English

تونس تسعى لتكون مركزاً لرواد الأعمال في مجال العدالة

English

تونس تسعى لتكون مركزاً لرواد الأعمال في مجال العدالة

ماذا لو أصبحت تونس مكاناً أفضل للعيش مع المزيد من الشركات الناشئة العاملة في مجال العدالة؟ طرحت هذا السؤال مؤسسة "هيل" Hiil الهولندية غير الربحية التي تقدم برنامجاً لتسريع أعمال الشركات الناشئة التي تبتكر في مجال العدالة، والتي تجري دراسات عن احتياجات  المتعاملين مع النظام القضائي ومدى رضاهم بما في ذلك القدرة على الوصول إلى المحامين، والإجراءات القانونية، والنزاعات القضائية، وغيرها.

زار كانور ساتلي، وكيل تسريع الأعمال في "هيل"، في 28 تموز/يوليو، مساحة العمل المشتركة "كوجيت" Cogite التونسية، لعرض آخر دراسة أجرتها المؤسسة: "الاحتياجات القضائية في تونس – 2017" Justice Needs in Tunisia - 2017. وكشف التقرير عن بيانات في مجال العدالة في تونس جُمعت بعد مقابلات مع 6700 شخص تونسي خلال العام 2016، حيث أفاد 59% من المستطلَعين إنهم واجهوا مشكلة قانونية واحدة أو أكثر في السنوات الأربعة الماضية.

ويقول ساتلي: "لماذا نرى أنّ الآن هو الوقت المناسب للابتكار في مجال العدالة في تونس؟ لأنّ هناك جهات رفيعة المستوى تدعم هذا التوجّه"، شارحاً أنّهم حصلوا على دعم من وزير العدل و"الهيئة الوطنية للمحامين في تونس" Nation Bar Association of Tunisia.

ويضيف أنّ مؤسسة "هيل" تساعد المحرّكين الأوائل في السوق مع تمويل مجاني وحصص استثمارية تصل إلى 200 ألف يورو (23 ألف دولار أميركي).

تورد البيانات التي قدمها التقرير احتياجات التونسيين في مجال العدالة، مثل حلّ المسائل المتعلقة بالعمل، ومن بينها عدم دفع أجور الموظفين والمضايقات في العمل التي سجلت أعلى نسبة من الإجحاف (تصل إلى 31%). وتشمل الاحتياجات الأخرى الخدمات العامة (18%)، والدعاوى بين الجيران (15%). وتكشف البيانات أيضاً أنّ 80% من التونسيين لا يتشاورون مع محامٍ عندما يواجهون قضية قانونية، وأنهم يفضلون محاولة التقاضي بطريقة غير رسمية.

ويضيف ساتلي أنّ "معظم هذه الإحصاءات تلقي الضوء على الاحتياجات الموجودة كما تدعم رواد الأعمال للعمل على تلبيتها"، مشيراً إلى عدد من الشركات الناشئة التي دعمتها "هيل" موجودة في بلدان أخرى، من بينها منصة "ليجال أدفايس" Legal Advice التي تدعم المقيمين الأجانب في دبي باللغة الإنجليزية، و"ليجال ألارم" Legal Alarm في أوكرانيا، و"إم إس إم إي جراج" MSME Garage في أوغندا، و"فايف أو" Five-O التي توفر تطبيقاً لمكافحة المضايقات التي يمارسها عناصر الشرطة وآخر لشفافية الشرطة في أتلانتا الأميركية. بالإضافة إلى ذلك، تدعم "هيل" أيضاً منصة في سويسرا تساعد الناس على التواصل مع المسؤولين المنتخبين ودعوتهم إلى تبنّي سياسات يؤمن بها المواطنون.

ويتابع ساتلي أنّ "العديد من رواد الأعمال يؤسسون شركات ناشئة تلبي الحاجات في مجال العدالة، ولكنّهم لا يطلقون على هذه الشركات تسمية ’شركات ناشئة في مجال العدالة‘ justice startups. والوساطة المجتمعية هي مثال على كيفية محاولة الشركات الناشئة حلّ مشكلةٍ ما محلياً والتعامل مع القضاء".

تتمثل مهمة "هيل" بتمكين 150 مليون شخص حول العالم من تجنب أو حل المشاكل القضائية الأكثر إلحاحاً بحلول العام 2030.

مؤسسة "هيل" تقدم تقريرها في مساحة العمل المشتركة "كوجيت"، يوم الأربعاء الماضي. (الصورة من "هيل")

الاستدامة و"التحالف غير الرسمي"

شكّلت مسائل مثل عدم الثقة في النظام القضائي، وبطء الإجراءات، والفساد، مشاكل إضافية تناولها التقرير والجمهور: كيف يمكن إطلاق شركة ناشئة في ظل هذه الظروف؟

قال ساتلي إنّه "عليك أن تبدأ بالبناء بشكل غير رسمي حيث تعمل في الأشهر الستة الأولى على تأسيس شبكة تضمّ وسائل إعلام وأشخاصاً يدعمونك"، مضيفاً أنّ مؤسسة "هيل" تقبل دعم المبادرات بشكل غير رسمي وتوفير بعض الحماية للشركات الناشئة المستعدة لتناول مسائل مثل مضايقات الشرطة أو الفساد.

تستقبل "هيل" طلبات من مختلف أنحاء العالم في برنامجها لتسريع الأعمال، وتحثّ التونسيين على المشاركة في البرنامج من خلال البيانات التي توصّل إليها التقرير والتي يمكن أن تلهم الناس مجموعة واسعة من الأفكار. ويمكن لكلّ رائد أعمال تونسي أن يتقدم بطلب لضم فكرته المبتكرة إلى البرنامج.

يعتقد بعض رواد الأعمال الشباب الذين شاركوا في ماراثون الأفكار التمهيدي الذي نظمته "هيل" في وقت سابق من العام الجاري، أنّ هناك فرصة للتغيير غير أنّ هناك الكثير من الأمور التي ينبغي معالجتها أولاً.

تقول ريبيكا غلوهبيغوفيتش، مديرة المكتب في "المركز التونسي لريادة الأعمال الاجتماعية" the Tunisian Center of Social entrepreneurship في المهدية، إنّ "التقرير قدم لنا الإحصاءات التي نحتاجها لإيلاء [فئة محددة] الأولوية، لأننا جميعاً ندرك وجود مسائل قضائية غير عادلة ولكننا لا نعرف أيّ مسألة هي الأهم".

ستقدم غلوهبيغوفيتش وفريقها الذي يضم طالبة قانون ومهندساً وطبيب أسنان، طلباً إلى برنامج تسريع الأعمال من "هيل"، مع فكرة لإنشاء منصة تجمع البيانات القانونية في تونس وتبسّطها وتوفّرها على شكل بيانات مصوّرة، وذلك من خلال كتاب رسوم مصورة أو لعبة. وتقول طالبة القانون نورهان مساكني إنّ "الجزء المثير هو أنّه عندما فكرنا في هذا، أدركنا انّ الفرق في مدينتي سيدي بوزيد والقصرين كان لديها الاهتمام نفسه، ما يبرز الحاجة إلى المنصة وإمكاناتها".

يعمل رواد أعمال آخرون مشاركون في هذه الفعالية في شركات تتعامل بشكل غير مباشر مع مسألة القدرة على الوصول إلى مساعدة قانونية. ومنهم، على سبيل المثال، عدنان بلحاج، الذي يعمل في شركة تهتم بالإجراءات القانونية عند تأسيس شركة ناشئة أو منظمة غير حكومية، وحلها في غضون أسبوع للشركات، وشهرين للمنظمات.

ويقول بلحاج بعد الفعالية: "لقد جئنا للحصول على أفكار حول رقمنة خدماتنا والعثور على مصدر لتمويلها".

بدوره، شرح ساتلي أنّ "الابتكار في مجال العدالة، على صعيد العالم، هو توجّه لم يُسمع به بعد، ولكنّني متأكد من أنّنا سنرى بعض الأمور العظيمة في تونس في غضون سنوات قليلة".

تركّز مؤسسة "هيل" على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وستجري هذا العام دراسة حول احتياجات مجال العدالة في لبنان.

الصورة الرئيسية من "فليكر" Flickr.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.