English

'عرب نت' بيروت: سباقات وروبوتات ومستقبل حركة الصناع في المنطقة

English

'عرب نت' بيروت: سباقات وروبوتات ومستقبل حركة الصناع في المنطقة

المراهقون يستعرضون روبوتاتهم خلال منافسةٍ في "عرب نت" بيروت. (الصورة من "كلمات" Kalimat)

استجمعَت حركة الصنّاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قواها، لتظهرَ في فعاليةٍ ركّزَت على روّاد الأعمال الذين يعملون على الروبوتات ومختبرات التصنيع fablabs والأجهزة القابلة للارتداء، بالإضافة إلى الإضاءة على النهضة الحالية في مجال الأجهزة.

كان هذا في اليوم الثالث من "عرب نت" بيروت ArabNet Beirut الذي خُصِّص للمبتكِرين في هذا المجال ولعرض نقاشاتٍ تتناول حركة الصناع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

أمّا الصنّاع فهم أولئك الذين ينخرطون فعلياً في بناء الأجهزة بدلاً من التركيز على البرمجيات وحسب، ويعملون في مجالاتٍ مثل الإلكترونيات والروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد والأجهزة المتصلة بالإنترنت (إنترنت الأشياء Internet of Things)، وحتّى الحرف التقليدية مثل أشغال المعادن ونجارة الخشب. وفي حين شهدَت ثقافة الصنّاع زخماً متزايداً في المنطقة خلال السنوات الخمس الماضية، فإنّ مساحات الصانعين makerspaces في مصر والجزائر كانت في طليعة هذه الحركة.

في مؤتمر "عرب نت" قبل أيام، تمّ تخصيص مكانٍ لصانعين شباب ومتحمّسين أرادوا عرض نماذجهم الأوّلية لروبوتات السيارات وغيرها من الأجهزة التي بنوها بأنفسهم، وقد جاء بعضهم من مدرسة "فيكس" Vex للروبوتات في لبنان التابعة لبرنامج "فيكس" العالمي.

وقال أحد الأساتذة في "فيكس" التي تنظّم أيضاً مسابقةً سنويةً للروبوتات في لبنان، في حديثٍ مع "ومضة": "لدينا برامج عاملة في 20 مدرسة من مختلف أنحاء لبنان،" مشيراً إلى روبوت صنعه تلميذٌ لديهم.

من الأمور المهمّة التي برزَت من جهةٍ أخرى كانت جلسة النقاش التي حملت عنوان "نهضة الصنّاع" The Maker Wakening، حيث اجتمع عددٌ من روّاد الأعمال وقادة هذا القطاع ليتحدّثوا عن تجاربهم في نشر ثقافة التصنيع في المنطقة والتحدّيات التي واجهتهم.

مدير جلسة النقاش إل اليسار مع المتحدّثين: عمر الشاعر، وغويوم كريدوز، وكيرستن كولومبيير، وعلي إسماعيل. (الصورة لـ ميسا عجان)

قال مؤسِّس "رابيد مانيفاكتوري" Rapid Manufactory، غويوم كريدوز، إنّه "عندما انتقلتُ من كندا إلى لبنان شعرتُ بنقصٍ في نشاط الصنّاع. وبالتالي أسّستُ مساحة ًخاصّةً بي في البداية، ومن ثمّ فتحناها لخدمة الآخرين وتمكينهم من الوصول إلى أدواتٍ أساسية لم تكن متوافرة، لأنّه لا يمكن أن يكون لديك فكرة من دون أيّ تصوّر."

والآن يوجد لدى "رابيد مانيفاكتوري" ستّ طابعات ثلاثية الأبعاد، قام كريدوز بتصميم إحداها بنفسه مطلقاً عليها اسم "بيج فوكسل" BigVoxel، وهي تسمح بطباعة أجسام كبيرة.

كان من بين المتحدّثين أيضاً الشريك المؤسِّس لمساحة "فكرة" Fikra Space   في العراق، علي إسماعيل؛ ومؤسّس "آلكس هكر سبايس" Alex Hackerspace، عمر الشاعر؛ ومؤسّس "مبادرة مساحة التصنيع والريادة العالمية" Global Entrepreneurship and Maker Space Initiative (GEMSI)، بلال غالب؛ وكيرستن كولومبيير، مديرة علاقات الإبداع في "جنرال إلكتريك" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا GE MENAT.

الانطلاق على مستوى صغير في البداية ضروريّ

توافق المؤسّسون على أنّه من الأفضل للصانعين أن يبدؤوا أعمالهم على مستوى صغير.

وقال كريدوز إنّ "الشركات الصغيرة أكثر تفاعلاً وتجاوباً من الشركات الكبيرة،" شارحاً أنّ الشركات الكبرى التي اعتادَت إجراء البحوث والتطوير لعشرات السنين تميل لأن تكون أكثر جموداً في تفكيرها، في حين أنّ مساحات الصانعين تكون قادرةً على كسر الحواجز التي تفرضها المفاهيم السائدة والعوائق العملية.

من جهتها أشارَت كولومبير من "جنرال إلكتريك" إلى أنّ شركتها كانت تحاول نشر ثقافة الصانعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال إنشاء مساحاتٍ لمحبّي الأجهزة والبرمجيات هاكر سبايس" Hackerspares والعمل مع شركاء محلّيين صغار.

وذكرَت أنّ "شركاتٍ مثل ’جنرال إلكتريك‘ بدأت تفهم أنّه يوجد عالمٌ كبيرٌ خارج الشركة وأنّه لا يمكنها القيام بالأمور وحدها بعد الآن. ولذلك، أنشأنا مساحاتٍ للصانعين في الجزائر والسعودية وأبوظبي وإسطنبول، فراحت هذه المشاريع تجذب الشركاء ما سهّل علينا نشر هذه الثقافة."

وهذه المساحات التي تُسمّى "كراجات جنرال إلكتريك" GE Garages، تضمّ أدواتٍ مثل الطابعات ثلاثية الأبعاد وأدوات القولبة بالحقن وآلات القطع بالليزر وآلات تقطيع الخشب، بالإضافة إلى مجموعة أدوات "ليتل بيتس" LittleBits والوحدات الإلكترونية التي تنتجها.

وأضافت كولومبيير أنّ "شركاءنا في هذه البلدان ساعدونا على تنظيم الفعاليات وورش العمل وتسويق هذه الفعاليات على وسائل الإعلام، إضافةً إلى متابعتهم للطلّاب."

 كان حضور صغار السنّ لافتاً، ولم يفوّتوا تدوين الملاحظات.

الاكتفاء الذاتي لا يقلّ أهمّية

يتصدّر هؤلاء الرياديون حركة الصناع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولذلك فهم يألفون التحدّيات الصعبة التي ترافق النجاح سواء على صعيد التصنيع أو التمويل.

وفي هذا الإطار، قال مؤسّس "مساحة فكرة"، على إسماعيل: "لقد خسرنا مساحتنا في عام 2013 بعدما أغلقت الجهة المانحة أعمالها في العراق. وبالتالي اعتمدنا على مهاراتنا التي أضفنا إليها تطوير البرمجيات وغيرها من الخدمات، بالإضافة إلى الأجهزة. من المهمّ أن تتحمّل لتستمر." وهكذا فعلَت مساحة "فكرة" التي ما زالت تعمل حتّى الآن.

من جهةٍ ثانية، يعتبر التمويل مشكلةً أخرى، على حدّ قول الشاعر الذي أسّس مساحة "آلكس هكرسبايس" قبل عامٍ من الثورة المصرية. "بالإضافة إلى مواجهة مشاكل أمنية بعد الثورة، قمنا باستئجار مساحةٍ لكنّنا لم نجد ما يكفي من المستثمرين،" كما شرح خلال حديثه.

ولكن في نهاية المطاف، تمكّن الشاعر من تأمين مبلغ 100 ألف دولار من موارده وموارد فريقه واستمروّا، وقد بات لديهم الآن "300 عضوٍ من الصنّاع الناشطين" وسيشاركون في النسخة الثانية من فعالية "ميكر فير" القاهرة Maker Fair قريباً.

هذه الفعالية الأخيرة تعدّ واحدةً من أكبر تجمّعات الصنّاع في المنطقة، إذ جمعَت في العام الماضي قرابة 5 آلاف صانِعٍ ومحبٍّ لهذا المجال، وهي منظمة من قبل "فاب لاب" مصر بالتعاون مع السفارة الأميركية في مصر وشركة "اينتل" Intel العالمية. 

تمّ عرض الكثير من الروبوتات.

الطلبيات الكبيرة والتكاليف الكبيرة

من العقبات الكبيرة التي تقف في وجه الصانعين، هي التصنيع بكمّياتٍ ضخمة وهو نهجٌ تعتمده معظم مصانع الإلكترونيات.

الطلبيات الكبيرة غير مناسبة للنماذج الأولية الأساسية كما أنّها مكلفة، ولكن نظراً للحجم الهائل من الطلبات الأحادية فمن غير المرجّح ألّا يكون هناك مشاكل في المنتَجات الأوّلية.

وبحسب كريدوز، تعتبَر هذه المشكلة "أحد الأسباب التي تدفع فقط 5% من المستثمرين المخاطرين للاستثمار في الأجهزة. وما نحاول القيام به [في ’رابيد مانيفاكتوري‘] هو تقديم إمكانية إنتاج كمّياتٍ قليلة بواسطة الأدوات التي نملكها، وبالتالي يمكن للمستثمِرين أن يعرفوا كيف سيكون أداء المنتَج عند الإنتاج بكميات كبيرة."

من جهته، قام الشاعر بتأسيس شراكاتٍ على عدّة أصعدة لمساعدة روّاد الأعمال الشباب في مصر على تصنيع النماذج الأوّلية وتطوير الأعمال. وفي هذا السياق، عقد شراكةً مع العديد من طلاب كلية الهندسة في جامعة الإسكندرية قبل عامَين، بحيث يساعدهم على تحويل نماذجهم الأوّلية إلى مشاريع أعمال، من خلال وضع خطّة عمل ومساعدتهم على تمويل مشاريعهم جماعياً على الإنترنت.

وقال لـ"ومضة" بعد جلسة النقاش: "لقد قمنا بذلك لمدّة عامَين تقريباً، وساعدنا العشرات من الطلّاب."

يقوم الشاعر بعددٍ من المبادرات الأخرى، ومن أهمّها مشاركته في معرض "كانتون" Canton Fair في الصين، في شهر نيسان/أبريل المقبل، حيث ينوي عقد شراكاتٍ مع مصنّعين هناك لتمهيد الطريق أمام الروّاد المصريين الآخرين. وقال في هذا الصدد، إنّ "ما نريد القيام به هو تكملة حلقة الإنتاج بدءاً من التمويل الجماعي وصولاً إلى التصنيع."

بالإضافة إلى ذلك، تناولَت جلسة النقاش أهمّية إدخال حركة الصنّاع إلى المدارس، خصوصاً في المناطق الريفية ومخيّمات اللاجئين. ورأى بلال غالب أنّ "حركّة الصنّاع لا تقتصر على الطباعة ثلاثية الأبعاد وحسب، بل على التصنيع بأبسط الموارد وتعلّم كيف يكون المرء مبدعاً."

إنّه عصر الفضاء في المنطقة

بينما تتّجه التكنولوجيا ذات الصلة بالفضاء لتصبح منتشرةً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لم يتجاهل "عرب نت" هذا القطاع الصغير إنّما المتنامي.

في حديثٍ على المنصّة، قال لوكاس بريمون، مهندس النظم الفضائية في "أكسل سبايس" Axelspace الشركة الناشئة الكائنة في طوكيو والتي تطوّر الأقمار الصناعية الصغيرة، إنّه "بات يوجد الآن الكثير من الشركات التي تطوّر الصواريخ والأقمار الصناعية ما يخفّض من كلفة وضع الأقمار في مداراتها، خصوصاً أنّ بعض هذه الصواريخ تتمّ صناعتها بواسطة الطابعات ثلاثية الأبعاد."

ومن الفوائد الأخرى لهذا الأمر هي القدرة على تجميع كمّياتٍ هائلة من البيانات في مختلف المجالات، حسبما قال جوزيه عشاش جوزيه عشاش، المدير العام لـ "إيه بي سويس" AP-Swiss، في حديثٍ سابقٍ له مع "ومضة".

أمّا بريموند، فقال وسط التصفيق إنّ "الفضاء بات الآن في متناول روّاد الأعمال الذين يمكنهم تجنّب الجمود الذي يسود ’ناسا‘ NASA [...] لقد حان الوقت لإرسال بعثةٍ جديدةٍ إلى الفضاء."

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.