ولا بدّ من طرح أسئلةٍ حول المنتَجات أو التطبيقات التي تريدها الأجيال المقبلة أو تحتاج إليها، في مجالات توفير الطاقة وحماية البيئة ومشكلة زحمة السير… وينبغي على رائد الأعمال، وفقاً للدكتور فداري، النجاح بابتكار حلٍّ آليٍّ فريدٍ يجذب أكبر عددٍ من المستخدِمين. فعلى سبيل المثال، "إذا قدّمتَ تطبيقاً واحداً لترشيد الطاقة في المنزل، ستجذب كثيراً من المستخدِمين الذين سيتوقّفون عن استخدام تطبيقاتٍ أخرى، تقوم كلٌّ منها بوظيفةٍ محدّدة على غرار تطبيقٍ لضبط المكيّف الهوائيّ وآخر لتسخين الماء وآخر للتحكّم بالإنارة." ولا بدّ أن يبتكر الرائد تطبيقاتٍ تجمع بين الراحة والتوفير في آنٍ، لتحفيز المستخدِمين.

لا تخشَ اعتماد خطّة أعمالٍ مختلفة.

يجدر بروّاد الأعمال أن يبحثوا ويبتكروا خطط أعمالٍ جديدةٍ أو غير موجودة قد تساعدهم على تحقيق النجاح. فخطط الأعمال الجديدة باتت تظهر في مختلف أنحاء العالم، حيث ذكر د. فداري أنّ إعادة التدوير في الهند تطال كلّ شيءٍ، لذا تمرّ شركةٌ مختصّةٌ أسبوعياً على المنازل لجمع الصحف القديمة مقابل مبلغٍ ماليٍّ صغير من أجل إعادة بيعها، ما يدرّ الربح على الطرفَين.

لا شكّ أن بعض دول المنطقة العربية ستشهد المزيد من الاهتمام في بناء المدن الذكية، ولا شكّ أنّها ستكون فرصةً لروّاد الأعمال كي يضعوا مهاراتهم وإبداعهم في خدمة هذا المشروع الذي سيولّد سوقاً تنافسيةً "سليمة"، حيث سيضافر الجميع جهودهم ويتنافسون على تقديم أفضل الحلول والخدمات وأذكاها لحياةٍ أفضل.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.