English

دور رائدات الأعمال وأهمّيتهن في تعزيز اقتصادات الشرق الأوسط

English

دور رائدات الأعمال وأهمّيتهن في تعزيز اقتصادات الشرق الأوسط

بقلم أشيش بنجابي، رئيس تاي دبي 

يُعدّ النظام البيئي للشركات الناشئة في الشرق الأوسط، وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة، بمثابة منظومة مثالية متناغمة تتعاون فيها جميع الأطراف بصورة منسقة ومنظمة لتحقيق أقصى فائدة.

أدت المبادرات التي نفذتها الحكومات الإقليمية لتنويع اقتصاداتها وعدم الاعتماد الكامل على عائدات النفط إلى ظهور عدد كبير من الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهذا ما يعكسه تقرير شركة ماغنت (Magnitt) الذي صدر في  النصف الأول من عام 2019، حيث أشار إلى العدد القياسي من صفقات الاستثمار في الشركات الناشئة والذي تجاوز 238 صفقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بلغت قيمتها الإجمالية 471 مليون دولار. كما سلط التقرير الضوء على مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة التي ظلت الأكثر نشاطاً بين الشركات الناشئة بمعدل 26٪ من جميع الصفقات، تليها مصر (21٪) ولبنان (13٪)؛ كما أبرمت المملكة العربية السعودية 71 صفقة مع شركات ناشئة في عام 2019 بقيمة 251 مليون ريال سعودي.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن الفجوة متقاربة جدًا بين الجنسين في نشاط الشركات الناشئة عبر معظم البلدان. وفقًا لأحدث تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي حول المشاركة الاقتصادية، سيستغرق العالم 257 عامًا أخرى لسد الفجوة بين الجنسين، فحتى يومنا هذا، لا تزال هناك 72 دولة تمنع النساء من فتح حسابات مصرفية خاصة بها أو الحصول على ميزة الائتمان البنكي. وللأسف، هناك مؤشرات كبيرة إلى أن عدم المساواة بين الجنسين موجود حتى في مجال رأس المال الاستثماري، فقد وجدت تجربة أجراها باحثون من هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومدرسة وارتون أن أكثر من ثلثي المستثمرين يفضلون الاستثمار في الشركات الناشئة التي أسسها رجال.

وعلى الرغم من أن النتائج تبدو مخيبة للآمال، إلا أنه من الواضح أن منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد حققتا الكثير من التقدم على صعيد المساواة بين الجنسين. لهذا، بإمكاننا أن نقول إن هذا الجزء من العالم قد أخد على محمل الجد تمكين رائدات الأعمال من الازدهار في جميع أنحاء المنطقة.

يُظهر تحليل أجرته مجموعة بوسطن الاستشارية بي سي جي (BCG) أن مشاركة النساء والرجال على قدم المساواة كرواد أعمال خطوة مهمة لرفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3٪ تقريبًا إلى 6٪، وهو ما يعزز الاقتصاد العالمي بمقدار 2.5 تريليون دولار إلى 5 تريليون دولار.

تلتزم بيئة الأعمال في الإمارات العربية المتحدة بدفع عجلة المساواة وتعزيزها في عالم الأعمال، وبالتالي فإن حكومة الإمارات العربية المتحدة تتبنى وتنفذ مبادرات للتصدي لظاهرة عدم المساواة بين الجنسين بهدف تمكين رائدات الأعمال. تشمل بعض هذه المبادرات ظهور مجموعات تركز على دعم لرائدات الأعمال، ومبادرات هادفة لتمويل رائدات الأعمال، بالإضافة إلى تقديم الدعم من خلال إبرام شراكات مع المؤسسات والشركات الخاصة، وإعداد حزم حصرية للنساء لإطلاق شركاتهن. تلعب المنظمات الدولية والإقليمية، مثل تاي، مع فرعها المحلي تاي دبي، دورًا نشطًا ومهمًا في المجتمع من خلال دعم العدد المتزايد من رائدات الأعمال وذلك بتقديم التوجيه والإرشاد، التواصل والتعليم، الاحتضان والتمويل، وعدد من المبادرات الآخرى مثل مبادرة تاي للنساء وتاي هَسِل (Tie Hustle) وغيرها. تهدف هذه المبادرات إلى التصدي لاهتمامات رائدات الأعمال في المنطقة والسعي لتحقيقها مثل الوصول إلى التمويل والتدريب والتواصل وفرص التقدم المهني وأكثر.

يأتي تشجيع رائدات الأعمال على الدخول في بيئة الأعمال التجارية كخطوة مهمة لها فوائد عديدة لا تتوقف عند تعزيز الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بل تتخطى ذلك بكثير. فمتى ما حصلت النساء على فرص متساوية تمكّنهن من ريادة الأعمال وجني الأرباح، من الممكن أن تبدأ فجوة الثروة بين الجنسين في التقلّص أكثر وأكثر. كما ينجح التنوع بين الجنسين في إطار النظام البيئي للشركات الناشئة من تعزيز نمو المؤسسات المملوكة للنساء والتي يمكنها في نهاية المطاف إطلاق أفكار وخدمات ومنتجات جديدة في الأسواق، وإعادة رسم خارطة المستقبل.

يرى الخبراء أن هناك أدلة دامغة، مدعومة بشكل أكبر بالنتائج الأخيرة لمركز كوفمان فيلوز للأبحاث، على أن فرق الإدارة العليا ذات التنوع الاجتماعي والتعليمي والخبرة الدولية لها تأثير إيجابي كبير على أداء الشركات.

شهدنا، أثناء عملنا مع العديد من رائدات الأعمال في تاي دبي، إمكانات هائلة غير مُستغلة يتمتعن بها جميعًا دون استثناء. تشير الأبحاث التي أجرتها مجلة هارفارد بيزنس ريفيو القديرة إلى أن النساء يتفوقن على الرجال في معظم المهارات القيادية، فقد حصلت النساء على درجات أعلى من الرجال في المهارات الأساسية مثل العمل الجماعي والابتكار وحل المشكلات. وإن دلّت هذه النتائج على شيء فإنما تدلّ على الإمكانات الهائلة الت تتمتع بها النساء عندما يُعاملن بالمثل ويتلقّين التوجيه والإرشاد والقدرة على الحصول على ميزة الائتمان البنكي، فضلاً عن مهاراتهن القيادية المتأصلة والتي تُعتبر حاسمة للنجاح في ريادة الأعمال.

تشمل المبادرات التي يمكن لصانعي السياسات تنفيذها للتصدي لعدم المساواة بين الجنسين، وهو أمر بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي -

  • خلق فرص تركز على النساء للتواصل والعمل
  • وجود المزيد من النساء في المناصب القيادية العليا
  • معاملة النساء على قدم المساواة عندما يتعلق الأمر بالحصول على تمويل رأس المال والإرشاد
  • مشاركة الموارد التي يمكن أن تساعد الشركات المملوكة للنساء على النمو مفيدة في نموها وتوسعها

وأخيرًا وليس آخرًا، سيتطلب إطلاق العنان لقدرات رائدات الأعمال المثابرة والتعاون عبر طيف من المجموعات الريادية المختلفة، بما في ذلك أصحاب رؤوس الأموال، والمنظمات غير الربحية، والشركات. ستبدأ هذه الجهود على الأقل في الكشف عن معوقات نمو الشركات الناشئة لرائدات الأعمال.  

 

 

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.