English

استكشاف السيول بات أذكى في السعودية؟

English

استكشاف السيول بات أذكى في السعودية؟

على مدى السنوات الأربع الماضية، عمل طالب الدكتوراه مصطفى موسى على زرع العقد (أجهزة الاستشعار) في أمكنةٍ مختلفةٍ من مدينتي ثول ومكة، بهدف توقّع السيول والفيضانات.

هذه العُقد التي تعمل مثل العين الساهرة للمشرفين على المدن والدفاع المدني، يمكنها التوقّع بنموّ وحجم الفيضانات ومن ثمّ تنبيه الأشخاص ذوي الصِّلة.

يقرّ الجميع من شركات التكنولوجيا الناشئة الصغيرة إلى الجهات الحكومية الوطنية بأنّ "المدن الذكية" هي من الأمور التي تلبّي احتياجات الشعب، وتحقّق أكبر قدرٍ من السعادة وسهولة العيش.

وفي السياق نفسه، يتطلّب تطوير المدن الكبرى بنيةً تحتية يمكن أن تغيّر الأمور وتطوِّرها لما فيه خيرٌ للناس الذين يعيشون فيها.

خريطة أجهزة الاستشعار من "سديم". (الصور من "سديم")

في هذا الإطار، أنشأ موسى الشركة الناشئة "سديم" Sadeem التي يديرها مع ثلاثة شركاء مؤسسين من داخل حرم "جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا" KAUST. هذه الشركة التي باتت الآن في مرحلةٍ متقدّمةٍ وتُجري محادثاتٍ مع أشخاصٍ في المملكة يهتمّون للمدن الذكية، لم تصبح جاهزةً للاستخدام التجاريّ بعد.

أحد أجهزة الاستشعار من "سديم".

في نهاية عام 2014، أثناء اختبار أجهزة الاستشعار في مكة استطاع الفريق الكشف عن السيول المفاجئة، ولكن بما أنّهم ما زالوا في مرحلة الاختبار ولم ينطلقوا تجارياً بعد لم يتمكّنوا من إنجاز الكثير من الأمور مع النتائج التنبؤية.

ما الذي يُخطط للمملكة؟

تحدث السيول في السعودية عادةً بعد تراكم الأمطار في الوديان ثمّ تصل إلى المدن في دقائق معدودة، وما يجعل الأمور أسوا هو ضعف البنى التحتية. وكانت مدينة جدة في عام 2009 قد صُنّفت على أنّها الأكثر عرضةً للسيول المفاجئة.

ولكن وفي شهر نيسان/أبريل الماضي، غرقت الرياض في مياه الأمطار وكان على العمال محاولة تصريف المياه من الطرقات باستخدام معدات البناء، بسبب غياب نظام صرف صحّي حديث لتحويل المياه بعيداً من الشوارع والمنازل. وفي نهاية المطاف، قُتل 18 شخصاً فيما تمّ إنقاذ 915 شخصاً آخرين علقوا في سياراتهم. وقبل ذلك، كانت العاصمة قد شهدت سيولاً أيضاً في تشرين الثاني/نوفمبر في عام 2013 فُقد فيها عددٌ من الأشخاص.

من أجل معالجة الأمر، تمّ اتّخاذ عدّة خطوات من بينها العقد الذي مُنح لشركة "سايبم" Saipem التي تتخذ من السعودية مقرّاً لها في عام 2012، وقد بلغت قيمته 350 مليون دولار من أجل بناء نظامٍ لصرف مياه الأمطار للتخفيف من المشاكل الفيضانات التاريخية التي عانت منها جدة. وفي حين كان الجدول الزمني المقرّر 18 شهراً، راح السكّان يتساءلون أين اختفى المال في خضمّ السيول والفيضانات المتكرّرة.

يقدّر منشورٌ صدر مؤخّراً عن "ديلويت" Deloitte أنّ القيمة الصافية الإجمالية لمشاريع دول مجلس التعاون الخليجي في مرحلة ما قبل التنفيذ (أي البناء) تصل إلى تريليونَي دولار، فيما القطاعات الرئيسية للبنى التحتية التي يتم العمل عليها هي المياه والبناء والطاقة والنفط والصناعات الكيماوية والغاز والنقل.

هذا هو المجال الذي يمكن للبنية التحتية للمدينة الذكية أن تتدخّل فيه، وبالفعل لقد بات هذا النهج ينتشر.

إلى جانب "رؤية السعودية" 2030 و"برنامج التحول الوطني"  2020 Transformation Plan، يوجد "مدينة الملك عبدالله الاقتصادية"King Abdullah Economic City التي تديرها "هيئة المدن الاقتصادية" ECA والتي يمكن العيش والعمل فيها والتي يوجد فيها "الوادي الصناعي" Industrial Valley.

"هناك الكثير من الخطط الاستراتيجية من قبل عددٍ من الوزارات والمؤسسات في المملكة، ولكن ينتهي بها الأمر في الأدراج،" بحسب هاشم الزين، أخصائي التكنولوجيا وتطوير الأعمال في "جامعة الملك عبدالله"، الذي يضيف أنّ هذه الخطط "تحتاج إلى أن تكون متزامنة من أجل تبسيط وتوحيد الجهود ضمن هدفٍ جماعي من شأنه أن يعود بالنفع على المملكة باعتباره مبادرة جماعية."

يشير الزين إلى أنّ هذا أدى إلى محدودية التآزر بين المنظمات في المملكة، وبروز الكثير من الازدواجية في الجهود. ومن الأمثلة على ذلك، الخليط الذي يظهر في الجهود الرامية إلى تحقيق العيش المستدام من قبل القطاعَين العام والخاص، بحيث أنّ إدارة النفايات تخضع لسيطرة شركة خاصّة والبنى التحتية تبقى للحكومة.

الرؤية السعودية هي واحدة من الخطط الكثيرة. (الصورة من "رؤية 2030")

في كلّ هذا، يرى موسى فرصةً للسيطرة على الفيضانات والسيول. ويقول إنّ "المسألة تكمن في عدم ملاءمة القوانين والأحكام؛ هناك هيئات مختلفة لكلّ شيء، بحيث تجد هيئة للمياه ولكن مَن يتولّى الأمر جهةٌ مثل الدفاع المدني".

التحول نحو الخيارات الأذكى

تعمل دبي بكثافة في إطار التحوّل إلى مدينةٍ ذكية التي ربّما تكون أذكى المدن، خصوصاً بعدما أعلن الشيخ محمد بن راشد في عام 2013 أنّ دبي ستكون أذكى مدينة في العالم بحلول عام 2017.

خلال "المؤتمر الثاني والعشرون للحكومة والمدن الذكية في دول مجلس التعاون الخليجي" 22nd GCC Smart Government and Smart Cities Conference الذي عُقد في دبي، لم يكن هناك الكثير للكتابة عنه (حضور ضعيف ومحادثات مفككة). ولكن عمر وموضوع المؤتمر نفسه فضلاً عن قائمة الفائزين الواسعة من دول المجلس تدفعنا إلى طرح السؤال التالي: أين هي جميع المؤتمرات والجوائز والاحتفالات والدراسات والمبادرات التي نُشرت في المنطقة عن تطوير البنية التحتية للمدينة الذكية؟

الفيضانات في السعودية في عام 2009. (الصورة من "أ ف ب")

تقرير "ديلويت" قد يكون بمثابة مرجعٍ من طرف ثالث بشأن التطورات الأخيرة في دول مجلس التعاون الخليجي، لكن المحادثات التي تتناول البنية التحتية للمدينة الذكية والاستثمار تحصل في المنطقة منذ أكثر من عقدَين من الزمن.

لذلك، في حين تسعى مبادراتٌ من جهاتٍ في القطاعَين الخاص والعام لجعل السعودية 'بلداً ذكياً'، لا يزال هناك طريق طويلة قبل تحقيق "الرؤية".

بدوره يشتكي موسى من نقص الوعي حيال فوائد الوقاية قبل العلاج - بالرغم من أنّ تكلفة ما بعد السيول مرتفعة - لذلك عليه وفريقه قضاء الكثير من الوقت في إثارة اهتمام الناس بهكذا حلّ.

"عندما تفكّر في أنّ هناك اثنين أو ثلاثة فيضانات في السنة مثل هذه الفيضانات، سيكون هذا خياراً مقبولاً أكثر".

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.