English

بعد صراع ثلاث سنوات، تطلق امرأة سعودية برنامجي دعم للرواد الاجتماعيين

English

بعد صراع ثلاث سنوات، تطلق امرأة سعودية برنامجي دعم للرواد الاجتماعيين

على الرغم من الخطوات الملحوظة التي تتخذ لدعم ريادة الأعامل في السعودية، لا زالت تعاني من مشاكل متعددة. فإقناع الناس بمغادرة وظائفهم الحكومية التي يتقاضون منها أجوراً عالية والكثير من العطلات، ليتجهوا نحو المجهول هي معركة شرسة يخوضها كافة صناع القرار في أنحاء منطقة الخليج. لذلك، فقد يكون من الأصعب بعد إقناع الشباب في المملكة بفكرة الريادة الاجتماعية حيث لا يكمن الهدف النهائي بأن يصبح المرء غنياً، إنما بأن يغني مجتمعه.

غير أنّ أفراداً كثر أمثال لجين آل عبيد يتحلون بالشغف تجاه الأعمال الخيرية وبالإصرار الكافي يكافحون في وجه جمهور غير مطّلع وعملية بيروقراطية بطيئة جداً وغياب بيئة حاضنة للريادة لتمكين الشباب السعودي من ذكور وإناث من اتخاذ خطوات في اتجاه تحسين المجتمعات التي يعيشون فيها.

تقول آل عبيد إنّ وعيها حول ما يحصل في مجتمعها نما لديها منذ سنّ مبكّرة. فقد أخبرتنا في اتصال لها من العاصمة السعودية الأسبوع الماضي: "عندما كنت طفلة، كانت أمي تأخذني إلى دور الأيتام ودور العجزة في أنحاء الرياض، فنتبرع بوقتنا كل أسبوع في هذا السبيل. أثّرت فيّ هذه التجارب كثيراً وغيّرتني. فأنا أؤمن أنّه من واجبنا أن نردّ الجميل لمجتمعنا". 

بعد التخرج من جامعة اليمامة والعمل في مجالات عدة، أسست آل عبيد مع شريكتها أميرة الطويل "تسامي" Tasamy في كانون الأول/ديسمبر 2011 لتكون "شبكة تطوع شاملة" في الأصل كما تصفها، مستخدمةً شبكة معارفها المتنوعة سواء من الجامعة أو الوظائف المتعددة التي عملت فيها ومن مجرد "الترعرع في الرياض". بعدما أدركت أنّه كان هناك منظمات عدة تعمل عملاً مشابهاً، غيّرت هي وشريكتها محور الشركة في العام 2012 فبات هدفهما الجديد أنّ تطورا برامج مدتها قصيرة لتمكين الشباب السعودي من تولي مسؤولية تغيير مجتماعاتهم المحلية.

استغرق الحصول على التراخيص اللازمة حوالى الثلاث سنوات، حتى في ظل دعمٍ من عبدالعزيز القاسم، وهي إحدى أبرز شركات المحاماة في السعودية. غير أنّ الفريق الذي بات يضم سبعة أشخاص سوف يطلق وأخيراً هذا الشهر برنامج "كون" Kun وهو برنامج يمتد على ستين يوماً يصمم في غضونه الشباب وينفذون مبادرات اجتماعية لتحسين مجتمعاتهم، فيتلقون طوال هذه المدة الإرشاد اللازم من قبل محترفين في المجالات المعنية ينتمون إلى شبكة "تسامي".

لقد أعطى البرنامج التجريبي الناجح العام الماضي ثقةً للفريق في النجاح الذي يمكن لـ "كون" أن يتكلل به. من المشاريع التجريبية الثلاثة، تشير المؤسسة إلى النجاح المميز الذي اتسم به إحداها: هذا المشروع الذي عرضته شابة تُدعى أمنية تبلغ التاسعة عشرة من العمر يُدعى "ساعدنا لنساعدك" وهو كان حملةً لرفع الوعي بشأن خطّ ساخن تابع للحكومة يمكن للناس الاتصال به للإبلاغ عن الحاجة لإصلاحات في شوارع الرياض. كان المشروع "غير عملي وغير منطقي"، تقول آل عبيد ضاحكةً وتتابع: "فلا يمكنك رؤية فتيات يعملن في شوارع الرياض. لكنّه يبين عن رغبة في العمل ورغبة في تغيير الأمور". ترغب الفتيات أمثل أمنية أن "يثنين أكمام عباياتهنّ وينكبّين على العمل".

إلى جانب ذلك، من المقرر أن يُطلق برنامج زمالة "تسامي" في آذار/مارس، وهو برنامج ومؤسسة احتضان للقيادة وهو مكثف أكثر ويمتد على سنة كاملة. يقضي بإرشاد الزملاء طوال عملية إنشاء مبادرتهم الاجتماعية، فيلقى هؤلاء الزملاء دورات تدريبية في المهارات المهنية كما والمساعدة التي يحتاجون إليها من الناحية اللوجستية والتمويل التأسيسي والإرشاد. وتقول آل عبيد إنّه في نهاية البرنامج، "سوف نعرّف زملاءنا على شبكة المستثمرين لدينا ونسمح لهم بعرض مشاريعهم". 

أطلقت آل عبيد وفريقها هذين البرنامجين للتصدي لسلسلة من المشاكل التي يواجهها الشباب الرياديون السعوديون والتي تمكنوا من وضع اصبعهم عليها خلال مجرى دراستهم الجامعية ومسيرتهم المهنية حتى الآن. وتتضمن هذه المشاكل تحديات حكومية (البيئة التشريعية الصعبة وعملية صنع القرار البطيئة والجهاز الإداري غير الكفوء) وتحديات المحيط (وأبرزها عدم الإلمام بمفهوم الريادة الاجتماعية)، وتحديات شخصية (ويمكن أن تتضمن غياب الخبرة في المهارات اللازمة لنجاح التجربة الريادية).

أما الصعوبة التي تواجهها النساء عند محاولة إنشاء عمل تجاري في المملكة، فهي تشمل الفئات الثلاثة المذكورة أعلاه معاً وفقاً لـ آل عبيد. وفي حين تمكنت شخصياً من تجنّب "التحديات النسائية"، إذ تقول إنّ ذلك حصل "لأنّ عائلتي كانت تدعمني"، إلاّ أنّ دعم العائلة ليس كل ما في الأمر. فالأطر التنظيمية والمحرمات الاجتماعية التي تحد من إمكانيات النساء اللواتي يعملن بمفردهنّ تشكل عوائق غالباً ما يتوجب عليهنّ تخطيها بمفردهنّ.

ولكن، في حين أنّها تقرّ بأنّ "العمل مع الرجال ليس دائماً بالأمر السهل"، لا تتعلق المشكلة فعلاً بالفارق في طريقة معاملة الجنسين بقدر ما هي مجرّد "عقلية غير مرنة" متفشية في السعودية، تشكل أسسًا لعدم كفاءة مؤسسات كثيرة.

غير أنّ اهتمام الناس بمشاريع "تسامي" حتى الآن يبعث ببصيص أمل لمؤسسة البرنامجين ولبلدها. فإطلاق حملة توعية إعلامية جديدة ضئيلة، جذب أكثر من 400 طلباً لاحتلال الأماكن الثلاثة في برنامج "كون" بحسب قولها؛ وتضيف: "نتوقع أن يبقى مستوى الاهتمام المرتفع هو نفسه فيما نسير قدماً".

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.