English

ما سرّ النجاحات المتتالية لمنصّة الرعاية الصحّية القطرية هذه؟

English

ما سرّ النجاحات المتتالية لمنصّة الرعاية الصحّية القطرية هذه؟

لا يتوقّف الحديث عن المحتوى العربي الرقمي وندرته في عالم الإنترنت، ولكن في منطقةٍ لا يتقن  نصف سكّانها الـ375 مليوناً سوى اللغة العربية قد يصبح الأمر سبباً للنجاح.

منذ أن انطلقت منصّة "مِدي" Meddy بالإنجليزية كمشروعٍ جامعيّ في آب/أغسطس 2014،وهي تثير الانتباه إليها في مختلف المسابقات التي تشارك فيها.

نشأت هذه المنصّة لتسهّل على الأجانب عملية العثور على الطبيب المناسب وحجز المواعيد في قطر، ولكن "بعد إلحاحٍ من الأطبّاء والمستخدمين لكي تتوجّه ’مِدي‘ للسكّان العرب والمواطنين القطريين، أطلقنا نسخةً عربية في مطلع أيلول/سبتمبر فارتفع عدد الزوّار من 30 إلى 55 ألفاً في الشهر"،  بحسب الشريك المؤسس والمدير التقني، عبدالله الخنجي.

لقطة من موقع "مِدي" بنسخته العربية.

يعكس ذلك الحاجة إلى منصّات رعايةٍ صحّية ذات طابعٍ محلّيّ في المنطقة بالإضافة إلى الاهتمام المتزايد بالرعاية الصحّية الرقمية. فمن المتوقّع أن ينمو قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجيّ إلى 69.4 مليار دولار أميركي، بحلول عام 2018. ويساهم في ذلك انتشار الهواف الذكية في الخليج (75%) والمنطقة (أكثر من 50%) بالإضافة إلى ارتفاع المشاكل الصحّية بسبب نمط المعيشة.

انطلاقة بطيئة إنّما فعّالة

ما يلفت الانتباه في "مِدي" ليس تحقيق أرقام هائلة والفوز بالمسابقات، إنّما ما يقوم به الفريق من دراسةٍ للسوق قبل القيام بأيّ خطوة.

تضمّ قطر أكثر من 600 عيادةٍ صحّيةٍ ولكن لا يوجد على الإنترنت سوى أقلّ من 60 عيادةً، حسبما أشار فريق "مِدي" في مقالةٍ سابقةٍ لـ"ومضة". و"هناك أطباء ليس لديهم حتى بريد إلكترونيّ، والناس كثيراً ما يسألون عن الأطبّاء واختصاصاتهم وأماكن تواجدهم"، وفقاً لما يضيفه الخنجي.

عبد الله الخنجي. (الصورة من الخنجي)

لأجل ذلك، عمل الأخير على تصميم الموقع مع شريكه الرئيس التنفيذي حارث أغادي، بهدف رفع الوجود الرقمي للأطبّاء وإنشاء شبكةٍ لهم. أطلقا الموقع فور التخرّج، لينضمّ إليهما بعد ذلك كلٌّ من نوشن نيسا، كمصمِّمة المنتَجات، والدكتور عبد الواحد زينل كمستشارٍ طبّي، وأدريانا فالي كمسؤولة عن تطوير الأعمال.

شارك الفريق في برنامج احتضان الأعمال في "واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا" حيث حصل على مبلغٍ رفض الخنجي الكشف عنه، ثمّ انتقل إلى "مركز الحاضنات الرقمية" لسنةٍ ونصف تقريباً حيث حصل على مكتب لسنتين وتلقّى إرشاداتٍ وتدريبات.

والآن، تضمّ "مِدي" أكثر من ألفَي طبيب و250 عيادة، وتقدّم خدماتها مجاناً للمستخدِمين المسجّلين بحيث تستفيد من تقييماتهم وتعليقاتهم. وفي حين تعرض معلوماتٍ عن الأطبّاء مقابل اشتراكٍ شهريّ مدفوع سلفاً، وإمكانية الدفع مقابل البروز في موقعٍ متقدّم عند البحث، يستفيد الأطبّاء من البروز واكتساب عملاء (مرضى) جدد وإدارة المواعيد.

ويكشف الشريك المؤسس أنّ "مِدي" يمكن أن تستفيد من الإعلانات كموردٍ إضافيّ للمال، كما تريد أن تصبح منصّةً لإدارة العيادات مع إضافة نظامٍ للحجز عبر الموقع يستفيد منه الطبيب والمريض.

أمّا عملية التسويق فتجري عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتواصل مباشرة مع الأطباء، "كما نعمل كثيراً على تحسين امتثال محرّكات البحث SEO بشكلٍ مستمرّ".

وكون "أكثر من 60% من مستخدمي الموقع يتصفّحون الموقع عبر هواتف ’آي فون‘"، سيطلق الفريق تطبيقاً لنظام "آي أو إس" نهاية هذا الشهر يشتمل على خدمات المنصّة إضافةً إلى خصائص الموقع الجغرافي مثل البحث عن أقرب طبيب أو عيادة أو مستشفى.

موقع طبّي باللغة العربية: هذا ليس سهلاً

لم يأتِ هذا النجاح بهذه السهولة، فاللغة العربية ليست مثاليةً فيما يتعلّق بالبرمجة ناهيك عن المهمّة الشاقّة في ترجمة المصطلحات الطبّية.

تكمن الصعوبة من الناحية التقنية في توجيه النصوص وواجهة الاستخدام من اليمين إلى اليسار، كما يصعب إيجاد مبرمجٍ محترف يتحدّث العربية. ولكن لحسن الحظّ ، فإنّ الخنجي الذي يشرف على تطوير المنصّة يتقن العربية، وقد بذل جهداً كبيراً لتحسين الامتثال لمحرّكات البحث SEO بهذه اللغة، كما تولّى ترجمة المحتوى بمساعدة الدكتور زينل، ريثما يتمّ توظيف شخصٍ يؤدّي هذه المهمّة.

المشكلة العملية الأخرى هي ترجمة تعليقات المرضى التي تُعتبَر أساساً في عمل المنصّة، غير أنّ الفريق قرّر ترك التعليقات القديمة بالإنجليزية كما هي لكي لا تفقد قيمتها بعد الترجمة. وبالرغم من تخوّفهم من عدم ترك العرب لتعليقاتٍ على المنصّة، تفاجأوا بحصول العكس، وتجاوب الأطبّاء معها.

"لم يكن هناك مواقع عربية منتشرة انطلاقاً من قطر، ولكن أصبحنا نحن كذلك"، وفقاً للخنجي الذي يعزي سبب إطلاق منصةٍ عربية إلى "قدرة الزوّار على فهم المصطلحات أكثر بلغتهم الأم".

وبالنسبة إلى البيئة الحاضنة في قطر والمنطقة ككلّ، يؤكّد المدير التقني على وجود تحدّياتٍ كثيرة من حيث العثور على مستثمرٍ أو استثمار أو شريكٍ مؤسس أو موظّفٍ مناسب، إضافةً إلى المجتمع الذي يريدك أن تصبح موظّفاً. "ولكن بعد عملية الاستحواذ على ’طلبات‘ Talabat بدأت الأمور تتغيّر في الخليج؛ ونحن حالياً في صدد جمع المال للجولة الأولى Series A".

حارث أغادي (إلى اليمين) وعبدالله الخنجي يتسلمان جائزة "سيد ستارز". (الصورة من صفحة "مِدي" على "فايسبوك")

"مِدي" ليست الأوّلى من نوعها في المنطقة، إذ باتت تنتشر منصّات كثيرة تقدّم خدمات الرعاية الصحّية بالإنجليزية أو باللغتين. ومنها "دكتورنا" Doctoruna في دبي، التي تمكّن المستخدمين من البحث عن طبيب أو مستشفى وحجز موعد. وهناك أيضاً "ويب طب" و"الطبي" اللتَين تقدّمان معلوماتٍ طبّية للاستهلاك، وموقع "إي طب" الذي يمكّن المستخدِمين من طرح أسئلةٍ على الأطباء عبر الإنترنت.

إلّا أنّ ذلك قد لا يؤثّر على "مِدي" بشكلٍ مباشر، لأنّها تنافس في ملعبها وسوقها المحلّية حيث "لا يوجد منصّات تمتلك هذه المعلومات التفصيلية عن الأطبّاء في قطر"، بحسب الخنجي.

وكانت "مِدي" قد فازَت بجائزة "أفضل شركة ناشئة في قطر في مجال تكنولوجيا المعلومات" من وزارة الاتصالات و المواصلات؛ والمركز الأول في "سيد ستارز" الخليج Seedstars GCC 2016، وأفضل شركة ناشئة في العالم في "ملتقى رواد الأعمال بدول مجلس التعاون الخليجي" Entrepreneurial forum في البحرين؛ والمركز الأول في مسابقة عرض الشركات الناشئة من "عرب نت" الكويت.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.