English

أساسيات الملكية الفكرية: براءات الاختراع ونماذج المنفعة

English

أساسيات الملكية الفكرية: براءات الاختراع ونماذج المنفعة

لودفيج ليندرماير هو محامٍ متخصص في براءات الاختراع والعلامات التجارية، ويعمل في شركة PAUSTIAN & PARTNER للمحاماة. ويتناول في سلسلة من مقالات الريادة الفكرية أساسيات الملكية الفكرية، ويُوضح أفضل طريقة تحمي بها الشركة الناشئة ملكيتها الفكرية.

في هذه الجلسة الخاصة بالملكية الفكرية، سنواصل رحلتنا في متاهة الملكية الفكرية، وسنلقي الضوء على ما قد يُعتبر أشهر حقوق الملكية الفكرية، ألا وهو براءة الاختراع.

نظراً إلى أن القوانين والسوابق القضائية تختلف اختلافاً كبيراً من بلد إلى آخر، فضلاً عن اختلاف النظم الإقليمية مثل المكتب الأوروبي لبراءات الاختراع، لن نتناول إلا أساسيات براءات الاختراع وما نسميه هنا «بأخيها الأصغر»، وهو نموذج المنفعة.

لقد وُضِع أول قانون لبراءات الاختراع بمعناها الحالي في عام 1474 في مدينة البندقية. ثم وضعت إنجلترا عام 1624 "قانون الاحتكارات" الذي أصبح نموذجاً تحتذي به بعد ذلك جميع قوانين براءات الاختراع.

ويُعبِّر مصطلح "الاحتكار" عن جوهر موضوع براءة الاختراع: فمُودِع الطلب يُمنَح حقاً احتكارياً في اختراعه عن طريق منح المخترع الحق في منع الآخرين من القيام بما هو موصوف في براءة الاختراع. ولذلك تكمن الفكرة الأولية (والجوهرية) لبراءة الاختراع في أن يكشف المخترعُ للعالم عن اختراعه، وبذلك يتطور المجتمع. وفي مقابل ذلك، يُكافأ المخترع بالحصول على حق احتكار الاختراع المذكور.

ملاحظة على الهامش: هذا هو السبب الذي يجعل نظام براءات الاختراع مُصمَّماً إلى حد ما على نحو مأمون الاستعمال منذ البداية؛ فإذا لم ينجح الاختراع، فإن أسوأ الاحتمالات هو أن يُمنَح المخترع الحق في منع الآخرين من القيام بشيء لم ينجح في المقام الأول.

ما الذي يمكن التقدم بطلب لحمايته بموجب براءة اختراع؟ الإجابة المختصرة: كل شيء بدون مبالغة – حتى شطيرة الجبن (لا أمزح، انظر من فضلك طلب براءة الاختراع رقم US 20130295234 A1). ولذلك فإن السؤال الأصح هو: "ما الذي يمكن أن يحصل على براءة اختراع؟"

إن براءات الاختراع تحمي الاختراعات التقنية. ولذلك لا تُمنح البراءات للأشكال أو الألوان أو ما إلى ذلك ما دامت ليست ضرورية لتحقيق أثر تقني، ومن أمثلة الأشكال والألوان التي لها سمات تقنية: سطح خشن على شريط لاصق يؤدي إلى تقليل احتمالية الانزلاق على درجات سلم، أو لون أحمر ساطع على سترة نجاة يؤدي إلى زيادة وضوح الرؤية.

وللحصول على براءة اختراع، يجب أن تكون سمات الاختراع التقنية جديدة ومبتكرة وتمكينية، وهذه السمات في المثال المذكور أعلاه هي السطح الخشن للشريط اللاصق أو اللون الأحمر الفاتح على سترة النجاة. وتوجد بالطبع بعض الأمور الأخرى التي يجب وضعها في الاعتبار مثل إمكانية التطبيق الصناعي، ويجب ألا يكون الاختراع المُقدَّم محظوراً بموجب القانون، ولكن كما وعدتكم، سنحاول تبسيط الأمر قدر الإمكان، ولذلك سنُركِّز بصفة أساسية على الجدَّة والخطوة الابتكارية. بالمناسبة، كان مصير الطلب الخاص بشطيرة الجبن هو الافتقار إلى سمات تقنية ...

الجدَّة هي الإجابة عن السؤال الآتي: "هل الاختراع موجود من قبل؟". ولذلك يُقصد بها إلى حد ما التحقُّق مما إذا كانت جميع السمات التقنية قد سبق الكشف عنها مجتمعةً أم لا. إذا كانت الإجابة نعم، فإن الاختراع ليس جديداً، ولذلك لن يُمنح براءة اختراع.

أما الخطوة الابتكارية فتتعلق بالإبداع التقني نوعاً ما. فإذا كان هناك فرق بين السمات التقنية وحالة التقنية الصناعية السابقة - أيْ بعبارة أخرى إذا كان الاختراع جديداً، فحينئذ سيتحقق المرء مما إذا كان هذا الاختلاف اختلافاً مبتكراً أم لا. أو بعبارة أخرى، هل يمكن لأي شخص ماهر في هذا المجال التكنولوجي أن يتوصل إلى ذلك الفرق دون أن يكون مبدعاً تقنياً (مُبتكِراً). وتوجد، كما ترون، أسئلة كثيرة حتى لو انخفضنا بمستوى التفاصيل إلى أدنى حد: مَنْ هو ذلك الشخص الماهر؟ وما المعرفة التي يمتلكها؟ وما الأمور التي تُعتبر بديهية وبالتالي غير ابتكارية – ما الحد الفاصل بين ما هو بديهي وما هو مُبتكَر؟ وسأحاول أن أشرح ذلك بمثال: إذا كان الاختراع عبارة عن طريقة لتعليق صورة على الحائط باستخدام مسمار ملولب، ولكن توجد بالفعل طريقة للتعليق على الحائط باستخدام مسمار عادي، فسوف يفتقر هذا الاختراع إلى الخطوة الابتكارية، لأن المسامير الملولبة مشابهة للمسامير العادية، ومن البديهي تجربة استخدام مسمار ملولب بدلاً من مسمار عادي. وقد يكون الشيء المختلف هو طريقة لتعليق صورة على الحائط باستخدام إطارٍ يجعل الجاذبية منعدمة.

ويقودنا ذلك إلى الكشف التمكيني عن الاختراع. المثال السابق الخاص بإطار الصورة المنعدم الجاذبية وطريقة استخدامه لتعليق صورة على الحائط سيكونان، حتى الآن، قابلين للحصول على براءة. ولكن إذا لم يشرح مُقدِّم طلب البراءة كيف يعمل هذا الإطار بطريقة تُمكِّن الآخرين من صنع الإطار بأنفسهم (النهوض بالمجتمع)، فإن طلب البراءة سيفتقر في تلك الحالة إلى الكشف التمكيني، وبالتالي لا يمكن منح الاختراع براءة.

وإذا استوفى طلب البراءة شروط الجدَّة والخطوة الابتكارية والكشف التمكيني، فسوف تُمنَح براءة الاختراع، وينطبق الأمر نفسه على براءات الاختراع الخاصة بالبرمجيات والذكاء الاصطناعي. وفي الغالب، ستكون براءات الاختراع صالحة لمدة 20 عاماً، وسيتعين دفع رسوم سنوية لإبقائها "سارية" (أكرر: يوجد في الواقع كثير من التفاصيل الأخرى). ويمكن لمُقدِّم طلب براءة الاختراع أن يُقاضي مَنْ ينتهك براءة الاختراع.

كما أن براءات الاختراع لا تحمي الاختراعات فحسب، بل تُستخدم أيضاً كورقة مساومة في حالة وجود نزاعات بين الشركات (شركة «أبل» ضد شركة «سامسونغ» مثلاً)، وقد تؤدي البراءات إلى زيادة قيمة الشركة، وهو أمر قد يروق للشركات الناشئة، ويمكن بيع براءات الاختراع وشراؤها، بل ويمكن إنفاذها حتى إذا كان مالكها لا ينتج أيّاً من السلع المحمية بها، وغير ذلك الكثير.

"الأخ الصغير"

نموذج المنفعة هو في الأساس براءة اختراع مع بعض الاختلافات الحاسمة. ولا تُستخدم نماذج المنفعة في جميع البلدان، وتُعد الصين واليابان وألمانيا من الدول التي تُستخدم فيها نماذج المنفعة، ولكل دولة طريقة مختلفة في تسجيل نماذج المنفعة. فيُجرى في بعض الدول فحص موضوعي، ولا يُجرى في بعض الدول الأخرى. ولأنني محامي براءات اختراع ألماني، فسأضرب لكم مثالاً بنموذج المنفعة الألماني.

في الغالب، يكاد يكون طلب نموذج المنفعة مطابقاً لطلب براءة الاختراع، ولكن بشروط أقل صرامة. وفي ألمانيا، لا يمكنك التقدم بطلب لتسجيل طرائق (لذلك لن يكون إطار الصورة المنعدم الجاذبية صالحاً للتسجيل)، وبعد التحقق التقريبي من استيفاء الاختراع لشرط الكشف التمكيني، سيُسجَّل نموذج المنفعة. ولا يوجد فحص موضوعي كما هو الحال مع براءة الاختراع. ولا يتضح هل نموذج المنفعة يستوفي شروط الجدة والخطوة الابتكارية والكشف التمكيني أم لا حتى "يُستخدم". وإلى أن تأتي اللحظة التي يُلاحِق فيها مُقدِّم الطلب شخصاً آخر فيدافع ذلك الشخص عن نفسه بالطعن في صلاحية نموذج المنفعة، أو يطعن شخص ما في صلاحية نموذج المنفعة مباشرةً لأن ذلك يبدو له أمراً ضرورياً، حينها فقط يجري التحقق من الشروط المذكورة أعلاه.

فلماذا إذن نماذج المنفعة أصلاً؟ إنها تبدو غير آمنة وغير أكيدة بعض الشيء! باستخدام نموذج المنفعة، يمكن لمُقدِّم الطلب أن يُسجِّل ويكتسب بسرعة وبتكلفة زهيدة حقوق ملكية فكرية "فعلية"، وقد يكون نموذج المنفعة أكثر استقراراً من براءة الاختراع في بعض الحالات بسبب اختلاف أنظمة نماذج المنفعة. ومن الاختلافات الحاسمة الأخرى أن مدة صلاحية نموذج المنفعة –التي تبلغ في ألمانيا 10 سنوات كحد أقصى– عادةً ما تكون أقل بكثير من مدة صلاحية براءة الاختراع.

وما ورد أعلاه ليس سوى محاولة لشرح موضوع بالغ الصعوبة، هو "براءات الاختراع ونماذج المنفعة". وهو بالتأكيد ليس مشورة قانونية – إذا كنت تريد معرفة المزيد، فعليك باستشارة المحامي الذي تثق به.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.