English

تحديات موقع تجارة إلكترونية يعتمد على استثمار عائلي

English

تحديات موقع تجارة إلكترونية يعتمد على استثمار عائلي

فيما يشهد قطاع التجارة الإلكترونية في المنطقة شعبية كبيرة يومًا بعد يوم، يتجه الكثير من تجار التجزئة إلى عالم الإنترنت ليطلقوا مواقع تجارة إلكترونية خاصة بهم. "ريتش إنترناشونال" Reach International هي شركة تجارة بالتجزئة ووكالة إعلامية، تتمتع بخيرة عشر سنوات في الخليج ولبنان، وقد قرّرت مؤخرًا القيام بالمثل وإطلاق "كزامودا" Cazamoda، وهو موقع تجارة إلكترونية يختصّ بالموضة. 

لعلّ هذه الخطوة التالية أساسية بالنسبة لـ "ريتش إنترناشونال"، التي عملت وما زالت تعمل كتاجر تجزئة على الإنترنت. وقد عمدت خلال عدة سنوات على شراء منتجات من أوروبا وبيعها لمواقع تجارة إلكترونية في المنطقة، منها "سكّر"، "ماركة في آي بي"، و"ديزادو". وهذا العام، ارتأت عبير لزّيق، وهي ابنة أحد مؤسّسي "ريتش إنترناشونال"، أنه من المنطقي أن تطلق هذه الشركة موقعًا يبيع المنتجات الموجودة أصلاً في مستودعها. لذلك، أطلقت موقع "كازامودا" لخدمة دول الخليج. 

لغاية الآن، أكثر المنتجات التي تُباع على الموقع هي الساعات، والعباءات وأكسسورات النساء، بحسب قول لزّيق. ومعظم زبائن الموقع هم من النساء (60%) حتى الآن، ومعظمهم من الإمارات والسعودية.

ماا الذي يميّز هذا الموقع عن غيره؟

ونحن نعلم أنّ كافة مواقع الموضة الإلكترونية تدرج عروضًا على الملابس، والأكسسوارات، والأحذية، والساعات والأجهزة، وهي أيضًا تهتمّ بإرضاء زبائنها واحترام فترات التوصيل. فلم سيفضّل المتسوقون "كزامودا" عن غيره؟  

تعوّل لزّيق على تقديم خدمة زبائن أفضل من المنافسين، الذين قد تلقوا عشرات الملايين من الاستثمارات. وتقول، "ما ينقص في هذه المنطقة هو تجربة من خمس نجوم على الإنترنت، لتلبية حاجات السوق الصحيحة ولفهم ثقافة الزبون".

وبفضل هذا المشروع الجديد، تحاول تجنّب الأخطاء التي وقعت فيها مواقع تجارة إلكترونية أخرى، ومن هذه الأخطاء السماح للزبائن بوضع طلبات كبيرة على الموقع حتى ولو لم يكن المخزون كافيًا، كما شرحت لزّيق.

ولاكتساب ميزة تنافسية، تقوم لزّيق بتسريع عملية توصيل المنتجات، وتعمل مع شركات لوجستية مثل "سكاي نت" SkyNet، "دي آيتش أل" DHL، و"فيد أكس" FedEx، لتوصيل الشحنات خلال 24 ساعة داخل الإمارات وثلاثة أيام عمل في دول الخليج. وهي على ثقة أنّ فترات التوصيل القصيرة هي ما سيميز الموقع عن منافسيه، علمًا أنّ هؤلاء المنافسين قد عملوا على إدارة العمليات اللوجستيات بأنفسهم كي يحسنوا فترات التوصيل لديهم. ومن بين هؤلاء نسمي موقع التجارة الإلكترونية "نمشي" في دبي المدعوم من "روكيت إنترنت"، الذي بدأ في تحسين لوجستياته ليوصل المنتجات خلال يوم واحد، بخاصة بعد تلقيه آخر جولة تمويل بقيمة 13 مليون دولار اميركي

وبهدف تقليص معدلات إرجاع المنتجات، يقوم "كزامودا" بتأمين خدمة الدفع عند التسليم في الإمارات فقط. وهو يقدّم للزبائن خيار الدفع عبر "باي فورت" PayFort، وهو بوابة إلكترونية تقدّم للزبائن إمكانية الدفع عبر بطاقة ائتمان، أو الدفع شخصيًّا أو عبر المحمول. لكن من خلال تأمين خدمة الدفع عند التسليم في الإمارات فقط، ألا يخسر "كزامودا" ميزة تنافسية أمام منافسيه في سوق السعودية، حيث تبلغ نسبة طلب خدمة الدفع عند التسليم بين 70 إلى 80%؟    

وتشرح لزّيق، "بما أن فريقنا صغير، لا نريد أن نواجه مشاكل لوجستية [لها علاقة بالدفع عند التسليم]. ونريد إبقاء الأمور محترفة وتجنّب أية مشاكل مع الزبائن". من الواضح أنّ فريق العمل يحاول تجنّب أية مشاكل خلال أيامه الأولى، بخاصة تلك التي تنجم عن الدفع عند التسليم. لكن، إن أراد دخول السوق السعودية بطريقة جدية، عليه النظر في خيار تأمين الدفع عند التسليم في أسواق أخرى. 

ميزة أخرى يعتقد الموقع أنها تفرّقه عن غيره هي الدقة. وتقول لزّيق، "نقدّم معلومات دقيقة عن كلّ منتج"، وتتابع شارحة أنّ فريق العمل يقوم بالتقاط كافة الصور الموجودة على الموقع بنفسه: "يحصل الزبائن على ما يروه على الموقع بالضبط". غير أنني أعجز عن تفسير كيف أنّ هذا الأمر يميزه عن غيره. لقد عملتُ في موقع تجارة إلكترونية لعامين وإحدى القواعد الذهبية في هذا المجال هي أن نقدّم للزبون بالضبط ما ندرجه على الموقع. وكلّ موقع تجارة إلكترونية بارز في المنطقة له فريق عمل يلتقط الصور بنفسه بخاصة في مجال الموضة.  

هل الحدّ من النفقات خيار أم واقع لا بدّ منه؟ 

بعد أن نجح في جذب 16 ألف مسجّل على الموقع، يخطو "كزامودا" خطواته بتأنٍّ وبطء، ويستفيد من الاستثمار العائلي الذي تلقاه من دون إنفاقه بكثرة على التسويق.   

وتقول لزّيق، "المنافسة قوية للغاية، وباقي مواقع التجارة الإلكترونية تنفق بجنون. وبما أننا شركة ناشئة جديدة، لا أظنّ أن الانفاق بكثرة أمر صحي". 

لكنّ "كزامودا" يستفيد من نجاح منافسيه، إذ أنّ "ريتش إنترناشونال" تبيع لمواقع تجارة إلكترونية أخرى، والعائدات التي ينتجها هذا البيع يستفيد منها "كزامودا". لكن ما وجدتُه متناقضًا هو تصريح لزّيق الذي يفيد أنهم لا ينفقون المال بكثرة، علمًا أنهم انتقلوا خلال عام واحد من 3 موظفين إلى 28 موظف. 

لغاية الآن، تسعى لزّيق إلى اتباع نموذج حذر: سيستمرّ فريق  العمل في تحسين الموقع، ثمّ سيبدأ في البحث عن استثمار جديد حين يضيف خصائص اخرى على الموقع واكتساب جمهور أكبر في السوق. 

جزء من هذا الحذر يعود إلى واقع أنّ المنصة تعتمد على تمويل عائلي، بحسب قولها. 

وتشرح "الاستثمار العائلي يحدّك وعليك أن تكون حذرًا جدًّا، فكل قرش يُحتسب. هم يتوقعون [أفراد العائلة] أن تجري الأمور بسرعة، وتنجح فورًا، ودائمًا ما نناقش كزامودا على مائدة الطعام، وكلّ فرد في العائلة يتحدث عنها ويحاول المساعدة. وأكبر تحدٍّ هو برهنة أنّ الشركة ستنتج". 

وهذا النوع من الضغط العائلي يؤثر كثيرًا على قدرة المدراء على التركيز على ما همّ مهمّ، وقد يقودهم إلى اتخاذ القرارات الخاطئة. وتختم لزّيق حديثها قائلة، "لفضلت لو لم يكن الموقع مموَّلاً من العائلة لأنه ثمة الكثير من الضغوطات. نحن نستخدم الكثير من الموارد الداخلية وهذا أمر جيد لكن ليس الخيار الأفضل".

وخلال جولة الاستثمار التالية، سيبحث الموقع عن تمويل من خارج العائلة. حتى الآن، يبدو أنه يتخذ خطوات حذرة، ويضع منصته داخل "فقاعة آمنة" بعيدًا عن كافة المخاطر، التي قد تتعلق باللوجستيات أو التسويق، ليستقطب زبائن أكثر. ومن الجيد أنه يأخذ وقته في تحسين المنصة واكتساب المزيد من الزبائن قبل المتابعة، لكن في قطاع مزدحم مثل قطاع التجارة الإلكترونية، يحتاج "كزامودا" إلى تسريع عجلة الأمور ليستطيع مواجهة المنافسين. لعلّ استثمارًا من خارج العائلة قد يساعد على التحرّر من هذه القيود.

 

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.