English

شركات ناشئة عربية تحارب السّكري بالمُتاح

English

شركات ناشئة عربية تحارب السّكري بالمُتاح

كان حسين البار شاهداً على معاناة أمّه الطويلة مع مرض السكري. ورآها تخز نفسها بالإبر مرّات عدّة كل يوم لتتمكّن من تدوين مستويات السكر في الدمّ في دفترها الصغير، ومن ثمّ تزور الطبيب في جدّة كلّ بضعة أشهر مع دفترها لمعرفة تطوّر حالتها.

ويوماً بعد يوم بدأ البار يبحث عن تطبيق يحفظ هذه البيانات ويسهّل هذه العملية المعقدة على أمه. وبحث عن طريقة أفضل لوالدته لتراقب مستويات السكر في الدم، ولكنّه لم يجدّ أيّ تطبيق باللغة العربية. ونظراً إلى كونه مهندس برمجيات، قرر بناء تطبيق بنفسه أطلق عليه اسم "سكري" Sokry في حزيران/يونيو 2016.

يهدف التطبيق إلى مراقبة وإدارة مستوى السكر في الدم، وذلك بمراقبة الوجبات والنشاطات وتقديم نصائح للحياة الصحية أولاً، وثانياً بإدراج معلومات يومية عن مستويات السكر والمأكولات لرصد أيّ نمط متكررة.

منذ انطلاقه، تم تحميل التطبيق الذي يقدّم رسوماً بيانية خاصة بكل شخص، 15 ألف مرّة بينها 10% على الأقلّ استخدم فيها التطبيق لأكثر من ثلاثة أشهر.

تطبيق "سكّري" (الصورة من التطبيق)

واقع السكري

بحسب "البنك الدولي" World Bank، ستكون الأمراض غير المنقولة على غرار السكري بحلول العام 2030 مسؤولة عن 87% من الوفيات في منطقة الخليج، و81% في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأخرى.

داء السكري نوعان: النوع الأول هو الذي يبدأ من عمر مبكر، والنوع الثاني هو الذي يتطوّر في مرحلة لاحقة من الحياة. 90% من حالات داء السكري تكون من النوع الثاني، وفي حين يعالج النوعان بشكل مؤقت بالأنسولين، ما من علاج يشفي من السكري تماماً. تشمل المضاعفات الخطيرة طويلة الأمد التي تطال المصابين بداء السكري الأمراض القلبية والسكتات الدماغية والفشل الكلوي.

وقدّر
تقرير للاتحاد الدولي للسكري International Diabetes Federation صدر العام 2015 بأنّ حوالي 35 مليون شخص في المنطقة (تتراوح أعمارهم بين عشرين و79 عاماً) مصابون بالسكري و40% منهم لم يتمّ تشخيص إصابتهم بعد.

سوق كبيرة

مع تنامي تلك المشكلة، تزيد حاجة المصابين بالسكري إلى التوعية والتعليم والوقاية والمعالجة.

وتساعد تطبيقات على غرار "سكري" المرضى خلال المرحلة الأساسية من مرضهم وهي مراقبته.

في بيروت، يتمّ التحضير لمشروعين لمعالجة مشكلة الوخز من 4 إلى 5 مرّات في اليوم، لقياس مستويات السكر في الدم.
"إيدياموند" Ediamond (electromagnetic diabetes monitoring device)  و"جلوكو-ز" Gluco-Z يعملان لإيجاد وسيلة غير الوخز للمراقبة المتواصلة لمستويات السكّر في الدم.

بدأ الدكتور أسعد عيد من "إيدياموند" ومن كلية الطبّ في الجامعة الأميركية في بيروت بالبحث عن بديل للوخز في العام الماضي، وهو يُجري الآن تجارب لهذا البديل بالتعاون مع قسم الهندسة. وأعلن قسم الأبحاث والتطوير من "المركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي"  UK Lebanon Tech Hub عن رغبته بتمويل هذا المشروع.

يلفت عيد إلى أنّ "المراقبة الضعيفة لمستوى السكر تقود إلى مضاعفات خطيرة"، ويشرح لـ"ومضة" أنّ نموذجه الأولي سيجهز خلال بضعة أشهر فيما سيكون الجهاز الأوّل متوفّر في السوق بعد ثلاثة أعوام تقريباً.

يحتاج منتج نجيب أبو إسماعيل من "جلوكو-ز" أيضاً إلى 18 شهراً قبل أن يصبح قابلاً للاستخدام. وسوف تطلق هذه الشركة جولة تمويل جماعي في كانون الأوّل/ديسمبر المقبل.

تروّج التطبيقات الأخرى التي تحاول محاربة داء السكري من النوع الثاني للأكل الصحّي والتمرينات الرياضية والمحافظة على الرشاقة.

تقدّم "نبضة كير" Nabdacare في مصر منتجات رقميّة للرعاية المنزلية لمرضى السكري. ولديها تطبيق يراقب صحّة الناس من خلال سجلاّت طبيّة عبر السحابة الإلكترونية. يقدّر المؤسس إيهاب فولي أنّ حوالي 60 ألف شخص يستخدمون التطبيق، و20% منهم مصابين بداء السكري.

أجهزة ومعدات السكري ليست مسلّية (الصورة من "بيكسيلز").

بدأت الحكومات بتأدية هذا الدور. وبعد أبحاث وجدت أنّ 15% من طلاب أبو ظبي مصابين بالسمنة، أطلقت "هيئة الصحة" في أبوظبي  Health Authority of Abu Dhabi  "هيلث هيروز" Health Heroes، وهو تطبيق ألعاب تعليمية عن الصحة. كذلك، تجري "جامعة نيويورك أبو ظبي" NYUAD أبحاثاً طويلة عن السبب وراء داء السكري.

التعليم

فضلاً عن مراقبة النظام الغذائي، تظهر الحاجة لنشر الوعي حول داء السكري. وثمة باقة من المواقع التي تقدّم معلومات عن الصحة، على غرار "الطبي" Altibbi، و"إي طب" Etobb و"صحتي" Sohati.com، بدأت بتقديم معلومات إضافية عن هذا الداء.

تأسست منصّة التعليم والتشبيك البحرينية "دايبيتيز" Diabetes.bh في العام 2011 انطلاقاً من النقص في التعاون بين أوساط المصابين بالسكري. يقول الشريك المؤسس طارق العليمي إنّ "الناس بحاجة إلى معلومات. على سبيل المثال، ثمة رابط قوي ما بين التغير المناخي والسكري، والناس قد لا يعرفون الكثير عن بعضهم البعض. لذلك منصتنا تقدّم فرصة مشاركة المعلومات والتشبيك".

بالنسبة لـ"سكري"، تقوم المرحلة التالية على تقديم ميزة التطبيب عن بعد، وتصل بين المستخدمين والأطباء. ويقول البار لـ"ومضة" إنّ "الكثير من المرضى لا يعودون إلى أطبائهم بعد أول زيارة وهذه الخاصّية تسهّل الموضوع". وفي محاولة لمعالجة مسألة غياب المعلومات حيال الداء، سيصل التطبيق المرضى بأصحاب المعرفة.

تعرّف على الخاصّية التي تسمح للأطباء بالتحقق من سجلّات المرضى في الفيديو أعلاه.

المستقبل

لا تزال والدة البار مضطرة إلى أخذ عينة من دمها 4 إلى 5 مرّات في اليوم لكنّها تستخدم التطبيق يومياً. وتلقّى المؤسس ردود فعل إيجابية كثيرة من المستخدمين.

ستواجه مراكز العناية الصحية والحكومات أعباء مالية متزايدة لمحاربة السكري في السنوات المقبلة. ليس هناك من أرقام محددة لتكلفة محاربة داء السكري حتّى الساعة في المنطقة، غير أنّ تقرير من "بي أم آي ريسيرتش" BMI Research أشار إلى أنّ نسبة إنفاق السعودية والإمارات على محاربة داء السكري للفرد الواحد من بين الأعلى في العالم وتبلغ على التوالي 1145 دولار و2156  دولار.

فيما تتزايد الاستثمارات في الولايات المتحدة في الشركات الناشئة الساعية إلى مراقبة السكري والوقاية منه، لا يزال من الصعب على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الوصول إلى استثمارات في الرعاية الصحية بشكل عام.

يعتبر العليمي أنّ هذه المبادرات الإقليمية غير كافية، وأنّ التمويل الطبّي يتّجه نحو التشخيص بدلاً من الوقاية. ويقول إنّ "التفكير السائد في المنطقة هو أنّ أحدهم [في الولايات المتحدة أو أوروبا] سيحلّ المشكلة ونحن سنتبع. أمّا إذا دعمنا الحقل الطّبي مثلما ندعم القطاعات الحديثة كالتكنولوجيا المالية والبيئات الحاضنة، فسنرى نتائج إيجابية".

تطبيقات أخرى لمراقبة الصحة

انطلق "وايت مونيتور الإمارات" Weightmonitor UAE في مطلع تموز/يوليو، وهو تطبيق يعمل مثل خبير التغذية ينتشر مستخدموه في 175 مدينة.

منذ العام 2013، تدير "آراب ميديا كونتنت" Arab Media Content ، التي تتخذ من فلسطين مقراً لها "حميتي" Mdiet، وهو تطبيق باللغة العربية يسمح للمستخدمين بالالتزام بحمية غذائية. ما يميز هذه الشركة عن الشركات الأخرى في السوق، بخاصة تلك التي تقدم محتوى باللغة العربية هو أنّ قاعدة بياناتها تشمل أكثر من 25 ألف طبقٍ عربي.

إذا كنتم تعرفون تطبيقات أخرى أو أجهزة، أخبرونا عنها في قسم التعليقات.

الصورة الرئيسية من "فريبيك" Freepik .

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.