English

شركة ناشئة مغربية تجمع حلول الطاقة الكهرومائية والشمسيّة

English

شركة ناشئة مغربية تجمع حلول الطاقة الكهرومائية والشمسيّة

"ألتو سوليوشن" Alto Soltuion دخلت إلى سوق منتجات الطاقة والمياه الصعبة (الصورة من "ألتو سوليوشن")

كيف يمكننا أن نتابع في تطوير الإنسانية ونحن نحترم قارة الأرض، ونحدّ من الانحباس الحراري ونحافظ على مواردنا الطبيعيّة؟  

شغل هذا السؤال بال الخبير المغربي في الطاقة الشمسيّة وفي تحلية مياه البحر، مهدي برادة؛ وها هو اليوم، بعد أن أمضى عقداً في العمل في أوروبا، يحاول الإجابة عنه مع شركته الناشئة في المغرب.   

بعد أن عمل طوال مسيرته المهنيّة في مجال "العلاقة بين الطاقة والمياه" Water-energy nexus حيث تستخدم المياه كأداة أساسيّة لتوليد الطاقة وتبريد المحطّات الحراريّة وتوليد الطاقة للتوربينات، وحيث تشكّل الطاقة أداةً أساسيّة لتحلية مياه البحر؛ لحظ برادة أهميّة إيجاد أساليب أكثر نظافة ومراعاة للبيئة لإدارة هذه المجالات.

 لذلك، أسس عام 2012 شركته "ألتو سوليوشن" Alto Solution التي تعمل على تطوير تكنولوجيا حديثة وعالية التقنيّة للشركات B2B باستخدام هذين الموردين الطبيعيين.

في حديثه مع "ومضة"، يشير برادة إلى أنّه رغم صعوبة بناء منتجات الأعمال للأعمال B2B products، إلا أنّ إمكانيات السوق العالميّة جعلت الأمر يستأهل التعب. ويضيف أنّه بفضل الإدارة الجيّدة، تمكّن من تحقيق مكانته اليوم.

نعمة الاستدامة   

يوماً عن يوم، تقلّ تكلفة تحلية مياه البحر، التي تنفّذ عن طريق التقطير أو من خلال غشاء شبه نافذsemipermeable membrane، وتزيد فعاليّتها. وشيئاً فشيئاً، تراها حكومات البلدان القاحلة حلّاً لنقص مياه الشرب لديها.

عام 2015، 99% من إمدادات المياه في قطر كانت من المياه المحلّاة، وكانت السعوديّة تخطط لبناء أكبر محطّة لتحلية المياه في العالم؛  وهذا العام، انطلقت أولّ محطّة في المغرب لتحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسيّة.

على المستوى العالمي، يُنتج مجموع عدد محطّات تحلية المياه الذي يتراوح بين 15 ألف و 20 ألف محطّة أكثر من 40 مليون متراً مكعباً من مياه الشرب يوميّاً. وفي الأعوام الخمسة الماضية، نمت القدرة الإنتاجية العالميّة لمحطّات تحلية المياه بنسبة 57 %.

لكنّ تحلية مياه البحر تتطلب كمّاً هائلاً من الكهرباء – إلى حدّ 55 % من التكاليف الإجمالية للمحطّة -  ولذلك، تبدو خيارات الطاقة المتجددة حلاً مغرياً للغاية.

توقّع تقرير صدر عام 2013 عن "لاكس ريسرتش" Lux Research أنّ سوق الطاقة الشمسيّة ستنمو لتصل إلى 155 مليار دولار بحلول عام 2018. أمّا المغرب وهو البلد الذي يستورد 97% من استخداماته للطاقة، فيخطط لإنتاج 42 % منها باستخدام الطاقة الشمسية والمائة والرياح بحلول عام 2020، وذلك بحسب "البنك الدولي" World Bank.   

يقتضي هذا المخطط على إنتاج جزء كبير منها في محطّة بلغت كلفتها 9 مليار دولار لإنتاج الطاقة الشمسيّة في مدينة ورززات، في حين يقوم الأفراد والشركات بإنتاج الكميّة المتبقيّة.

تنوّع الابتكارات

في هذا السياق، ولدت "ألتو سوليوشن". وبالرغم من أنّ برادة تَمتَّع بهدفٍ وعددٍ كبيرٍ من الأفكار لهذه الشركة، غير أنّه لم يكن لديه خطّة فعليّة.     

يقول رائد الأعمال هذا إنّه "اختار المشاريع الكبيرة التي تبدو واعدة والتي قد تحقق أرباحاً كبيرة، وبالتالي تساعدنا في تطوير ابتكارات أخرى في وقتٍ لاحقٍ."

Mehdi Berrada
شكّل استخدام "الضغط العالي لتحلية المياه" High Pressure for Desalination نقطة البداية لهم، وقد اخترع براده هذه التكنولوجيا لتبسيط الطريقة التي تعمل فيها محطّات تحلية المياه التي تستخدم الغشاءات في عمليّة باسم "التناضح العكسي" reverse osmosis. التناضح العكسي يدفع الماء الأعلى تركيزا نحو الأدنى عبر غشاء شبه نافذ باستخدام الضغط، ويفصل بذلك الماء عن الأملاح والمعادن الأخرى. هذه التكنولوجيا، حسبما تصفها براءة الاختراع التي حصل عليها برادة، تقلّص بتركيبة واحدة عدد العناصر المطلوبة لتركيب خرطوشة تقطير في محطّة تحلية؛ وبالتالي تخفف من تكاليف الاستثمارات الأوليّة ومن التكاليف الجارية المتكررة. 

What is Reverse Osmosis? (Image via Puretec)

 ما هو التناضح العكسي؟ (الصورة من "بيور تك")

لكنّ التمويل كان شحيحاً؛ لم يتمكّن برادة من إيجاد تمويل إلاّ من "المركز المغربي للإبداع والمقاولة الاجتماعيّة" Moroccan Center for Innovation  التابع للحكومة الذي وعده بمليون درهم مغربي (أكثر بقليل من 100 ألف دولار). وقد غطّى ذلك تكاليف بناء أوّل وحدة تجريبيّة، في حين تطلّب الحصول على أوّل شيك من هذا التمويل 30 شهراً أي حتّى آب/أغسطس 2015.

فيما كان ينتظر الدعم الحكومي، أطلق برادة شركة استشارات باسم "ألتو إنرجي" Alto Energie لتقديم النصائح وبيع منتجات الطاقة الشمسيّة سواء كانت كبيرة أو صغيرة. هذه هي الشركة التي دعمت مشاريع برادة ذات التقنيّة العالية والأثر الاجتماعي الكبير التي تتواجد الآن في ‘ألتو لابز‘ Alto Labs في "ألتو سوليوشن".

بالإضافة إلى تكنولوجيا "الضغط العالي لتحلية المياه"، يسوّق الفريق أيضاً جهاز تقطيرٍ لمياه البحر ينتج من 5 إلى 10 ليترات من مياه الشرب في اليوم باستخدام الطاقة الشمسيّة، وجهاز تسخين هواء للمدارس والمستوصفات.

غير أنّ سرّ استمراريّة مشاريع البحث والتطوير R&D يكمن في الإدارة الحذرة والناجحة. فيما يلي، يعرض برادة أساليب أساسيّة ساعدته في بناء شركة أجهزة صناعيّة تعتمد على البحث والتطوير في المغرب.

تجنّب الأثقال. لا يبذّر برادة الأموال على المكاتب الفخمة ويراقب دائماً نفقاته بتأنٍ. وقد اختار أن يسكن في مدينة أكادير في الجنوب البعيدة ولكن الأقل كلفة من عاصمة المغرب الاقتصاديّة، الدار البيضاء.

تعاون مع الآخرين. كذلك، تعاونت "ألتو" مع مؤسسات أخرى لتطوير المواهب، وقد سمح لها تعاونها مع جامعة محليّة باسم "الجامعة الدولية لأكادير" Universiapolis باختيار طالب واحد للعمل معه لمدّة ستة أشهر واستخدام البنى التحتيّة ومعدّات الجامعة لتطوير نماذجها الأوليّة.

لسنتين على التوالي، استقبلت "ألتو" طلاب "المعهد التكنولوجي في جزر الكناري" Technological Institute of the Canary Islands كمتدرّجين لثلاثة أشهر. كما عملت مع "كلاستر سولير" Cluster Solaire التي تركّز على دعم ريادة الأعمال في مشاريع الطاقة الشمسية للحصول على متدّرج في المراحل الأخيرة من المشروع من أجل مسابقات "الشراكات من أجل التمييز" PFE .  

اختر الفعاليات المناسبة. لا يحضر برادة عدداً كبيراً من فعاليات الشركات الناشئة – ولا يعتقد أنّها تناسب مشاريع الأعمال للأعمال ومشاريع البحث والتطوير على المدى البعيد – لكنّه بنى فريقه من خلال حضوره لهذه الفعاليات. "في بادئ الأمر، كنت أحضر فعاليات شركات ناشئة مختلفة، وأشارك في مسابقات لكننا كنّا نغادر محبطين لأنّ المواقع والتطبيقات تغلبنا" حسبما يشرح برادة.

اختر الفريق المناسب. لم يعلن عن الأمر رسميّاً بعد لكنّ مورو بدريتي، وهو مهندس مدني سويسري متقاعد يتمتّع بسمعة مرموقة وتاريخ في ريادة الأعمال، قد انضمّ إلى الفريق. يقدّم بدريتي لـ"ألتو سوليوشن" خبرته ومعرفته في البناء والمفاهيم الميكانيكيّة التي تساعده على الإشراف على المهندسين.

بدوره، يخبر بدريتي "ومضة" أنّه "في حياتي، تسنّت لي فرصة العمل مع مهندسين شباب. وأعتقد أنّه من واجبنا كمهندسين "قديمين" أن نساعدهم من خلال خبرتنا التي اكتسبناها من ارتكاب أخطاء كثيرة، على أمل ألا يقوموا بالأخطاء نفسها. كذلك، أعتقد أنّ المغرب وغيرها يمكنها على المدى المتوسّط تأدية دوراً أساسيّاً في مجال الطاقة المتجددة."

من جهة ثانية، يساعده المحامي في وادي السيليكون سمير اللبران فيما يتعلّق بحقوق الملكيّة الفكريّة واستراتيجيّة تنمية الشركة الناشئة.

يريد برادة أن يجعل من "ألتو سوليوشن" مسابقاً أساسيّاً في قطاع الطاقة النظيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليس فقط من خلال العمل في مجالين مركزيين في هذا القطاع بل من خلال ابتكار تكنولوجيا حديثة أثرها منخفض على كوكب الأرض.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.