English

الأردن والطباعة ثلاثية الأبعاد: عداوة تشارف على الانتهاء

English

الأردن والطباعة ثلاثية الأبعاد: عداوة تشارف على الانتهاء

بعد رحلة شاقة تخلّلتها مواقف حكوميّة مُتقلّبة، أصبح إدخال الطابعات ثلاثية الأبعاد إلى الأردن مسموحاً، حسب ما ينصّ عليه القانون على الأقل. فقد خففت الحكومة قبضتها بالتدرّج ابتداءً من استبدال الحظر التام لإدخال الطابعات بتنظيم أمنيّ للعملية، ومن ثمّ السماح بإدخالها ومُعاملتها كأيّ طابعات أخرى.

قبل العام 2016، تبيّن أنّ استيراد الطابعات ثلاثية الأبعاد محظور في الأردن رغم عدم الإعلان عن ذلك بشكل رسمي، ما أدّى إلى حجز ثماني طابعات كان وليد جانخوت قد طلبها لإنشاء شركته "ثيرد رياليتي" Third Reality. حاول جانخوت أن يسترجع طابعاته ولكنّ كلّ مُحاولاته بالإقناع والتفاوض باءت بالفشل. تبيّن لاحقاً أنّ حجز الطابعات يعود إلى مخاوف أمنية لدى الحكومة من استخدام تلك التقنية لطباعة الأسلحة.

قلق الحكومة هذا يتفهّمه ميشال مقدح، مدير التسويق في شركة "ميكسد دايمنشنز" Mixed Dimensions الأردنية والعاملة في الولايات المُتحدة، ولكنّه لم يكن مقتنعاً بحجّتها يوماً. ويقول في مقابلة مع "ومضة": "صحيح أنّ التقنية إذا وقَعت في أيدٍ غير آمنة ستسبب الكثير من المشاكل، إلاّ أنّ الشخص الذي ينوي استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد لأغراض إجراميّة (كالقتل) يُمكنه استخدام أيّ وسيلة أخرى، ولن يعتمد على الطابعة لتحقيق مبتغاه".

أطلقت"ميكسد دايمنشنز" أخيراً خدمة "مايك برينتابل" MakePrintable المُصمّمة لتعديل نماذج مرئية ثلاثية الأبعاد وتصحيحها لتصبح صالحةً للطباعة. وذلك بعدما كانت النسخة التجريبية الخدمة مُتاحةً لأكثر من عام قبل إطلاقها رسميّاً قبل قرابة شهر.

رغم استقطاب الشركة 35 ألف مُستخدم، لم تتجاوز نسبة المُتسخدمين من المنطقة العربية 1% وفقاً لمقدح. ويعتقد أنّ غياب التفاعل من المنطقة يعود إلى عدة أسباب، منها حجب التقنية في بعض الدول، وعدم دمجها في المناهج التعليمية، إضافةً إلى غياب ثقافة التصنيع التي يعتمد عليها القطاع.

يلفت مقدح إلى أنّ الإمارات تقود القطاع في المنطقة نظراً إلى اهتمامها بتطوير التقنية واستخدامها في مجالات متنوّعة كالهندسة المعمارية، موضحاً أنّ "لدى الإمارات قدرة هائلة على استقطاب المواهب على عكس الأردن الذي يقوم بإعداد المواهب وتصديرها".  

منتج طبعته شركة "ميكسد دايمنشنز" (الصورة من "ميكسد دايمنشنز" )

ما بعد العام 2016

أصدرت الحكومة الأردنية في نيسان/أبريل من العام الماضي قائمة تعليمات بخصوص إدخال الطابعات ثلاثية الأبعاد إلى المملكة، من ضمنها تزويد وزارة الداخلية بأسماء الأشخاص المُخوّلين استخدام هذه الطابعات، والحصول على موافقة أمنية قبل بيعها، إضافة إلى تركيب كاميرات مراقبة في مواقع الاستخدام، وتكثيف الكشوفات الميدانية على أماكن تواجد الطابعات.

ولكن بعد ستة أشهر من صدور القائمة، أعلن رئيس الوزراء، هاني المُلقي، عن قرار يسمح باستيراد الطابعات ثلاثية الأبعاد ومعاملتها كأجهزة الكمبيوتر من حيث الرسوم الجمركية والضرائب.

تُعتبر هذه الخطوة جيّدة نظريّاً، إذ يشير مصدرٌ رسمي إلى أنّ القرار يلغي 
قائمة التعليمات التي اعتبرها الكثير من العاملين في القطاع تعجيزية.

ولكن الأمور على أرض الواقع لا تزال مُبهمة. ففي حين نجح سالم خطاط، مؤسس "ثيرد دايمنشن" Third Dimension لخدمات الطباعة ثلاثية الأبعاد، في استيراد مواد للطباعة كانت خاضعة للتعليمات، بعد إصدار القرار، ما زال جانخوت يواجه مُقاومة من قبل الحكومة. وحاول الأخير بعد صدور القرار أن يسترجع طابعاته المُصادرة وأن يستفسر عن الإجراءات الخاصة باستيراد طابعات جديدة، ولكنّه لم يتلّق إجابةً واضحة فيما لا تزال طابعاته محجوزة لدى دائرة الجمارك حتى اليوم.

هل الحل في صناعة الطابعات محلياً؟

في العام  2015، أي قبل إصدار القرار، قام أكرم الحمود الذي يعمل في مختبر الابتكار Fab Lab في إربد شمال الأردن، بصناعة نموذج أوليّ لطابعة ثلاثية الأبعاد محليّاً. اعتقد الحمود حينها أنّ إدراج نفسه ضمن المُصنّعين بدلاً من المُستوردين سيعفيه من الحظر والإجراءات المُقيدة. ولكن تبيّن أنّه كان على خطأ عندما قام جهاز الأمن العسكري بحجز لوحتي تحكّم مُخصّصتين للطابعات استوردها لإتمام نموذجه.

"في تلك اللحظة أيقنتُ أن شركتنا التي لم تولد بعد قد أصبحت بحكم المنتهية"، كتب الحمود في مقال نشره العام الماضي.

ينوي جانخوت التوجّه نحو صناعة الطابعات داخل المملكة أيضاً للاعتقاد ذاته بأنه سيتجنّب أية قرارات قد تصدرها الحكومة في المُستقبل لتقييد الاستيراد. ويعرب عن تفائله بالقرار الأخير حيث يتوقّع ألاّ يواجه العوائق ذاتها التي واجهها الحمود إذا اضطرّ إلى استيراد بعض القطع.

في الخُلاصة، يبدو أنّ الأردن على خطى التصالح مع الطباعة ثلاثية الأبعاد، ولكن علينا الانتظار لنرى إن كان القرار الأخير في السماح بدخول الطابعات سيُطبّق بشكل فعّال لينعش القطاع، أم سيبقى الغموض سيد الموقف.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.