English

هل يمكن لهذا الابتكار أن يغني المرضى عن غسيل الكلى؟‎

English

هل يمكن لهذا الابتكار أن يغني المرضى عن غسيل الكلى؟‎

 

مرض الكلى في المرحلة النهائية end stage renal disease  هو عندما تتوقف الكلى عن تأدية وظيفتها بشكل يمنع المرضى من البقاء على قيد الحياة من دون غسيل الكلى أو زراعتها.

بحسب التقرير السنوي من "نظام بيانات مرض الكلوي في الولايات المتحدة" Renal Data System في الولايات المتحدة، أكثر من 666 ألف أمريكي يتمّ معالجته لفشل كلوي و100 ألف و791 ينتظرون زرع الكلى.

وطرق المعالجة الحاليّة للمرض في مراحله النهائية، ليست فقط جائرة بل إنّها تؤلم المريض أيضاً.

يقول الشريك المؤسّس والرئيس التنفيذي لـ"كيدني لابز" Qidni Labs، الإيراني مرتضى أحمدي، إنّ "الحلّ الوحيد الذي يتوفّر للمرضى للبقاء على قيد الحياة خلال هذه السنوات هو غسيل الكلى، نظراً لأنّ متوسّط وقت الانتظار لأوّل زراعة كلى للشخص يساوي 3.6 سنوات، وبالتالي هناك حاجة حقيقية لعلاج فعّال وناجح عبر استبدال الكلى أو بعض أجزائها."

تحاول "كيدني لابز" سدّ هذا النقص بتطوير كلوة اصطناعية يمكن زرعها تقدّم للمريض نوعيّة حياة أفضل.

قبل اطلاق هذه الشركة الناشئة المتخذة من كندا مقرّاً لها، أكمل أحمدي برنامج زمالة مع "كريسنت"Krescent في "مؤسّسة الكلى" The Kidney Foundation في كندا، وهو يحمل شهادة دكتوراه في هندسة الأنظمة من "جامعة واترلو" University of Waterloo، بعد أن درس الفيزياء في مشهد في ايران حيث نشأ.

في المحصّلة، جمع أحمدي بين مهاراته في الهندسة ومعرفته الطبية لإطلاق "كيدني لابز" عام 2014 مع الشريك المؤسّس إلهام شاهي.

مرتضى أحمدي، الرئيس التنفيذي لـ"كيدني لابز" (الصورة من "كيدني لابز")

 

وضع مريض الكلى

في الوقت الحالي، على مرضى الفشل الكلوي زيارة عيادات غسيل الكلى ثلاث مرّات في الأسبوع وتحمّل جلسات غسيل لمدّة أربع ساعات في كلّ مرّة، ما يؤدّي إلى آلام جسديّة ونفسيّة أيضاً.

فضلاً عن ذلك، تقدّر كلفة غسيل الكلى للمريض بـ90 ألف دولار في العام؛ وقد ذكرت "المؤسسة الوطنية للكلى" The National Kidney Foundation أنّه عام 2012 دفع برنامج التأمين الاجتماعي في الولايات المتحدة "ميديكير" Medicare أكثر من 87 مليار دولار لرعاية مرضى الكلى، باستثناء تكلفة وصفات الأدوية.

يهدف نموذج عمل "كيدني لاب" إلى تقليص هذه التكلفة ببيع الجهاز إلى المستشفيات مقابل 100 ألف دولار بهامش ربح يساوي 65%. ومن ثمّ تعيد شركات التأمين الصحّي 200 ألف دولار للمستشفى (تكلفة العمليّة الجراحية والعناية وكلفة الجهاز) ويتلقّى المرضى هذا الجهاز مجّاناً.

الجهاز

فريق أحمدي الذي يطوّر حاليّاً منتجاً يتوافق مع كلّ فئات الدمّ ويحاكي خصائص الكلى، حظي بثلاثة براءات اختراع في الولايات المتحدة ويمتلكون 100% من حقوق الملكيّة الفكرية، ما يغطّى عملية تصنيع فلاتر نانوية يمكن زرعها وبدائل كلوية قابلة للزرع أيضاً.

لكنّ بناء الجهاز المناسب شكّل تحدّياً، "فقد حاولنا وفشلنا أكثر من مرّة،"بحسب أحمدي الذي يضيف "أنّنا اضطررنا للمرور بمراحل عدّة واختباراتٍ عدّة للنموذج الأوّلي."

يرتبط الجهاز بالشريان الحرقفي iliac artery وهو يضخّ الدمّ نحو منطقة الحوض والساقين، والوريد الحرقفي الذي يعود بالدمّ إلى الأعلى، ومن ثمّ يحوّل الدمّ من الشريان إلى فلتر نانوي يزيل السوائل والسموم اليوريمية uremic toxins من الدمّ.

لدى الشخص السليم، تخرج السموم اليوريمية من خلال البول بمساعدة كلية عاملة. ولكن في حالة مرضى الفشل الكلوية، تتجمع هذه السموم وتؤثّر سلباً على الوظائف البيولوجيّة للجسد. وبالتالي فإنّ هذا الجهاز يساعد في تنقية الدمّ من هذه السموم ويعيد إرسال الدمّ السليم في الوريد.

"الفلاتر النانوية تعمل على ضغط الدم الطبيعي؛ وبالتالي، طالما ينبض القلب سيعمل الجهاز،" حسبما يقول أحمدي.

عمليّة زرع كلى (الصورة من طارق صلاح الدين)

 

تبقي هذه الكلية الاصطناعية السموم على مستوى معيّن من خلال تقديم علاجٍ دائم وتلقائي، ومن المحتمل أن تلغي الحاجة إلى غسيل الكلى وأن تقلّص عدد الزيارات إلى المستشفى بشكل كبير لأنّ المريض يتلقّى علاجاً طوال اليوم في المنزل.

"كلّ البيانات تدلّ على أنّك إذا قمتَ بغسيل الكلى في المنزل، ستحظى بنوعية حياةٍ أفضل وتعيش لمدّة أطول،" على حدّ قول الأستاذ فيتو كامبيزي، رئيس قسم أمراض الكلى وضغط الدم في "جامعة كاليفورنيا الجنونية" University of Southern California.

ماذا في السوق؟

نظراً للطلب الكبير على أنظمة معالجة كلى بالشكل الأفضل، يجرى الآن اختبار أجهزة أخرى.

كما "نرى الآن تحسّناً في أجهزة الكلى القابلة للارتداء والمحمولة،" حسبما يشير كامبيزي، العضو في مجلس المستشارين في "إيزي دايل" EasyDial وهو جهاز غسيل كلى محمول مصمم بشكل يسمح للمريض بتشغيله (لم تتم الموافقة على استخدام هذا الجهاز بعد).

يمكن أيضاً إيجاد محاولات أخرى لتطوير كلية قابلة للزرع، مثل التعاون الذي يجري بين"المركز الطبي في جامعة فاندربيلت"  Vanderbilt University Medical Center و"جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو" University of California San Francisco لتطوير كلية اصطناعية قابلة للزرع مع رقاقاتٍ من الفلاتر وخلايا كلى طبيعية تعمل بمساعدة قلب المريض، وإعفاء المرضى من غسيل الكلى أيضاً.

تختلف تقنيّة أحمد وفريقه من ناحية أنّ جهازهم ميكانيكيّ ولا يحتاج إلى خلايا كلى طبيعية. وحتّى الآن، أجروا اختبارين على الخنازير، فكانت النتائج واعدة للغاية، بحسب أحمدي، إذ أنّ "الجهاز نجح في استخراج الماء والسموم اليوريمية."  

تسريع الأعمال والتمويل

شارك فريق "كيدني" مؤخّراً في برنامج "إندي بايو" IndieBio، وهي مسرّعة أعمال للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية في سان فرانسيسكو، فتلقوا 250 ألف دولار كتمويلٍ تأسيسيّ لتطوير المنتَج، وحضروا جلسات إرشاد من متخصّصين في هذا المجال، كما عرضوا أفكارهم في يوم العروض الخاص بالبرنامج في حزيران/يونيو أمام عددٍ كبير من المستثمرين في وادي السيليكون.

والآن يسعى الفريق إلى الحصول على استثمارٍ بقيمة مليوني دولار للبدء بالتجارب السريرية وجعل التكنولوجيا أقلّ خطورةٍ عند الزرع.

"كلية يمكن زراعتها قد تشكّل حلاً مناسباً"، يقول كامبيزي لافتاً إلى أنّ "الأمر حرجٌ لأنّ مخاطر الإصابة بالعدوى والتخثّر حقيقية للغاية."

بدوره، يأمل فريق "كيدني" أن يدخل الجهاز إلى السوق في السنوات الستّة القادمة، وحتّى ذلك الحين سيتابعون التجارب على الحيوانات ومن ثمّ يبدأون بالتجارب على الإنسان بربط الجهاز بالجسم من الخارج أولاً.   

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.