English

مركز اعمال النحاس : حلول مبتكرة للمشاكل البيئية

English

يجري استخدام المواد الكيماوية في عالم معالجة مياه الصرف الصحي، ويستخدم مقدار كبير منها عادة. ولكن شركة أردنية مبدعة رأت فرصة في تقنية متطورة طبيعية وصديقة للبيئة بصورة أكبر استغرق إقناع العملاء المحتملين بها عدة سنوات.

بقلم: جريتشين بريسلي (Gretchen Pressley)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مع انتشار الوعي بالقضايا البيئية في الأردن، وجد محمد نحاس من مركز نحاس للأعمال العالمية (Nahhas World Business Center) وسيلة لالتهام المياه الملوثة، حرفياً.
عمل "مركز نحاس للأعمال العالمية" خلال السنوات العشر الماضية على تزويد الشركات المحلية والصناعية في الشرق الأوسط بخيار مبتكر لمعالجة المياه، لم يحلم به حتى أكثر مالكي الأعمال وعياً بالبيئة: بكتيريا طبيعية تعمل على تنقية المياه الملوثة عن طريق التهام الملوثات فيها.

يقدم مركز نحاس خدمات متنوعة تشمل اختباراً مسبقاً لتلوث المياه، وتشخيصاً للنظام الأكثر فعالية في رفع سوية الماء إلى قيم معينة، كما يقوم بتأمين محطات معالجة مياه متنقلة صغيرة الحجم، ويزودها بالبكتيريا اللازمة كل أسبوعين.

تربى هذه البكتريا، التي تسمى مايكروب لفت آند أكوا كلين (Microbe-Lift and AquaClean)، وتكثف وتغلف من قبل مختبرات بيئية، وتسوقها بعد ذلك شركة بلو بلانت محدودة المسؤولية (Blue Planet LLC)، التي تقع بالإضافة إلى تلك المختبرات في الولايات المتحدة الأميركية. ويستورد مركز نحاس ويوزع ويصون طريقة معالجة المياه هذه المستندة إلى البكتيريا، والتي أحدثت ثورة بفضل إمكانية نقلها واستقرارها وفعاليتها.

وعلى الرغم من توفر خيارات أخرى، كالمعالجات الكيماوية باستخدام الأنزيمات، يعتبر مركز النحاس الشركة الوحيدة في الشرق الأوسط التي توزع هذه البكتيريا حالياً، وهي تمتاز بفعالية أكبر بكثير من معظم عمليات المعالجة الكيماوية التقليدية، وتتميز بصداقتها للبيئة بدرجة أكبر بكثير، كما يقول نحاس.

المقال الذي أشعل فتيل ذلك كله

بدأ ذلك كله عام 1997، عندما قرأ نحاس مقالاً عن البكتيريا في إحدى الصحف خلال رحلة إلى نيويورك لا علاقة لها بهذا الموضوع. ولكن نحاس لم ير في كلمة "بكتيريا" "مرضاً"، بل "فرصة أعمال". لقد تمحور عمل مركز نحاس، الذي يعمل منذ عام 1972، بصورة دائمة حول احتياجات القاعدة الصناعية الصغيرة في الأردن. وكان نشاط المركز، في ذلك الوقت، محصوراً بتوريد منتجات التنظيف الكيميائية الصديقة للبيئة بفعل قابليتها للتحلل البيولوجي. ولكن نحاس كان قادراً منذ البداية على إدراك المشاكل التجارية التي تقترن بسوق محدودة كهذه. وهو يقول: "لم يكن لدينا فرصة للاستمرار في مثل هذا النوع من الأعمال بسبب سهولة استيراد هذه المنتجات". لقد أبرم نحاس، الذي رأى أن البكتيريا ستكون "مناسبة جداً" لهذا الجزء من العالم، صفقة ليصبح موزعها في الشرق الأوسط. وكان شديد الإيمان بالفكرة حتى أنه قام بتطوير محطة متنقلة لمعالجة المياه بمساعدة أحد الموردين في تركيا. وبنيت هذه المحطة، الأصغر حجماً بكثير من محطة معالجة المياه العادية، كي تعمل مع البكتيريا الجديدة. واستثمر بعد ذلك نحو مليون دولار للتسويق. واعترف نحاس قائلاً: "لم أبع أي وحدة خلال الأشهر التسعة الأولى، فلم تكن قضية البيئة هامة بدرجة كافية... ولم يكن أحد مهتماً. وكان الأمر الأصعب إقناع الناس بأنها آمنة. فعندما كان الأردنيون يسمعون كلمة (بكتيريا)، كانوا يقرنونها بالأمراض والاضطرابات. لذلك، لم يكن ثمة طلب على النظام الذي كنت أبيعه في ذلك الوقت. وكما هو الحال مع كافة الأسواق، فقد استغرق الأمر نحو عام قبل أن يبدأ الناس بطلبها. ولم أحقق، رغم ذلك، أي أرباح خلال السنوات الثلاث الأولى. وفي الحقيقة، رحت أستثمر في تسويق مفهوم التكنولوجيا الحيوية".

وكان سامر نحاس، نجل نحاس الأب، يعمل لحساب الشركة في ذلك الوقت. وقد اعترف بشعوره بالقلق عندما طرح والده لأول مرة فكرة تسويق بكتيريا كخيار لمعالجة المياه في الأردن. يقول سامر نحاس متذكراً الصعوبات الأولية التي واجهها والده في مشاريع الأعمال المغامرة: "شعرت بالخوف، ولكن والدي إنسان مقاتل وقد بذل جهوداً حثيثة لتغيير تصور الناس عن البكتيريا".

تسويق 101

أعطت جهود محمد نحاس ثمارها. لقد بدأ بعدة إستراتيجيات تسويق شفهية تهدف إلى أن تثبت لأصحاب الصناعات أن هذه البكتريا آمنة وفعالة. وشرح محمد نحاس ذلك والابتسامة بادية على محياه: "لقد وصلت إلى حد، أخذت فيه حفنة من البكتيريا، وغسلت وجهي بها لأثبت مدى أمانها وسلامتها. والشيء الوحيد الذي نصحت الناس به هو عدم شربها". كما واجه نحاس أيضاً شكوكاً عامة حول استخدام المنتجات الأجنبية. ولمكافحة تلك الريبة، فقد بدأ باستعراض مئات المصانع في الولايات المتحدة التي تعامل مياهها بالبكتيريا نفسها. وأضاف: "تعالج بيبسي كولا (Pepsi Cola) بهذه البكتيريا، وإذا كانت البكتيريا جيدة بدرجة كافية لبيبسي كولا...". بالإضافة إلى أساليبه الغريبة في غسيل وجهه بالبكتيريا، بدأ محمد نحاس أيضاً بتقديم صفقات للعملاء يثبت فيها فعالية هذه البكتيريا. وكان يقدم لشركة من الشركات محطة لمعالجة المياه على أساس تجريبي. وإذا نجحت عملية المعالجة تدفع له الشركة ثمن المحطة والبكتيريا. وإذا لم تنجح التجربة لم يكن النحاس يطالب الشركة بدفع شيء. وقد سدد العملاء ما ترتب عليهم في جميع الحالات تقريباً.

قام نحاس ذات مرة، كما قال، بوضع إستراتيجية تسويق مركزة خاصة بالتقنيات الحيوية، "كان تحقيق هامش ربح جيد أمراً سهلاً، خاصة أنني لم أكن أبيع المنتجات بكتيرية لوحدها، بل كنت أبيع المنتج مع المعرفة التقنية المناسبة له".

وكما تبين لهؤلاء الزبائن الأوائل، أثبتت البكتيريا فعالية عالية عند استخدامها في محطات معالجة المياه المتنقلة التي طورها مركز نحاس، وخاصة في المصانع والمحطات والشركات التي تنتج مياهاً شديدة التلوث، أو التي تطرح نفايات يجري التخلص منها في شبكة مياه الصرف الصحي العامة. وعوضاً عن ذلك، يمكن أيضاً استخدام هذه المياه المعالجة في ري المحاصيل الزراعية غير المخصصة للاستهلاك البشري. ولذلك، يجب على المصانع وغيرها التأكد أولاً من أن مياه الصرف لديها تتوافق مع اللوائح الحكومية قبل تصريف مياهها في أنابيب الشبكة العامة. وهنا يأتي دور مركز نحاس.

سوق نمو

وكما توقع محمد نحاس، فقد نما سوق معالجة المياه الصديقة للبيئة على نحو استثنائي في السنوات الخمس عشرة الماضية.

يقول عدنان الزعبي، الناطق باسم وزارة المياه والري: "لدينا الآن برنامج توعية عام يشرح للناس أهمية الوقاية من التلوث، ويعلمهم سبل الحد من التلوث ومنعه. لقد أصبح الناس يدركون هذا الخطر الآن. ولا يصلون بيوتهم مباشرة [بشبكة التصريف العامة في المدينة دون تنظيف مياههم الملوثة]". وبما أن اللوائح الخاصة بنفايات المياه قد أصبحت أكثر صرامة، فقد زادت قائمة العملاء المحتملين لدى محمد نحاس. ووفقاً للزعبي، فإن الوزارة حريصة على جعل أنظمتها تتطابق مع المعايير الدولية لتنقية المياه. وهو يقول: "يجب تحسين نوعية المياه قبل تركها تتسرب إلى مصادر المياه العامة لأن ترك المياه الملوثة تتسرب إلى شبكة المياه العامة يسبب الكثير من المشاكل الصحية؛ إنها تضيف مواد كيماوية وزيوت إلى بيئتنا، ونحن نخشى تلوث المياه السطحية في الأردن".

لم تكن الأنظمة الأردنية الأمر الوحيد الذي دفع الشركات لطلب مساعدة نحاس. لقد لعبت العولمة دوراً أيضاً. ينصح محمد نحاس الآخرين قائلاً: "يجب أن يبدأ الناس بالمعالجة إذا رغبوا في زيادة الصادرات، فإذا رغبت شركة أردنية في التصدير إلى الولايات المتحدة فإن عليها الالتزام بمعايير الولايات المتحدة. تلك هي آثار العولمة. إن القضايا البيئية حديثة العهد في هذا الجزء من العالم، ولكن الشرق الأوسط بدأ بالبروز عالمياً على صعيد القضايا البيئية. ولهذا أصبح الناس يبحثون عنا. لقد أصبح الأمر حالياً أسهل بكثير مما كان عليه قبل 15 عاماً.

حالياً، يثبت تدفق الزبائن مدى سلامة عقل محمد نحاس التجاري. لقد ازداد عدد عملاء مركز نحاس للأعمال العالمية إلى ما يزيد عن 100 عميل في عمان، و50 عميل في إربد، وعدة عملاء آخرين في باقي مناطق الأردن، كما أبرم المركز عقوداً مع شركات في جميع دول الشرق الأوسط، ومنها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسوريا والكويت وتركيا وإيران. ومن عملاء المركز في الأردن: الشركة الوطنية للدواجن، وشركة الصناعات البتروكيماوية الوسيطة، والشركة المتحدة للأدوية، وشركة النسيج الأردنية الأمريكية، وشركة أدوية الحكمة. ويتفاوض المركز حالياً مع مصر والهند وباكستان لتصدير إستراتيجيات معالجة المياه إلى تلك البلدان.


إن لدى مركز نحاس للأعمال العالمية طموحاً كبيراً. يقول محمد نحاس: "هدفنا هو التوسع بأكبر قدر ممكن هنا في الأردن، والتوسع على مستوى المنطقة أيضاً، ونرغب في تغطية أسواق أخرى أيضاً". ومن الأسواق التي يسعى مركز نحاس إلى التوسع فيها مجال النباتات وتحسين التربة العضوية. ودون التخلي عن البكتيريا القديمة الاحتياطية، كما ذكر سامر نحاس، فإن المركز قد يبدأ بتوزيع نوع جديد من البكتيريا لا يزال قيد التجريب. وتعتمد البكتيريا الجديدة، التي ستستخدم لتحسين الزراعة فقط عوضاً عن استخدامها في التعقيم، التركيب الضوئي لتحويل ضوء الشمس إلى سكر. وعند استخدام البكتيريا بصورة صحيحة فإنها تؤدي إلى زيادة إنتاجية النبات وتحسين صحته، كما تؤدي إلى توفير المياه وزيادة قدرة المحاصيل على الاحتفاظ بالماء.

وإذا كان التاريخ يعطي مؤشرات، فإن من المؤكد أن تنجح أي خطة أعمال يضعها محمد نحاس في الإقلاع، أو حتى في "الالتهام" كما حدث في حالة البكتيريا.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.