English

كرم للطاقة الشمسية تسعى إلى تمكين السكان من الاستقلال بطاقتهم‎

English

كرم للطاقة الشمسية تسعى إلى تمكين السكان من الاستقلال بطاقتهم‎

في مكاتب "كرم للطاقة الشمسية" Karmsolar في جزيرة الزمالك في العاصمة المصرية، تعلق الشركة لافتة على الحائط تحمل شعارها الذي يقول إنّ هدفها أن تكون أكثر شركات الطاقة الشمسيّة خارج الشبكة ابتكاراً.  

يؤمن رئيسها التنفيذي، أحمد زهران، بأنّ توليد الطاقة خارج الشبكة يمكّن الشعوب ويبعدهم عن أنظمة الحكومات الفاسدة. ويشرح في حديثٍ مع "ومضة"مشروعه قائلاً: "أريد نقل الطاقة في المنطقة بأكملها إلى خارج الشبكة، هكذا أرى السوق. وبقيامنا بذلك، سوف نمكّن [السكّان]، ونوفّر لهم الاستقلاليّة ونضع أعمالهم وحياتهم بين أيديهم وليس في أيدي الدكتاتوريين."

ويضيف أنّ "ريادة الأعمال تشكّل نوعاً من المقاومة، يقوم على مقاومة الديكتاتوريّة والفساد ومقاومة القيام بالأمور بطرق قديمة ومقاومة نماذج الأعمال البالية."  

أحمد زهران (الصورة من "كرم للطاقة الشمسيّة")

في عام 2011، أطلق زهران شركة "كرم للطاقة الشمسية" لتأمين الكهرباء للمزارعين الذين يعيشون في مناطق لا تصل إليها الشبكة أو لا يمكنهم الحصول على الطاقة التي تزوّدها الدولة. هذا السعي للمثالية يعود إلى أولى خطواته المهنيّة كمستشار مالي في الفرع التونسي لإحدى أكبر شركات النفط "شيل" Shell، وإلى عمله في تجارة الفحم في لندن.

"الأشخاص الذين يرون أنّ  [الانتقال من النفط إلى الطاقة المتجددة] أمر طبيعي هم الذين يتمتعون  بضمير حيّ،" حسبما يقول زهران مضيفاً: "لم أحبّ عملي معهم، لا أعتقد أن الأمر أخلاقي... وهم بالتأكيد غير ملتزمين بالانتقال إلى الطاقة المتجددة."

وما دفعه إلى الشعور بذلك تصويت المساهمين في شركة "شيل" ضدّ خطّة طموحة للعمل على الطاقة المتجددة.

في عين الشمس

الكهرباء المولّدة عبر الطاقة الشمسيّة في مصر لا تصل نسبتها إلى 1% من مجمل الكهرباء: وهذا الرقم منخفض للغاية في بلدٍ تسطع فيه الشمس أكثر بكثير من أغلب بلدان العالم.   

وبالتالي، استغلّت "كرم للطاقة الشمسية" غياب المنافسة لبناء شركة تتوسّع الآن في مجال توليد الطاقة بكميّات كبيرة في القطاعين العام والخاص.

وعن هذا الأمر، تذكر مطوّرة الأعمال في الشركة، فريدة زكي، لـ"ومضة" أنّه عندما بدأت "كرم للطاقة الشمسية بالعمل"، كان العمل خارج الشبكة هو الطريقة الوحيدة التي تسمح لها بجنى الأرباح ومنافسة الطرق التقليدية في توليد الطاقة، بخاصّةٍ وأنّ دعم الكهرباء ومشاريع تغذية الشبكة الرسمية بالطاقة المتجددة FiT (حيث تدفع الحكومات مقابل طاقة متجددة مولّدة في القطاع الخاص) حدّت من فرص العمل في سوق تغذية الشبكة.

تقع مصر في المنطقة الأكثر تعرّضاً للشمس خلال العام. (الصورة من Earth.Rice.Edu)

عاملان أساسيان أعاقا تطوّر توليد الطاقة الشمسيّة رغم هدف الحكومة الطموح الذي يقوم على رفع الاعتماد على الطاقة المتجددة إلى 20% بحلول عام 2020.

العامل الأوّل هو بطء تقدّم محطّات توليد الطاقة الكبيرة المتصلة بالشبكة من 25 إلى 50 ميجاواط، إذ أنّ فرض الحكومة على المستثمرين الموافقة على إجراء أيّ تحكيم في مصر، عوضاً عن إقامته دوليّاً، أدّى إلى إعاقة مرحلة الموافقة الأولى على تغذية الشبكة الرسميّة بالطاقة إلى حدّ التوقف أحياناً.  لقد سحب بعض المستثمرين الأموال من مشاريع عدّة كانت قيد التطوير، على مثال "كايرو سولار" Cairo Solar.  

أمّا العامل الثاني، فهو أنّه لا يزال هناك نقص كبير في مبادرات تركيب الألواح الشمسيّة للاستخدام الخاص. سعر تزويد الشبكة بالطاقة المتجددة الذي أطلق عام 2014 هو سعر متدنٍّ يبلغ 0.84 جنيه مصري مقابل كلّ كيلوواط ساعة (0.09 دولار أميركي)، في حين أنّ سعر الطاقة من شبكة الكهرباء متدنٍّ جداً بسبب الدعم.

من المحطّة إلى المصنع

على مرّ السنين، كبرت الشركة لتضمّ الآن حوالي 50 موظّفاً.

وتقول زكي إنّه "عندما بدأتُ بالعمل في عام 2012، كنّا نتشارك مكتباً واحداً عبارة عن غرفة كبيرة ورواق للعمل. ومن ثمّ بدأنا نكبر، والآن بات لدينا مكتب جديد في الزمالك".

انطلقت "كرم للطاقة الشمسيّة" في الواحات البحريّة في الصحراء الغربية، وعملت في تأمين الألواح الشمسيّة للمزارعين لتشغيل مضخّات المياه بدلاً من استخدام مولدات النفط. ومن خلال الشركة التابعة لها، "كرم بيلد" Karmbuild، بنت منازل للعمال في مواقع العمل من المواد المهملة  كما زوّدتها بالكهرباء من خلال الطاقة الشمسية.

ويبلغ مجمل الطاقة التي تولّدها هذه الشركة في موقع الواحات البحريّة ما يقارب 1.5 ميجاواط.  

طريقة عمل مضخّة المياه العاملة على الطاقة الشمسية خارج الشبكة. (الصورة من "كرم للطاقة الشمسية")

في السنوات الماضية، بدأت "كرم للطاقة الشمسية" بالعمل على مشاريع أكبر وزيادة توليدها للطاقة.  ففي حزيران/يونيو 2015، وقّعت عقداً لبناء محطّة توليد طاقة شمسيّة ضمن الشبكة تصل قدرتها إلى 2 ميجاواط من أجل منتجع "سهل حشيش"Sahl Hasheesh  الذي يقع على ضفاف النهر في إطار مخططها الجديد في تزويد الشبكة بالطاقة المتجددة.

كما بنت "كرم للطاقة الشمسية" محطّة تولدّ 1 ميجاواط لمصنع الألبان التابع لشركة ـ"جهينة" في الصحراء الغربية، وسوف تولّد 2 ميجاواط إضافيين في السنتين القادمتين.  كذلك، وقّعت اتفاقاً لبناء محطّة تولد 10 ميجاواطات لـ"مجمع التحرير للبتروكيماويات" Tahrir Petrochemicals من المفترض أن تنطلق عام 2017، وهي في صدد بناء محطّتين من 75 كيلوواط و150 كيلوواط لمنتجعين على شاطئ البحر الأحمر في مرسى علم سينطلقان في آب/أغسطس.

بالإضافة إلى ذلك، تتوقع "كرم للطاقة الشمسية" الإعلان عن مشاريع إضافية في كانون الأوّل/ديسمبر.

العام أو الخاص؟

يقول زهران إنّ مشروع "شهل حشيش" لا يعدّ ابتعاداّ عن مسار توليد الطاقة خارج الشبكة، بل إنّ اللمشروع  لديه "أهداف استراتيجيّة".

ويشرح الأمر بالقول إنّه "علينا أن نفهم وأن نشعر بالراحة بالعمل مع الحكومة؛ كما علينا أن نستهدف مشاريع توليد الكهرباء ضمن الشبكة تصبح خارجها."

على ضفاف البحر الأحمر أولى مراحل بناء "سهل حشيش" ، أكبر مجمّع خاص في مصر.  (الصورة من ERC)

في المقابل، يظهر هذا المشروع منافع استهداف المشاريع خارج الشبكة بالمقارنة مع المشاريع الحكوميّة، إذ بعد سنة على توقيع الاتفاق لا تزال "كرم للطاقة الشمسية" في مرحلة الحصول على ترخيص مؤقّت لمحطّة "سهل حشيش" وعليها المفاوضة أيضاً على اتفاقيّة شراء الطاقة قبل الحصول على التمويل اللازم وتوقيع عقد نهائيّ.

من جهة أخرى، تمّ الإعلان عن مشروع "جهينة" في تشرين الأول/أكتوبر 2015 أي بعد أربعة أشهر على الإعلان عن تطوير "سهل حشيش"، وسيكون جاهزاً للعمل في أوائل آب/أغسطس.

ويشير المسؤول عن تنمية الأعمال في شركة استشارات الطاقة "ايجبت اينرجي مونيتور" Egypt Energy Monitor، أحمد عطا، إلى أنّ القطاع الزراعي والمنتجعات هي الأكثر قدرة على توليد الطاقة خارج الشبكة.

ولكنّ تقلبات الطاقة الشمسية وخيارات تخرين الطاقة الباهظة الكلفة سبّبت "مشاكل تقنيّة" للعملاء الصناعيين مثل مشروع "جهينة". وعندما يتعلق الأمر لمزوّدي الطاقة على نطاق صغير، يلفت إلى أنّه "لا يوجد الكثير من الخيارات للحصول على قروض."

ويشرح لـ"ومضة" أنّ "الحلول الهجينة [التي تجمع بين الطاقة الشمسية ومحرّكات الطاقة التقليديّة مثل المازوت] قد تشكّل طريقة لحلّ هذه المشكلة."

مضخّة مياه تعمل على الطاقة الشمسية في الواحات البحريّة في مصر. (الصورة من "كرم للطاقة الشمسية")

يقرّ زهران بالمشكلتين، إلاّ أنّه يقول إنّ في الأخيرة على الأقلّ كانوا قد وقّعوا اتفاقيّة في كانون الثاني/يناير مع "بلس ليسينج" Plus Leasing لتقديم قروضٍ للمزارعين لتركيب مضخّات مياه تعمل على الطاقة الشمسية.  

ويضيف أنّ الاهتمام كان كبيراً في سوق التمويل، إلا أنّ انخفاض قيمة الجنيه المصري بالمقارنة مع الدولار في آذار/مارس أجبرهم على إعادة تنظيم اتفاقيتهم مع "بلس ليسينج" التي ستنطلق في الربع الثالث من عام 2016.

بصفتهم شركة أبحاث وتطوير بشكل أساسي، يعملون على حلّ المشكلة التقنيّة الكامنة في التخزين. "نحن هنا لحلّ المشاكل التي تحدّ من عمليّة توليد الكهرباء خارج الشبكة، كالتخزين. إنّها عمليّة طويلة ومعقّدة لكننا هنا لحلّها، لكي يصبح توليد الكهرباء خارج الشبكة التوجّه الأساسي."

منافسة حامية

نجد في السوق منافسين كثيرين مثل "سولارايز إيجيبت" SolarizEgypt و"إينفينيتي سولار سيستمز" Infinity Solar Systems، و"أونيرا" Onera، و"صن إنفينيت" Sun Infinite و"كايرو سولار" Cairo Solar؛ غير أنّ هذه الشركات تقوم بمشاريع تجاريّة وخاصة متّصلة بالشبكة تعتمد على تركيب الألواح الشمسيّة على سطوح المباني.

وبالتالي، يسمح لـ"كايرو سولار" و"سان إنفينيتي" إنشاء محطّات تصل قدرتها إلى 50 ميجاواط بحسب مخطط تغذية الشبكة الرسميّة بالطاقة المتجددة.

"سولاريز إيجيبت"، الشركة ناشئة مصريّة أسستها عام 2013 مجموعة من خرّيجي "الجامعة الأمريكية بالقاهرة" AUC، قد تشكّل المنافس الأكبر إذ تنشط في سوق توليد الكهرباء خارج الشبكة وتخطط لمشاريع ضمن الشبكة.

لا تهدف شركات الطاقة الشمسيّة الأخرى إلى نقل السوق إلى خارج الشبكة، لكنّ عطا يعتقد أنّ نقص المبادرات يجعل من محطّات توليد الطاقة الشمسيّة الكبيرة ضمن الشبكة أسرع طريقة لإحداث أثر في سياسة توليد الطاقة في مصر.

محطّة توليد الطاقة لمصنع "جهينة" الكبيرة من حيث الحجم، هي محطّة خاصّة وخارج الشبكة (الصورة من "كرم للطاقة الشمسية")

تقديم قيمة إضافية

يفكر زهران بطريقة مختلفة، إذ أنّه لا يسعى إلى اعتماد الطريقة الأسرع بل إلى تقديم قيمة إضافية مستدامة.

ويرى أنّ "جني الأموال أمر سهل، لكن تحقيق القيمة هو الصعب. فعندما تحقق قيمة وتعلّم الناس كيفيّة تحقيقها، يمكن التأثير على المجتمعات بشكل هائل."

يريد زهران تقديم قيمة لموظّفيه كذلك، ويسعى للقيام بذلك من خلال تطوير شركة يريد الأفراد العمل من أجلها لأّنهم يعاملون بشكل جيّد وليس بسبب المال الذي يجنوه. العمل مع "كرم للطاقة الشمسية" يجب أن يعلّمهم شيئاً قيّماً عوضاً عن تحويلهم إلى "آلات لا يمكنّها اتّخاذ أي قرار" - وهذا ما اختبره في "شيل" حيث شعر أنّ الموظّفين مجبرين على اتّباع نظام معيّن.

بدوره، ريتشارد باريت الذي عمل في "كرم للطاقة الشمسيّة" لمدّة سنتين ونصف السنة كمطوّر للأعمال، ذكر في بريد إلكتروني أنّ العمل كان "مثيراً ومنوّعاً ومليئاً بالتحدّيات"، معرباً عن "الفخر للغاية بأنّه كان جزءاً من هذه الشركة."

"ليس لديّ أي شكّ حيال استمرار ’كرم للطاقة الشمسيّة‘ في إلهام روّاد الأعمال وتزويدهم بالثقة بالنفس للتفكير على نطاق واسع وتغيير الوضع الراهن من خلال أعمالهم."

يعلم زهران أنّ مسيرته ستكون طويلة، ولكنّ ذلك لا يوقفه كونه يرى الأمر كرسالةٍ تستحقّ التزاماً لمدى الحياة. ويفسّر ذلك بالقول: "بالطبع يتطلّب ذلك جهداً مدى العمر، فليس هناك من طريقةٍ أخرى."

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.