English

كيف يضرّ حظر سكايب وأشباهه بالشركات الناشئة في الإمارات العربية المتحدة

كيف يضرّ حظر سكايب وأشباهه بالشركات الناشئة في الإمارات العربية المتحدة
الصورة من مايكروسوفت

ليس إطلاق شركة ناشئة بالأمر السهل لذلك فهو لا يلائم الأشخاص القلقين والذين يفقدون العزيمة بسهولة. فأمام هؤلاء الكثير من الأمور التي يجب أن يقلقوا بشأنها بدءاً من العثور على مستثمرين وعملاء وصولاً إلى التخلّي عن راتب منتظم وساعات عمل عادية. إذاً التحديات هائلة بشكل عام يضاف إليها في الإمارات العربية المتحدة صعوبة إضافية يواجهها رواد الأعمال ألا وهي عدم توفّر تطبيقات الاتصال الصوتي عبر ميثاق الإنترنت  VoIP  مثل سكايب Skype وفيستايم Facetime وخدمة الاتصال في واتساب WhatsApp.

 

يقود الحظر على سكايب والتطبيقات المماثلة له إلى زيادة التكاليف وتقليص الإنتاجية وردع المستثمرين والإضرار بقدرة الشركات الناشئة في الإمارات على المنافسة مع الشركات الأجنبية. ويتناقض الحظر أيضاً مع الاستثمارات الهائلة للبلاد لإنشاء بيئة تحتية تكنولوجية توازي بمستواها أفضل البنى التحتية في العالم. ونظراً إلى أهمية المسألة، تحدثت "ومضة" مع عدد من رواد الأعمال الذين عبّروا عن أسباب إحباطهم.  

 

يقول إيان ديلون، المؤسس الشريك في "ناو ماني" NOW Money للتكنولوجيا المالية التي تتيح للمستخدمين إنشاء حسابات متنقلة ومن دون وجود فروع مصرفية ومن دون رسوم في الشرق الأوسط، إن "هذا تقييد يسبب مصاعب بمعنى أنه يضيف المزيد من التكاليف والبيروقراطية على ممارسة الأعمال هنا. عادة ما نجري الاجتماعات الهاتفية عبر سكايب أو خدمات أخرى مجانية. أما هنا فعلينا أن نفعل ذلك عن طريق الاتصال التقليدي من هاتف أرضي أو هاتف خلوي".  

 

ويخبرنا ديلون بأنّه يجري ما معدّله خمس اتصالات دولية يومياً بكلفة ترتفع بسرعة. ويقول إنه "ثمن تدفعه الشركات الصغيرة (في الإمارات) على عكس الشركات الصغيرة في أماكن أخرى من العالم وهو ما يضعنا في موقع أضعف من حيث المنافسة".

 

يشير فيليب باهوشي، مؤسس "ماغنيت" MAGNiTT ومديرها التنفيذي بدوره إلى نزعة متنامية لدى الشركات الناشئة الإقليمية لاتخاذ الإمارات مقراً إدارياً لها للاستفادة من قاعدة الشركات والعملاء القوية في البلاد. إلاّ أن العديد من هذه الشركات لديها "غرف عمليات" في مراكز تكنولوجية في الخارج حيث تتخذ لها مكاتب فرعية في دول مثل مصر ولبنان والأردن وباكستان والهند بينما يكون عملاؤها وزبائنها المحتملون في الخارج أيضاً.  

 

يقول باهوشي إن "الاتصالات أساسية لتكون العمليات بالنسبة للعديد من الشركات في المنطقة (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) مجدية التكلفة. فسكايب وواتساب وغيرهما من تطبيقات الاتصال الصوتي عبر ميثاق الإنترنت تستخدم كعوامل مساعدة على نطاق عالمي لرواد الأعمال ومد جسور التواصل بينهم وبين المستثمرين والزبائن والموظفين ومقدّمي الخدمات".

 

لذلك يحذر باهوشي من  أنّ حظر تطبيقات الاتصال الصوتي عبر ميثاق الإنترنت يسبب صعوبات وتحديات تعتبر الشركات الناشئة بغنى عنها لا سيما في المراحل الأولى من عمر الشركات حيث يكون المؤسسون في مرحلة تمهيدية ولديهم سيولة محدودة.

 

ويضيف بأن "حظر تطبيقات الاتصال الصوتي عبر ميثاق الإنترنت يشكّل عائقاً أمام النمو في عالم محفوف بالصعاب بالنسبة إلى الشركات الناشئة عالمياً وإقليمياً".

 

تتقدّم التكنولوجيا بوتيرة تجعل رواد الأعمال الحذقين يجدون أساليب للتحايل على الحظر ولكن أليس من الأجدى لهم بدلاً من ذلك أن يخصصوا هذا الوقت لتطوير شركتهم؟

 

يؤثر هذا الأمر سلباً على الكفاءة بالنسبة إلى أمير حجازي، الشريك المؤسس والشريك الإداري في "إنتو مينا" intoMENA ومؤلف كتاب "ستارت أب عربية" Startup Arabia والمدير السابق في سوق كوم. ويوضح الأخير أن "الحظر يجعل الحاجة الأهم للشركات أي الاتصالات السهلة، صعبة المنال. ففي سياق العولمة، يصبح ذلك ضرورة أكبر وإن كانت مطلوبة اليوم فيتوقّع أن يزداد الطلب عليها أكثر غداً. ويضع الحظر الشركات الناشئة في الإمارات في وضع غير مؤاتي من حيث التنافسية ويوجه رسالة مفادها بأنّ على رواد الأعمال ألاّ يوسّعوا أفقهم وأن يحصروا عملهم بالنطاق المحلّي بينما العكس هو الصحيح".  

 

مدن ذكية؟

يتعارض فرض الحظر مع طموح الإمارات ودبي على نحو خاص بأن تصبحا مركزاً رائداً للابتكار التكنولوجي.

 

فمبادرة المدينة الذكية في دبي تهدف إلى استخدام حلول ذكية لتحسين الإدارة والاقتصاد والبيئة وقابلية التحرّك لترسّخ دبي ذاتها كالمدينة الأسعد في العالم. فكيف يمكن تحقيق ذلك من دون أن يتمكّن السكّان والزوار من الوصول بسهولة إلى الاتصالات عبر ميثاق الإنترنت؟

 

يلفت لويس لبّس، الشريك المؤسس لـ"أسترولابس" Astrolabs ومقرها دبي، إلى "تأثير آخر نلاحظه وهو حين يأتي إلينا مستثمرون دوليون، فأول ما يلاحظونه ويلفتون نظرنا إليه هو عدم تمكّنهم من إجراء اتصالاتهم العادية. ويتسجّل ذلك لديهم كنقطة سلبية لدى البيئة الحاضنة إذ إنّ مدينة متطورة كدبي لا تملك البنية التحتية الأساسية الموجودة في أسواق أقل تطوراً".

 

بدائل مُحبطة

كانت الاتصالات عبر الإنتنرنت تاريخياً متاحة في الإمارات حتى لو لم تكن اتصالات الفيديو غير المرخصة ممنوعة، غير أنه في الأشهر الـ18 الأخيرة حظرت "هيئة تنظيم الاتصالات" سكايب وأشباهه بفعالية أكبر.  

 

تصرّ الهيئة التي لم تردّ على طلباتنا للحصول على تعليق، على أنّ على جميع تطبيقات الاتصالات الصوتية عبر ميثاق الإنترنت أن تحصل على تراخيص وأنّ مشغّلَي الاتصالات "دو" و"اتصالات" فقط مرخّص لهما القيام بذلك. فالاثنين يقدّمان الاتصالات الصوتية عبر ميثاق الإنترنت ولكنهما على عكس نظرائهما الدوليين يفرضان رسوماً على الاتصالات عبر الإنترنت. فعلى أصحاب الهواتف الخلوية دفع 50 درهماً إماراتياً شهرياً لاستخدام تطبيقي BOTIM وC’Me.

 

حصل تطبيق BOTIM الذي يحظى على تقدير 4.2 في متجر غوغل بلاي Google Play، على حوالي 100 ألف تقدير نجمة واحد من مستخدمين اشتكوا من أنّ الإعلانات تقطع الاتصالات ومن تراجع جودة الاتصالات وانقطاعها المتكرر. كما أنّ الاتصال ينتهي حين يتلقّى المستخدم إشعاراً من تطبيقات أخرى مثل "جيميل" gmail أو واتساب، وفق المستخدمين.

 

وكتب أحد المستخدمين المنزعجين في 28 آب/أغسطس "لو كان لديّ خيار لما استخدمت التطبيق هذا... ففي أي سوق مفتوحة، لن يصمد هذا التطبيق، ببساطة".

 

أما C’Me الذي أطلقته "اتصالات" فيحظى بتقدير 3.2 على متجر غوغل بلاي ولكن معظم المراجعات المكتوبة سلبية، و18 من بين كل عشرين تمنحه نجمة واحدة. وكتب أحد المستخدمين "إنه أسوأ تطبيق لاتصالات الفيديو في التاريخ".

 

وتحذر إحدى الإجابات على أسئلة شائعة على BOTIM أيضاً: "حاولوا تفادي إجراء اتصالات فيديو دولية في ساعات الذروة، وهي عادة بين السادسة والتاسعة مساء بالتوقيت المحلي يومياً. فثمة زحمة للاتصالات الدولية".

 

ويقول جواب آخر "بسبب عدم اليقين في الشبكة لا سيما على مستوى الاتصالات الدولية، قد تواجهون ظروفاً عشوائية تحول دون إجراء الاتصالات. وعادة ما تحتاج الشبكة إلى عشرات الدقائق إلى عدة ساعات لتعود إلى طبيعتها. الرجاء الانتظار والمحاولة مرة أخرى".

 

حتميّة مالية

إذاً في ظل عدم شعبية هاذين التطبيقين، لماذا تكتفي السلطات الإماراتية بتقديم خدمات دون المستوى؟

 

قد تكون الإجابة مالية. فالحكومة الاتحادية هي صاحبة الحصة الأكبر في "اتصالات" و"دو". وقد عانت الشركتان بشكل هائل بسبب تطبيقات الدردشة الفورية التي أنهت خدمة الرسائل النصية كمصدر للعائدات.

 

إن البنية التحتية المذهلة للإنترنت في الإمارات العربية المتحدة - التي تحلّ في المرتبة الثالثة عالمياً - وشبكات المحمول الممتازة تعني أنه لو أتيحت الاتصالات عبر الإنترنت بسهولة، فذلك سيدمر عائدات المكالمات الدولية بالنسبة إلى الثنائي المزوّد للاتصالات في الدولة. ففي بلد يشكل فيه المغتربون أكثر من 80 في المائة من السكان، لا شك أن الاتصال بالخارج هو مصدر عائدات مهم للغاية لهما.

 

يبرز التقرير السنوي لـ"اتصالات" لعام 2017 الحتمية المالية وراء حظر الاتصال الصوتي عبر ميثاق الانترنت حيث يقول إن "وجود مزوّدي خدمات فوقية Over the Top  أو OTT) ) عبر الإنترنت يشكل تهديداً مشتركاً على قطاع الاتصالات مما يؤثر على عائدات الاتصالات الخلوية في أكثر أسواق 'اتصالات' نضوجاً. وزيادة استخدام تطبيقات الاتصالات الصوتية عبر الإنترنت يفكك عائدات مشغلي الاتصالات التقليدية".

 

على الرغم من أن "اتصالات" تقدم خدماتها في 16 دولة، لا تضيف عملياتها الخارجية الكثير على عائداتها حيث تقدّم الإمارات 64% من أرباحها قبل الفوائد والضرائب وإهلاك الدين EBITDA البالغة 6.6 مليار درهم.

 

يتيح حظر "سكايب" وغيره من تطبيقات الاتصالات الصوتية عبر الإنترنت للمشغّلين الحفاظ على إيراداتهما التي يدفعان 15% منها كرسوم حق الامتياز.  

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.