English

الرعاية الصحية تصل إلى مناطق النزاع باستخدام تقنية الواقع المعزز

English

الرعاية الصحية تصل إلى مناطق النزاع باستخدام تقنية الواقع المعزز

خلال تطوّعه مع "جلوبال سمايل فاونديشن" Global Smile Foundation أثناء مهمةٍ في السلفادور عام 2012، لاحظ رائد الأعمال اللبناني المقيم في بوسطن، طلال علي أحمد، وجود عقبات تواجه الأطباء في المناطق النائية لدى محاولتهم تقديم أفضل رعاية ممكنة للمرضى. حينها لمعت الفكرة في رأسه وقرر إنشاء منصة "بروكسيمي" Proximie .

أراد علي أحمد خوض تحدٍّ هادفٍ بعدما عمل خلال مسيرته المهنية في تطوير تطبيقات الهاتف المحمول. ويقول إنّه "في ذلك الوقت كان المجال الطبي في مرحلةٍ انتقالية فبدا لي أنّه يمكنني إضافة شيءٍ ما إلى المشهد العام"، ويتابع مستذكراً شخصاً سأله خلال المهمّة التي كان فيها عن إمكانية القيام بشيءٍ ما لتحسين الرعاية الصحّية.

بدأ الريادي اللبناني بتطوير جهازٍ يسمح للأطباء بإرشاد زملائهم عن بُعد من خلال شاشةٍ وبرمجية حاسوبية، ثمّ ما لبثت التقنية أن أصبحَت سهلة الاستخدام أكثر مع مواصلة العمل على تحسينها.

"جمالها يكمن في بساطتها"، هكذا يراها غسان أبو ستة، الجراح المقيم في بيروت الذي يرأس برنامجاً لطب النزاعات في "المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت"، والذي بدأ باستخدام "بروكسيمي" منذ بداية تطويرها.

بعد ثلاث سنوات أصبح علي أحمد، إلى جانب شريكته في التأسيس نادين حرم، يديران مجتمعاً عالمياً من الأطباء الذين يعملون على توجيه وإرشاد زملاء لهم خلال العمليات الجراحية المعقّدة من خلال تقنيات كاميرا الويب والاتصال بشبكة الإنترنت.


من الشاشة إلى غرفة العمليات

تعتبر حرام أنّ تقنية الواقع المعزز "حدسيةً وتفاعليةً أكثر من تقنيات المحاكاة التقليدية أو أدوات البثّ المباشر، بحيث يمكنك حرفياً إضافة طبقاتٍ على ما نراه باستخدام المحتوى الرقمي".

يمكن للجراحين - عن بُعد - من خلال منصّة الواقع المعزز، توجيه فريقٍ طبيّ في غرفة العمليات من خلال وضع إشارات على الشاشة، ووضع أيديهم في مكان الجراحة، وكذلك الاطّلاع على سجلات المرضى. كما تسمح الواجهة البسيطة لـ"بروكسيمي" للأطباء بإحسان التعامل مع المنصّة بعد أيامٍ قليلة من التدريب فقط. 

وبحسب حرم، فإنّ "ما يجذبنا إلى ذلك هو كثرة التحدّيات التي تواجه الرعاية الصحّية بشكلٍ عام، وما يمكن للتكنولوجيا أن تتيحه من حلول بسيطة وجميلة. والفكرة القائمة على أخذ العمليات الجراحية إلى أمكنة لم تكن متاحةً فيها من قبل، بواسطة اتصال بالإنترنت والأجهزة المحمولة فحسب، نراها أمراً في غاية الأهمّية".

 مثال عن عمل "بروكسيمي". (الصورة من "بروكسيمي")

وتتابع حرم: "نرغب في ولادة مجتمع عالمي ومتساوٍ للجراحة، بحيث يمكن للعاملين في هذا المجال أن يطّلعوا على المعارف من المصادر الجماعية لمساعدتهم على تخطّي بعض الصعوبات التي يواجهونها".

يشار إلى أنّ "بروكسيمي" كانت تسمى "فيتاكس" Vitaax وتحظى بدعم شركة الاستثمار المخاطر "ٍيدار ماندي هولدينجز" Cedar Mundi Holdings.

الوصول إلى مناطق النزاع

بدأت الشركة الناشئة تجاربها الأولية في العمل مع "جلوبال سمايل فاونديشن" في المناطق النائية في أميركا اللاتينية قبل عامين، بالتعاون مع جرّاحين من الولايات المتحدة عملوا على إرشاد وتوجيه زملائهم في البيرو والسلفادور. وقد ساعدتهم هذه العملية على إصلاح الشقوق في الحنك والشفاه [الشفة الأرنبية مثلاً] لدى الأطفال، بالتعاون مع الجراح المقيم في بوسطن، أسامة حمدان.

في العام التالي، تعاون جرّاحون من غزة وسوريا والعراق مع زملاء لهم في بيروت للعمل على ما يقارب 10 عمليات جراحية. شكّل ذلك الخطوة الأولى لانطلاق عمل المنصّة في مجال طب النزاعات، وهو مجال ينمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث من المرجّح أن يكون هناك حاجة إلى توجيهات الجرّاحين ذوي المهارات العالية لإجراء عمليات في المناطق النائية والتي تشهد نزاعات وتفتقر في معظم الأحيان إلى الموارد الطبية الأساسية.

وتشير التقديرات إلى أنّه بحلول العام 2030، سوف يكون هناك حاجة إلى تدريب 1.27 مليون جرّاح تقريباً، ما يفرض بطبيعة الحال بعض التحديات اللوجستية والمالية الهائلة.

في كثيرٍ من الحالات، لا يستطيع الأطباء في المناطق النائية، وبخاصّة في مناطق الصراع، التواصل شخصياً مع الأطباء في أماكن أخرى. فالطبيب في غزة الذي حصل على توجيهاتٍ من زملاء له في بيروت، لم يتمكّن من مغادرة القطاع المحاصر منذ الحرب في العام 2014. وبمساعدة "بروكسيمي" تمكّن من الحصول على الإرشادات اللازمة لإجراء عمليات جراحية معقدة جديدة مثل ترميم الوجه والأطراف.

تستمرّ "بروكسيمي" بإضافة المزيد من الأطباء من خلال المؤسّسات التي تتعامل معها مثل المستشفيات والجمعيات وكليات الطب. وباتت تستخدمها الآن مؤسسات مثل "كلية لندن الجامعية" University College London، ومستشفى "رويال فري"  Royal Free Hospitalفي لندن، و"جامعة كاليفورنيا" University of California في ريفرسايد، بالإضافة إلى "الجامعة الأميركية في بيروت".

على الرغم من أنّ لا شيء يضاهي التواصل وجهاً لوجه، غير أنّ الأطباء يذكرون أنّ "بروكسيمي" هي الخيار الثاني حين لا يمكن الوصول إلى أمكان إجراء العمليات الجراحية.

في هذا الإطار تشير حرم إلى أنّهم يعتزمون "تسهيل حصول ثلثي سكّان العالم على الخبرات الجراحية التي لا يحصلون عليها أصلاً". وتعتبر أنّ ما تقدمه شركتها "يعتبر مثاليّاً لأنظمة الرعاية الصحّية التي تعاني من شحّ في الأموال، لأنّنا نقدّم حلّاً منخفض التكلفة ولا يحتاج إلى الكثير من الصيانة، ناهيك عن أنّه فعّال للغاية".

 

الصورة الرئيسية من "بيكسيلز".

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.